دافوس: ظهر الجدل واضحاً في منتدى الاقتصاد العالمي الذي استضافه منتجع دافوس السويسري حول الصناديق السيادية الاستثمارية حيث أظهر عدد من الحضور قلقاً حيال أن تمتلك الحكومات المالكة لتلك الصناديق نفوذاً اقتصادياً وسياسياً على مفاصل القرار في الدول المستقبلة للاستثمارات.

وفيما حرص عدد من السياسيين والاقتصاديين الغربيين خلال المنتدى على إظهار هواجسهم حيال تحرك تلك الصناديق التي تدير مليارات الدولارات، شدد مسؤولون خليجيون على عدم صحة تلك الانتقادات.

فمن جهته، قال بدر السعد، العضو المنتدب لهيئة الاستثمار الكويتية، quot;هناك الكثير من القلق حيال الصناديق الاستثمارية السيادية، لكن الأمر يقتصر على تكهنات لا تقوم على أسس صحيحة.quot;

أما لاري سامرز، وزير الخزينة الأمريكية السابق، فلم يخف قلقه حيال دخول أموال تمتلكها حكومات إلى مرافق دول أجنبية عبر الاستثمار مستغلة الانفتاح الاقتصادي قائلا: quot;السؤال هو: إذا كنا نؤمن بالاقتصاد الحر والسوق المفتوحة أفلا يجدر بنا القلق حيال استثمارات تحمل، وإن بشكل محدود، طابعاً حكوميا.quot;

ويعتقد أن الصناديق السيادية الموجودة في دول الخليج الثرية بالنفط، وكذلك روسيا وسنغافورة والنرويج، ستمتلك بحدود العام 2015 بحدود 12 ترليون دولار.

ويعتبر صندوق quot;تيماسكquot; السيادي الذي تمتلكه سنغافورة، إلى جانب مؤسسة سنغافورة للاستثمار GIC، واحداً من أكبر تلك الصناديق، مع أصول تتجاوز 100 مليار دولار.

وعلى غرار الصناديق التي تديرها دول الخليج، نشطت هذه المؤسسات السنغافورية في عقد الصفقات مع المصارف والمؤسسات المالية الأمريكية التي أرغمتها حاجتها الماسة إلى الأموال، بعد القروض الضخمة التي شطبتها وسجلتها كخسائر إثر أزمة الائتمان العقاري على بيع حصص من أسهمها.

وفي هذا السياق، قال مصرف UBS السويسري في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن GIC السنغافورية استثمرت فيه بقرابة 9.75 مليار دولار، وذلك بعدما أعلنت مجموعة quot;سيتي غروبquot; أنها باعت 4 في المائة من أسهمها إلى GIC أيضاً مقابل 6.9 مليارات دولار.

بينما استحوذ صندوق quot;تيماسكquot; التابع للدول عينها على حصة تقل عن 10 في المائة من quot;ميريل لينشquot; بما بين 4.5 و5 مليارات دولار.

وقال البعض إن تلك الاستثمارات ساعدت على معالجة آثار الأزمة المالية في الولايات المتحدة التي يخشى البعض أن يدخل اقتصادها في حالة من الركود خلال الفترة المقبلة.

وفي هذا السياق، قال محمد الجاسر، نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، quot;لقد كان (لتلك الصناديق) على الدوام دور بارز في تثبيت الأسواق المالية.. ولا أعتقد أن هناك أي مشكلة في تحديد من هي الجهة التي تستثمر وما هو الموقع الذي تستثمر فيه، وعلينا ألا ننظر إلى هذه الصناديق على أنها مصدر خطر.quot;

أما رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، فقد كشف أن الصندوق السيادي الذي تديره دولته الثرية بالغاز، والذي تقدر موجوداته بأكثر من 100 مليار دولار، يعتزم ضخ 15 مليار دولار على شكل استثمارات وعمليات استحواذ في مصارف ومؤسسات مالية أمريكية متعثرة.

ولم تعدم الصناديق السيادية من يدافع عنها من بين المسؤولين الغربيين، حيث قال روبرت كيميت، نائب وزير الخزينة الأمريكية إن بلاده ترحب بهذه الاستثمارات، التي اعتبر أن قراراتها quot;تؤخذ حتى اللحظة على خلفيات اقتصادية وليس سياسية.quot;

وذلك في الوقت الذي لفت فيه آخرون إلى أن تدفق الاستثمارات قد يساعد على رفع سعر الدولار مجدداً.

وكان الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قد أرسل إشارات سلبية نحو الصناديق السيادية، وقال إن حكومته، quot;ستحمي المرتكزات الأساسية للاقتصاد الوطنيquot; بمواجهة تلك المؤسسات، فيما تعهدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بمراقبة الاستثمار الأجنبي في شركات البلاد.

من جهتها، دافعت وزيرة المالية النرويجية، كريستن هالفورسن، عن الصندوق السيادي التابع لبلادها، وقالت إن أسلوب عمله لطالما امتاز بالشفافية، بخلاف سائر الصناديق.

وأشارت الوزيرة النرويجية إلى أن صندوق بلادها يتميز باستثمارات طويلة الأمد، كما تتحدد الخطوة العامة لعمله سنوياً في البرلمان.

يشار إلى أن تلك الصناديق لجأت إلى تجنب الخضوع لقوانين الشفافية المطبقة على المساهمين في الولايات المتحدة، وذلك من خلال حرصها على الاستحواذ على حصص محدودة في الشركات الأمريكية.