الاسوأ لم يأت بعد.. و70 الف شقة اضافية في السوق عام 2009
البعض يريد ترك دبي.. لأنه يعتقد انها في ازمة!

زيد بنيامين من دبي: سيبات، مستثمر تركي يعيش في دبي، تناول بيديه صحيفة الغولف نيوز الاماراتية الانجليزية الصادرة في دبي، ويشير الى اعلانات نشرتها في ملحقها الخاص بالعقارات، ليقرأ quot;مباشرة من المالكquot;، وهو يتذكر انه قبل فترة قصيرة كان يشتري خمسة وحدات سكنية في اليوم الواحد، ويبيعها في اليوم التالي بربح يصل الى 5%، لكن الامور اليوم تغيرت تماماً كما تنقل عنه (بلومبورغ).يقول سيبت (52 عاماً) ان السوق quot;تعيش حالة من الهلعquot;، ويرفض ان يقدم اسمه كاملاً خصوصا وانه يريد بيع نحو 60 وحدة سكنية مازال يمتلكها. الازمة المالية العالمية تركت اثاراً كبيرة على دبي، التي كانت تعيش طفرة عقارية غير مسبوقة قبل ازمة الائتمان، وهي الازمة وصلت اثارها المنطقة وصاحبتها تراجعات كبيرة في اسعار النفط، الامر الذي اسفر عنه تراجع شهية المستثمرين في العالم عن الشراء.

ويعتقد ان هدف دبي في بناء اقتصاد يحولها الى مركز مالي في الشرق الاوسط والى قبلة للسياح، يبعدها عن الاعتماد على النفط، قد تأثر كثيراً بسبب الازمة المالية العالمية. يقول كرستوفر دافيدسون مؤلف احد الكتب التي صدرت عن دبي ونجاحها، ان الامارة تمر quot;بأخطر مرحلة في تاريخها حتى الانquot;، مضيفاً quot;اذا انهارت صناعة القطاع العقاري في دبي، فأنها ستنتهي، كما سنتهي حكمها الذاتي والاعتماد على نفسها الى نهاية مفاجئةquot;، ودافيدسون هو استاذ الشؤون الشرق اوسطية في جامعة دورهام في المملكة المتحدة.

وبحسب تقرير صدر اخيراً عن (اي اف جي هيرمس القابضة) المصرية فأن اسعار العقارات في دبي قد تراجعت بنحو 20% في وقت اعلنت فيه شركة نخيل العقارية المملوكة لحكومة دبي في الثلاثين من نوفمبر الماضي انها ستوخر اعمال البناء في عدد من مشاريعها التي تصل قيمتها اجمالاً الى 30 مليار دولار من بينها برج ترامب الدولي المكون من 62 طابقاً.

يقول مايكل بايار الشريك المؤسس لبايار كابيتال بارتنر بأن دبي quot;لن تكون بمنأى عن الاحداث العالمية في مثل هذا التراجع البغيض الذي نراه الانquot; مضيفاً quot; اعتقد الطفرة العقارية قد انتهت في الوقت الحاليquot;. في نفس الوقت، تزداد التكهنات بان امارة دبي بحاجة الى مساعدة ابوظبي من اجل التعامل مع ديونها بحسب تقرير (مودي انفستور سيرفس)، الذي يقول ان دبي اقترضت نحو 80 مليار دولار من اجل دعم تحولها عن النفط، الذي تملك منه القليل وتصل مخروناته لديها الى نحو 4 مليارات برميل، بالمقارنة مع ابوظبي التي تملك مخزوناً يصل الى 92.2 مليار برميل.

في المقابل يرى مسؤولوا دبي انهم قادرون على التعامل مع العاصفة، وابرزهم محمد العبار رئيس مجلس ادارة اعمار ورئيس المجلس الاستشاري المعين من قبل حاكم الامارة، للتعامل مع الازمة والذي اكد في كلمة له في الرابع والعشرين من نوفمبر ان ما يجري يعتبر من نتائج الازمة المالية العالمية وان دبي في كل الاحوال تستيطع ان تفي بديونها. باير يقول انه متفائل بأن الازدهار سوف يعود في حال اتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات الصحيحة، quot;سيكون هناك تسريحات في العمال، سيكون لديهم تعديلات في اسعار الاصول، وربما سيكون هناك حذر اكثر في الاجراءات المحاسبيةquot;.

بقيادة الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم حاكم دبي، نجحت الامارة في جذب المستثمرين اليها مع عدم وجود ضرائب مفروضة، والتعامل مع نظام المناطق الحرة وهو ما نجح في تحويل دبي الى ميناء المستثمرين اللاهثين للاستفادة من ثروات منطقة الخليج الناتجة عن اسعار النفط. وخلال الخمس سنوات الماضية، قفزت اسعار العقارات بشكل غير مسبوق، مدعومة بمحدودية العرض ووجود عدد كبير من الوافدين، وهو ما تسبب في رفع نسبة التضخم الى نحو 11.1% العام الماضي، وقد فتحت دبي قطاعها العقاري امام الاجانب عام 2002، يضاف الى ذلك وجود نظام تمويل يصل الى 90% من قيمة العقارات المنتشرة في المناطق المهمة في الامارة، جعل من السهل المضاربة بالعقارات.

