من 100 مليون إلى 3 مليار دولار
تفجيرات بغداد تنعش اقتصاديات الأردن !

ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف: عندما علم quot;علي حسين الحسونةquot; أنه قد تم إطلاق النار على عائلته قرر ألا يبقى في بغداد. وفعل مثلما فعل الآلاف من العراقيين في عام 2005 ، حيث إنتقل إلى العاصمة الأردنية quot;عمانquot; وقد استغل لاعب كرة السلة السابق الذي تعلم في اكسفورد فرصة انتقاله وأحيا حماسه القديم لإدارة الأعمال والمشاريع الخاصة. حيث وضع مبلغ 50 ألف دينار أردني ( حوالي 70 الف دولار أمريكي) في مجال استثمار شخصي . وقد ازدهر عمل النجم quot;الحسونةquot; حيث أنه شارك مستثمر أردني من أجل افتتاح محلا تجاريا أكبر من أجل تقديم خدمات الإنترنت ومساعدات التسوق عبر الإنترنت.

وعلى الرغم من تركيز وسائل الإعلام على مأزق العراقيين المهجرين، فإن هؤلاء هم جزء من القصة بكاملها. فبالنسبة للعراقيين الآخرين فإن الأمن في الأردن والبنية التحتية والمناخ الإستثماري قد أتاحت لهم فرصة الاستثمار وفرص الحياة الآمنة قبل ذلك.

والمسح الكمي للعراقيين الموجودين في الأردن، والذي تم اجراؤه في منتصف عام 2007 بالتعاون ما بين منظمة فافو النرويجية الأهلية والحكومة الأردنية، قد أظهر أن الأردن يستضيف أقل من 250 ألف عراقي. حيث ذكر العديد من العراقيين الذين شملهم المسح بأن معهم اقامات سارية في الأردن مما يعني أنه من حقهم الإقامة بشكل شرعي في الأردن، مما يجعل الأمر سهلا عليهم في أن يجدوا عملا. وفي ظل نظام اقتصادي ينمو بصعوبة، تلعب الأموال العراقية والأيدي العاملة والاستثمار العراقي دورا لا بأس به في الحفاظ على الاقتصاد الأردني قويا وسط الهبوط الاقتصادي العالمي.

ويقول عاصم حسين، مساعد رئيس البنك الدولي، قسم الشرق الأوسط ووسط آسيا: إن الاقتصاد الأردني يزدهر بخاصة في ظل العولمية. ومن أسباب هذا الإزدهار تأثير التمويل الخارجي والإستثمارات كما يقول رجال الإقتصاد. حيث زادت الإستثمارات الخارجية في الأردن من أقل من 100 مليون دولار أميركي في منتصف عام 2002 إلى أكثر من 3 مليار دولار أميركي في عام 2006 وفق ما جاء في إحصائيات البنك الدولي. وقد كان هذا إلى جانب الاستثمار الخارجي في سوق البورصة، عاملا أساسيا في سد العجز المالي الكبير في الأردن وتكوين احتياطيات من النقد.

وعلى الرغم من أن تلك الإستثمارات تأتي من دول الخليج العربي، فإن اللاجئين العراقيين الذين فروا من العراق بالكثير من مدخراتهم ، يلعبون دورا أيضا في الاستثمار في الأردن كما قال مساعد رئيس البنك الدولي. وتذهب بعض تلك الأموال في مشاريع صغيرة مثل محل حسونة، و المقاهي ومعارض الفن التي افتتحها اللاجئون العراقيون في الأماكن التي يقيمون فيها.

هناك مثلاً مازن عياس الذي يعيش في الأردن منذ عام 1990. حيث أنه قام بنقل عمله من بغداد إلى الأردن أثناء حرب الخليج الأولى، حيث قضى سنوات الحصار على العراق يعمل في تهريب قطع غيار السيارات إلى العراق عن طريق البحر، متخفيا من مفتشي الأمم المتحدة. وقد خطط للعودة إلى بغداد بعد أن غزت الولايات المتحدة العراق عام 2003، عندما أعلن قائد قوات التحالف بول بريمر أن العراق مفتوح للمشاريع والإستثمارات. ولكن الوضع الأمني المتدهور ونقص البنية التحتية في العراق جعلته يغير رأيه وحول خططه الإستثمارية إلى الأردن.

وفي عام 2008، وفي منطقة صناعية خارج عمان، وضع quot;عباسquot; حجر الأساس لواحد من أول مصانع تصنيع السيارات في المنطقة. وحتى الآن جمع حوالي 31 مليون دولار أميركي من مستثمرين أجانب ومحليين كما ذكر هو. ويقول عياس إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها فإن خط تجميع المحركات سوف يعمل خلال عام ويكون جاهزا للإنتقال إلى مرحلة التصنيع المحلي الكامل بحلول عام 2013 .

ولكن كل تلك الإستثمارات الجديدة لن تكون كافية لإنقاذ الأردن من الهبوط العالمي في الإقتصاد. حيث علق بيتي مور، الذي يعمل في مجال العلوم السياسية في جامعة كاس ويسترن في كليفلاند والمتخصص في اقتصاديات الحروب: إن الأردن يمتلك دوما اقتصادا منتعشا ومزدهرا. فأي أزمة في المنطقة تؤدي إلى توسع اقتصادي في الأردن ولكن هذا الإنتعاش يستمر طالما استمرت تلك الأزمات في المنطقة.

ويشكو الخبراء المحليون من أن الإنتاجية والنمو الاقتصادي لا يتزايدان بمعدل يساوي الإستثمارات الخارجية. حيث كتب أحد القياديين الاقتصاديين في الأردن وهو يوسف منصور مؤخرا في صحيفة جوردان تايمز بأن المشكلة ربما تكمن في التضخم أو الإستثمارات غير الإنتاجية أو كليهما. ولكي يظل الأردن مزدهرا ومنتعشا اقتصاديا، فإنه في حاجة إلى نمو الصناعات التي تحافظ على تواجد العمالة الماهرة داخل الأردن.

ويقول سكوت لاسينسكي، الباحث في معهد الولايات المتحدة للسلام: سيظل الأردن مزدهرا طالما ظلت بغدادا غير آمنة، وسوف تنتعش عمان وتستفيد كثيرا من ذلك.


المصدر: صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية