رانيا تادرس من عمان: كشفت دراسة أجراها مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية أن الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني إضمحلت وتراجعت بصورة لافتة، وإنزلق بعض من فئاتها نحو الطبقة الفقيرة والمشي في درب الفقر وحرمانه.
ونوه التقرير بأن فئة منها كان حظها أوفر وتمكنت من الصعود إلى طبقة الأغنياء، والمضي قدمًا نحو الرفاهية وجني المزيد من المال وهذا طبعًا يرجع إلى عدم المساواة في توزيع الدخل بحكم الغلاء وزيادة التضخم، على الرغم من سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ عام 1989.
ووفقًا للدراسة، فقد إنحصرت الطبقة الوسطى في الأردن بالعمال الحرفيين الذين يعملون لحسابهم الخاص، ذوي الدخل القليل وتمتد لتشمل المهنيين، إلى جانب المدراء ذوي الرواتب العالية.
وتشير الباحثة المساعدة في إعداد الدراسة من مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية ياسمين الطباع لـquot;إيلافquot;، إلى أن quot;دراسة النمو الاقتصادي وآليات تكيف الطبقة الوسطى في الأردن من عام 2002 إلى 2006 تهدف إلى تقصي آثار الإصلاح الهيكلي والاقتصادي من منظور الدخل وإنفاق الأسر الأردنية بحسب مسح قامت به دائرة الإحصاءات في المملكة quot;.
وأضافت quot; كانت لدينا صعوبة في الطبقة الوسطى في الأردن، خصوصًا في ظل صعوبة تعريفها، خاصةً أنها ليست فئة اقتصادية، بل تمثل مفهومًا فضفاضًا يتم تحديده من خلال المهنة، ومستوى التعليم، والمؤهلات العلمية والقيم والمعايير، وهذا يعني أن الانتماء إلى الطبقة الوسطى يعتبر أسلوب حياة وتحديدا للهوية الثقافية quot;.
وقسمت الدراسة الطبقة الوسطى في الأردن إلى عشر مجموعات استهلاكية حسب إنفاقها الأسري، بحسب الطباع. وقالت quot;لوحظ تغيير في توزيع الأسر حيث انخفض عدد العائلات في أغنى مجموعات عشرية بين الأعوام 2002الى 2006quot;.
وأظهرت دراسة مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، زيادة العائلات الأردنية الفقيرة، معتبرةً أن مجموعات الاستهلاك المتوسطة هي الأكثر تضررا جراء انخفاض الأجور، وأصبحت تلك المجموعات تعتمد بصورة أكبر على مصادر دخل مثل التحويلات المالية للمغتربين والتوظيف الذاتي، وقد يكون صعوبة تحديد الطبقات الوسطى دلالة على تراجع مكانتها، حيث أصبحت العديد من الأسر التي كانت في السابق تنتمي إلى الطبقة الوسطى إما جزءا من الطبقة المتدنية الدخل، أو من الطبقات ذات الدخل المرتفع quot;.
وأضافت الطباع أن quot;الهدف من الدراسة تحديد الطبقات الوسطى في الأردن وكيف تأثر مستوى معيشتهم وحصتهم من نمو الناتج المحلي الإجمالي quot; .
ولم تخف الطباع أن quot;مهمة تحديد وجود طبقة وسطى في الأردن من الناحية المنهجية كان لأسباب quot;غموض الطبقة الوسطى كفئة، وكذلك بسبب صعوبة توظيف تعريفات الطبقات التي صاغها علماء الغرب في سياق البيئة غير الغربية وغير الصناعية، إضافة إلى عدم كفاية البيانات المتاحة لتطبيق تلك المفاهيم.
وتشير الطباع إلى أن quot; النتائج الرئيسة أظهرت أن توزيع الدخل غير متماثل بصورة عامة في الأردن، حيث تبين انه على الرغم من تحقيق نمو اقتصادي في الأردن بمتوسط سنوي يبلغ 6في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، لم يتم تحقيق تقدم ومساواة في توزيع الدخل quot;.
واستندت الدراسة بحسب الطباع، إلى عدة محددات نظرية لتعريف الطبقة الوسطى من خلالها، حيث تم الأخذفيالاعتبار الإصلاح الاقتصادي في الأردن عام 1989, والتغيرات الناتجة منه في العقد الاجتماعي.
وقالت quot;هذا المحدد كشف بصراحة عدم المساواة في الدخل مما نجم عنه تفاقم مشكلة سوء توزيع الدخل في العقد الجديد، نتيجة لإلغاء بعض المنافع الاجتماعية والإعانات لعدد كبير من السكان الأردنيين، وإتباع نظام ضريبي غير تصاعدي، وتقليل فرص العمل quot;.
وتلخص الطباع نتائج الدراسة إلى أن الطبقة الوسطى في الأردن تنحصر بالعمال الحرفيين الذين يعملون لحسابهم الخاص، ذوي الدخول القليلة وتمتد لتشمل المهنيين، إلى جانب المدراء ذوي الرواتب العالية، quot;وتتابع quot;لكن كانت هناك صعوبة في ايجاد محددات الطبقات الوسطى والعليا والطبقات البرجوازية الصغيرة مما يدل على تراجع مكانتها، وضياعها إما إنضمامها للطبقات الفقيرة، أو الطبقات العليا quot;.
وركزت الدراسة كما تذكر الطباع على quot; أنماط الاستهلاك الأسري المتغيرة من اجل تقييم المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وأظهرت النتائج أن quot;الإنفاق على الطعام كنسبة مئوية من أجمالي الإنفاق انخفض بالنسبة إلى جميع المجموعات التي درست، لكن في المقابل شهد الإنفاق على الملابس نسبة أعلىquot;.
وكشفت الدراسة كما تشير الطباع إلى أنه quot; لم يعد الاعتماد على الوظيفة كمصدر دخل عند المجموعات العشر عينة الدراسة لان الأجور غير كافية ، بل وأظهرت الدراسات أن بعض هذه المجموعات باعت من أصولها وممتلكاتها لتغطية تكاليف الحياة ،وكما أنها quot; باتت تبحث عن مصادر دخل أضافية quot; .
لكن بند الإنفاق على التعليم اظهر من خلال الدراسة كما تقول الطباع انه quot; بدل من أن يحدث حراك اجتماعي، خلق حالة جمود في تركيب الطبقات في المجتمع حيث كشفت عن أن التعليم في الأردن مقسم بين طبقات عبر التعليم الحكومي أو التعليم الخاص للنخب، ما يستدعي تحسين نوعية التعليم الحكومي من اجل زيادة فرص الحراك الاجتماعي والتصدي للأجيال quot;.
وبخصوص الجهود المبذولة لمكافحة الفقر منذ أزمة 1989 تؤكد الطباع أن quot;الجهود المبذولة بهذا الباب لا تزال ضئيلة حيث إن تفاوت الدخول لا يزال مشكلة قائمة في الأردنquot;.
وأوصت الدراسة كما تشير الطباع إلى quot; وضع إستراتيجية تنمية تسعى للجمع بين النمو الاقتصادي وسياسات الحد من عدم المساواة من خلال سياسات الضرائب التصاعدية، وإيجاد الوظائف وسياسات الحد الأدنى للأجور وحماية العمال، وتعزيز الرأسمال البشري.
وتقر الطباع إن quot; محدودية البيانات المتوفرة جعلت من الصعب فرض تعريف للطبقة الوسطى خصوصا أنه لا تعريف واضح لها داخل مجتمع صناعي، وتطبيقه على مجتمع غير صناعي quot;.
وتعتقد أنها quot; يجب العمل على تحسين نوعية مسوحات الأسرة، وكذلك ضرورة تطوير نظرية عن الطبقات تتوافق مع التركيب الطبقي في الأردن على أساس الواقع المحليquot;.
- آخر تحديث :
التعليقات