لكن الامور تغيرت الان حيث تراجعت اسعار النفط من 147 دولاراً للبرميل في يوليو الماضي الى 47 دولاراً قبل ايام من الان، اي بنسبة تراجع وصلت الى 68%، وهو ما يعني عدم وجود رغبة في شراء منزل ثالث او رابع في الامارات، بحسب غاربيل ستين المدير التنفيذي للمبارد ستريت ريسيرتش التي تتخذ من لندن مقراً لها والتي تقدم تحليلات اقتصادية مضيفاً quot;ان فرضية (البناء الآن وستجد المشترين فيما بعد) قد بدأت تتحول الى خطأquot;.

وفي ظل قيام العديد من البنوك بتقوية شروط منحها للقروض، وقيام شركات مثل املاك للتمويل بايقاف منح قروض المنازل الجديدة، وتوقف شركات اخرى مثل لويدز جروب عن منح قروض لشراء الشقق في دبي اعتباراً من 11 نوفمبر الماضي، وتقليص القروض الممنوحة للفلل الى نحو 50% بدلاً من 80% وهي النسبة المعمول بها سابقاً، فأن شهية الشراء لها العديد من العوامل الآن لتتراجع.

سعر الفيلا على نخلة جميرا تراجع الى 19 مليون درهم (5.2 مليون دولار) خلال الشهر الماضي، من سعرها السابق والبالغ 30 مليون درهم في سبتمبر، وفقاً لشركة اينجل اند فولكيرز العقارية الالمانية، في الوقت الذي احتفلت نخيل وشريكها الجنوب افريقي بافتتاح منتجع اتلانتس في حفل تكلف نحو 20 مليون دولار لمشروع وصلت قيمته الى نحو 1.5 مليار دولار، حيث قدم خلال الحفل اكبر عرض للالعاب النارية في العالم، وبمشاركة عدد من مشاهير هوليوود، ابرزهم المغنية الاسترالية كيلي مينوغ، التي قدمت وصلة الحفل الرئيسية، في حين تبلغ تكلفة النوم لليلة واحدة في احد اجنحة الفندق الرئيسية نحو 42 الف دولار (154 الف درهم).

بعد يومين من الافتتاح اعلنت كل من املاك وتمويل الاندماج لاطلاق بنك التنمية الاماراتي الى جانب عدد من المؤسسات المالية الاخرى. ارتور كارليليان وهو مستثمر روسي يبلغ من العمر ثلاثين عاماً ويركب سيارته البنتلي قدم الى دبي قبل ثلاثة اعوام للهروب من شتاء موسكو البارد، قرر بيع اربع شقق يملكها من اجل انقاذ اعمال العائلة في روسيا، شققه الاربعة مازالت معروضة في السوق منذ شهرين دون ان تجد مشتر لها وهو يقول quot;مع كل اموال النفط في المنطقة، كنت اعتقد ان السوق العقاري في دبي سيكون امناً من المشاكلquot; ويضيف وهو جالس على احد شواطئ دبي quot;يبدو ان الكل لايحصلون على الاموال اللازمةquot;.

لكن هناك من يقول ان الاسوء في الطريق الى اسواق المنطقة، هناك نحو 70 الف وحدة سكنية في طريقها الى السوق عام 2009 نصف عددها كان يجب ان ينتهي العمل به في النصف الثاني من العام 2008 وفق تقرير سبتمبر الصادر من شركة هيرمس. الحصول على مشترين يقومون بالشراء قبل بدأ العمل في المشاريع يبدو حلماً اليوم، فقد ساهمت المشتريات على الخريطة في صناعة الطفرة العقارية حيث تمر بعض الوحدات السكنية بالعديد من المشترين والبائعين قبل ان تستقر بيد مستخدمها النهائين وقد تراجعات اسعار الوحدات السكنية التي تشترى على الخريطة بنحو 20% ايضاً بحسب بعض المطورين.

يقول ايكارز ورتس الاقتصادي الرئيسي في جولف ريسترتش سنتر ان quot;المضاربين شكلوا نحو 50% من السوق، وقد اختفوا اليومquot; منهم سيبات التركي الذي يقول انه سيغادر دبي بعد ان استقر فيها 12 عاماً quot;سارحل عنها ان لم تتحسن الاحوالquot;.

لمراسلة الكاتب: [email protected]
مواضيع سابقة للكاتب: http://www.elaphblog.com/zaidbenjamin