حوار - حسن محني الشهري
كشف المهندس عبدالعزيز بن محمد الحقيل رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، أن المؤسسة انتهت من دراسة العروض المقدمة لتنفيذ مشروع الجسر البري الذي سيربط مناطق المملكة بالسكك الحديدية.
وقال: سنعلن قريباً عن اسم المستثمر الفائز بتنفيذ وتشغيل هذا المشروع الجديد، إضافة إلى الشبكة القائمة، حيث ستؤول أملاك المؤسسة وموظفيها إلى المشغل الجديد.
وأضاف: بالنسبة لمشروع قطاع الحرمين، فإن تسليم وثائق عروض الأعمال المدنية للائتلافات المؤهلة سيكون في شهر أكتوبر المقبل.
وأوضح الحقيل أن المملكة مقبلة على نهضة في قطاع السكك الحديدية، إذ هناك العديد من المشاريع التي من أبرزها الجسر البري السعودي، ومشروع قطار الحرمين، إضافة إلى أنه يتم حالياً دراسة جدوى إنشاء خطوط حديدية في المنطقة الجنوبية.
وذكر الحقيل أن المؤسسة تعمل حالياً على تأهيل الخط الحديدي الحالي بين المنطقة الوسطى والشرقية ليكون جاهزاً لتسيير قطارات عليه بسرعات عالية تصل إلى 200كيلو متر في الساعة، إضافة إلى أنها تعمل حالياً على إنشاء معابر للسيارات ونقل المسارح خارج النطاق العمراني ببعض المدن وتعزيز مستويات السلامة وتعديل بعض المنحنيات.
الرياض كان لها هذا الحوار مع المهندس عبدالعزيز بن محمد الحقيل رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وهذا نصه:


* المشاريع العملاقة المنتظرة للسكك الحديدية في المملكة والمقرر لها أن يكون عام 2013عام بداية الانجازات هل تحدثنا عنها وكيف تسير الأمور؟

- تستعد المملكة لإطلاق أضخم مشروع من نوعه لربط مناطق المملكة وأقاليمها بشبكة خطوط حديدية متطورة ضمن برنامج توسعة شبكة الخطوط الحديدية الذي وافق المجلس الاقتصادي الأعلى في المملكة على تنفيذه، ويهدف الى ربط أقاليم المملكة والتجمعات السكانية والصناعية بالموانئ الرئيسية المهمة في الشرق والغرب، والمشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة بشبكة خطوط حديدية متطورة، ويتكون المشروع من ثلاثة مسارات هي: الجسر البري السعودي، ومشروع قطاع الحرمين، وتتولى المؤسسة العامة للخطوط الحديدية مسؤولية الإشراف على هذين المسارين، كما يتم حالياً دراسة جدوى إنشاء خطوط حديدية في المنطقة الجنوبية وتشمل الدراسة جدوى إنشاء خطين حديدييين يربط الأول الطائف بالجسر البري من جهة ومدينة خميس مشيط من جهة أخرى، بينما يربط الآخر مدينة جدة بجازان، أما المسار الثالث الذي يربط مدينة الرياض بمنطقة الجلاميد شمالاً مروراً بكل من منطقة القصيم وحائل والجوف فيقع تحت إشراف وزارة المالية ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة، وقد تم اعتماد البرنامج التنفيذي لهذه المشاريع من المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد، وصدرت مؤخراً موافقة المقام السامي الكريم على تأسيس الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سارا) التي أبرمت مؤخراً ثلاثة عقود مع عدد من الإئتلافات لتنفيذ هذا المشروع بقيمة إجمالية تجاوزت (7) مليارات ريال. وقد انتهت المؤسسة من دراسة العروض المقدمة لتنفيذ مشروع الجسر البري ومن المنتظر أن يتم الإعلان قريباً عن اسم المستثمر الفائز بتنفيذ وتشغيل هذا المشروع الجديد بالإضافة إلى الشبكة القائمة حيث ستؤول أملاك المؤسسة وموظفوها إلى هذا المشغل الجديد أما مشروع قطار الحرمين فمن المنتظر أن يتم تسليم وثائق عروض الأعمال المدنية للائتلافات المؤهلة في شهر أكتوبر من هذا العام.

* الخطوط الحديدية تعتبر وسيلة النقل الآمنة إلى حد كبير بين وسائل النقل الجوي والبري والبحري.. ومع ذلك يتطلع المسافرون الى وسائل ترفيه وامكانات أكثر من المتاح الآن حيث لا برامج على الرحلات رغم أنها تستمر من 3- 4ساعات؟

- خلال الفترة الماضية سعت المؤسسة إلى دعم اسطولها بعدد من القاطرات والعربات الجديدة التي كانت تستهدف رفع القدرة التشغيلية وتعزيز كفاءة وجاهزية الأسطول لتتمكن من تقديم خدمة متميزة لعملائها ومن بين الاضافات المهمة التي شهدها اسطول المؤسسة تشغيل درجة الرحاب بعد ادخال عربات جديدة مجهزة بوسائل ترفيه ومستوى عال من الخدمة، وتتطلع المؤسسة الى التوسع في هذا المجال لذلك فقد تم مؤخرا توقيع عقد مع شركة اسبانية متخصصة في بناء قطارات الركاب لتأمين خمسة اطقم قطارات تعتبر الأحدث على مستوى العالم حيث تتميز بالرفاهة والفخامة اضافة الى سرعتها الفائقة التي تصل الى أكثر من 180كم/ الساعة، ويتكون الطقم من قاطرة وكابينة قيادة من الأمام والخلف وهو ما يمكن القطار من السير في الاتجاهين دون الحاجة الى مناورة كما في القطارات العادية اضافة الى خمس عربات واحدة لدرجة الرحاب وأخرى لدرجة الطليعة وثلاث عربات لدرجة القافلة وعربة مطعم، ومجهزة بمنظومة متطورة من وسائل السلامة والأمان كما تتميز بتصميم جذاب من الداخل ومقاعد وثيرة وأرضيات عالية الجودة مع وجود شاشات عرض مرئي (تلفزيوني) ونظام سمعي متطور على كل مقعد وشاشات توضح بيانات الرحلة مثل اسم المحطة وجهة السفر والسرعة كما أنها مجهزة لتشغيل خدمة الاتصال اللاسلكي بشبكة الانترنت، وفي موازاة ذلك تعمل المؤسسة حاليا على تأهيل الخط الحديدي ليكون جاهزا لتسيير القطارات عليه بسرعات عالية تصل الى (200) كم/ ساعة، ويأتي ذلك في الوقت الذي تعمل فيه المؤسسة على إنشاء معابر للسيارات والجمال على التقاطعات لخط الركاب وانشاء سياج على جانبي الخط الحديدي وتغيير العوارض الخرسانية وتعديل المنحنيات على الخط الحديدي، ونقل مسار الخط الحديدي الى خارج النطاق العمراني بمدينة الهفوف وهي مشروعات تهدف الى اختصارزمن الرحلة بالقطار بين المنطقتين الشرقية والوسطى وتعزيز مستويات السلامة على الخط الحديدي.

كما يجري حاليا تهيئة جميع العربات بشاشات لعرض الأفلام التعليمية والتوجيهية اثناء الرحلة.

* يمثل مشروع قطار الحرمين أهم المشاريع المنتظرة لخدمة الحجيج والمعتمرين والمواطنين والمقيمين حيث تحظى هاتان المدينتان المقدستان بأكبر تدفق للناس طوال العام.. هل تحدثونا عن هذا المشروع المهم؟

- يمثل مشروع قطار الحرمين أحد العناصر المهمة في برنامج التوسعة الذي أقره المجلس الاقتصادي الأعلى بموجب القرار رقم 23/3وسيوفر المشروع عند اكتماله خدمة سريعة وآمنة وموثوقة لنقل الركاب ويضع المملكة في مصاف الدول التي تقدم خدمة النقل بقطارات الركاب السريعة مما سيكون له بالغ الأثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومع صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى على تنفيذ هذا المشروع بالكامل من قبل الصناديق المتخصصة بتمويل حكومي على أن يتم تسليمه لأحد المشغلين الذين سيقدمون العرض الاقل لطلب الدعم الحكومي، ومن شأن هذا الاسلوب ان يعجل في تنفيذ المشروع وتذليل كافة العقبات التي تعوقه او تؤخر انجازه، ويعتبر مشروع قطار الحرمين ضرورة ملحة في الوقت الحاضر لعدة اعتبارات من أهمها تنامي عدد الحجاج والمعتمرين الذين يتنقلون بين مكة والمدينة عاما بعد عام، حيث يصل عدد الحجاج سنوياً إلى ما يزيد على 2.5مليون حاج، إضافة إلى مليوني معتمر في شهر رمضان، هذا فضلاً عن المعتمرين والزوار من داخل وخارج المملكة الذين يفدون إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة طيلة أشهر السنة. وفي مواسم العطل والإجازات.

* ولا زال السؤال متكرراً.. هل سيكون ربط بين شبكات السكك الحديدية مع الدول المتجاورة؟

- عند اكتمال بناء الشبكة الجديدة ضمن مشروع التوسعة ستكون الفرصة سانحة لإنشاء مشاريع ربط سككي بين المملكة ودول الجوار وهناك اهتمام وتفكير جاد لدى المملكة ودول مجلس التعاون لإنشاء شبكة سكك حديدية تربط بين دول مجلس التعاون الخليجي الست وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان والبحرين والكويت، وقد ظهرت الفكرة إلى الوجود عام 2000، ويتوقع أن يبلغ طول هذه الشبكة حوالي 2000كيلومتر تبدأ من الحدود العراقية الكويتية وتصل إلى عمان مروراً بالمملكة العربية السعودية وقطر، ودول مجلس التعاون الخليجي حريصة على إنجاز هذا المشروع في أقرب وقت ممكن، وقد تم مؤخراً توقيع عقد دراسة المشروع مع أحد المكاتب الاستشارية بعد أن تقدمت له 18شركة تم تأهيل 8شركات ثم 5شركات وأخيراً وقع الاختيار على شركة واحدة، ونتوقع بل نجزم أن شبكة الخطوط الحديدية الموحدة التي ستربط الدول الخليجية الست من الكويت إلى مسقط بخط على امتداد الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية خاصة الموانئ والمناطق الاقتصادية على طول الخليج ستمثل أحد العناصر المهمة للبنية التحتية لشبكة المواصلات التي تربط الدول الأعضاء كما أن هذه الشبكة قد تكون نواة مشروع يربط كافة مدن الشرق الأوسط أسوة بالشبكة الأوروبية التي تصل منذ زمن بعيد معظم بلدان القارة الأوروبية، إضافة إلى وجود تفكير لإعادة وتشغيل خط حديد الحجاز في نفس المسار السابق وربطه مع البنية الضخمة التي تنفذ الآن داخل المملكة في مجال السكك الحديدية، والمشروع يحظى بمتابعة واهتمام من الدول الثلاث المعنية ومن شأنه أن يقدم تسهيلات كبيرة لحجاج هذه الدول بالإضافة إلى الحجاج القادمين من تركيا وإيران والدول الأوروبية والمملكة تعتبر نفسها معنية بشكل كبير بالعمل على خدمة حجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي الشريف. وقد أنجزت المؤسسة العديد من الخطوات المهمة في هذا المشروع بدءاً من عرضه على الشركات والمستثمرين مروراً بإعداد وثائق المشروع التي أنجزت بمشاركة المستشار الفني والقانوني وانتهاءً بتأهيل أربعة ائتلافات سيتم تسليمها وثائق المشروع (الأعمال المدنية) في شهر أكتوبر من هذا العام كما أشرت آنفاً.

* ساهمت السكك الحديدية في النقل الشعبي خلال عقود من الزمن في كل دول العالم.. وفي المملكة كانت تربط بدول أخرى ثم اقتصر الوضع على النقل الداخلي.. كيف تنظرون لذلك التاريخ؟
- يعتبر النقل بالسكك الحديدية من أهم أنماط النقل البري لما يتميز به هذا النوع من قدرة على نقل الكمي والحجمي، وقد اهتمت معظم دول العالم بإنشاء شبكات الخطوط الحديدية والاعتماد عليها كوسيلة للنقل وخدمة المصانع والتجمعات السكانية وقد عرفت البلاد هذا النوع من النقل في فترة مبكرة جداً وبالتحديد قبل مئة عام تقريباً عندما تم بناء خط سكة حديد الحجاز إبان العهد العثماني، وبفضل هذا المشروع استطاع حجاج الشام والأناضول قطع مسافة تصل إلى (1320) كلم من دمشق إلى المدينة المنورة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يوماً، مع العلم أن الوقت الذي كان يستغرقه القطار هو (72) ساعة فقط أما بقية الأيام الخمسة فكانت تضيع في وقوف القطار في المحطات وتغيير القطارات، واستمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات نقلت خلالها التجار والحجاج حتى نشبت الحرب العالمية الأولى وما تلتها من أحداث أدت إلى تخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضباته في عدة أجزاء منه. ومنذ ذلك الوقت بقي الحلم يداعب أجفان الملايين من المسلمين في إعادة بناء مشروع مماثل يسهم في تيسير تدفق الحجاج والزائرين ليتمكنوا من أداء مناسكهم بيسر وسهولة، هذا الحلم تناغم مع الرؤية الصادقة لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي تتطلع لخدمة ضيوف الرحمن وزوار مسجد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وقد توج ذلك بصدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تنفيذ المشروع بتمويل حكومي. وهو ما سيمكن من تسيير قطارات سريعة وحديثة تنقل الحجاج والزوار بين هاتين المدينتين عبر مدينة جدة، ويسهل وصول ملايين الحجاج والمعتمرين الذين يفدون إلى المملكة على مدى العام والذين يأتي معظهم عبر مينائي جدة الجوي والبري.