كامل الشيرازي من الجزائر: بعد 47 سنة من استقلال الجزائر، لا تزال المواقف متباينة وأحياناً متضاربة حول جدوى وفعالية الخيارات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة، منذ تبني السلطات الخيار الاشتراكي في الستينيات، إلى انفتاحها على اقتصاد السوق أواخر الثمانينيات، مروراً بالإصلاحات وسياسة التعديل الهيكلي منذ أوائل التسعينيات، وهي خيارات فرضتها معطيات إقليمية وحسابات سياسية، وانطوت على جوانب إيجابية، وأخرى سلبية. quot;إيلافquot; سعت في هذا الملف إلى تتبع مختلف الأشواط التي قطعها الاقتصاد الجزائري منذ نشوئه، والتدقيق فيها للوقوف عند الاحرازات والتعرّف إلى مواطن الخلل، فالخلاف لم يقتصر على الجوانب التاريخية التي عاشتها الجزائر، بل تعداه أيضاً إلى صراع إيديولوجيات اقتصادية.

محطات فارقة

شهد الاقتصاد الجزائري تطوراً مهماً منذ الخامس من يوليو/تموز 1962 تاريخ استقلال الجزائر، وذلك بحسب احتياجات السكان الذين ما فتئوا يطالبون بتغيير الإطار المعيشي والمطالبة دوماً بالمزيد والجديد للوصول إلى مستوى الرفاهية، غير أن التطور الحقيقي والنقلة المهمة التي شهدها الاقتصاد، تكمن في تخلّص الجزائر قبل ثلاث سنوات من قسم كبير من ديونها الخارجية، وما كان يرافق الأخيرة من ضغوط المؤسسات المالية الدولية.

ويُجمع متخصصون على أنّ الاقتصاد الجزائري قطع أشواطاً كبيرة منذ تحرر الجزائر من قيود الاحتلال الفرنسي (1830 ndash; 1962) الذي رحل عن الجزائر مخلّفاً وراءه اقتصاداً منهكاً من الصعب استدراكه وإعادة بنائه، غير أنّ إرادة الرجال استطاعت أن تخرج الجزائر من محنتها، فتمّ تبني نظام اقتصادي اجتماعي، واستُرجعت الممتلكات والأراضي الزراعية، ومُنحت لمن كافح الاحتلال، كما جرى توفير احتياجات السكان الضرورية، كإنشاء المدارس والمستشفيات وتوفير الماء والكهرباء، وغيرها من الخدمات.

وأعطى الاقتصاد المسير الذي تبلور بوجود إرادة سياسية قوية، نسيجاً صناعياً ومالياً، مكّن الجزائر من العمل وفق المقاييس المقبولة، وذلك ابتداء من السبعينيات، لتشرع السلطات بعدها في البحث عن آراء جديدة ونظام جديد، بناء على التحولات الدولية وعلى التحسن التدريجي للمستوى المعيشي للمواطن، وكذلك المطالب الجديدة للسكان.

لكن منتصف الثمانينيات كانت مرحلة فارقة، حينما اصطدم الاقتصاد الجزائري بمشاكل دولية، بسبب انهيار سعر البترول، الذي ساهم في انهيار الدينار، لتدخل الجزائر في أزمة اقتصادية ثقيلة، أدت إلى فشل مالي واستثماري، وظهور برامج لتفادي الندرة في الغذاء، وتميزت بداية التسعينيات ببروز توجهات جديدة، بدءاً بتغيير نظام التسيير، وصولاً إلى النموذج الاقتصادي المعتمد.

ويمكن القول إن السياسة الاقتصادية الجزائرية، منذ استقلال البلاد، عمدت إلى تحقيق أهداف أساسية، ترتبط بالاكتفاء الذاتي، لتجنب تبعية الاقتصاد المحلي للخارج، وتحقيق التوازن الجهوي، وتطوير الصناعة، والزراعة، وترقية السياحة، وتوفير مناصب العمل، وضمان الأمن الغذائي، بشكل عام.

وكانت هذه الأهداف تعكس نظام الحكم في ظل الاشتراكية المتبّعة آنذاك، وحرصت بالتالي على ضمان حماية الاقتصاد وتأمين المصالح الاقتصادية للبلاد، إلى حد كبير، وهذا أمر لا يمكن بأي حال من الأحوال نكرانه، وكُرِّس في النصوص الأساسية للبلاد، كالميثاق الوطني، ودساتير البلاد، منذ سنة 1963.

التجارب الجزائرية وسياسات السوق

كان صنّاع الثورة الجزائرية يرون أنّه من غير اللائق الانحراف عن المحور الاشتراكي، الذي كان داعماً بقوة للثورة الجزائرية في وجه قوة رأسمالية إمبريالية كانت تستهدف الجزائر وكيانها الحضاري، غير أنّ النهج الاشتراكي الذي أُريد تطبيقه في الجزائر، لم يكن النهج المطبّق عينه في الإتحاد السوفييتي السابق أو يوغوسلافيا المتفككة، بل جرى تطعيمه بالموروث الإسلامي، ومحاولة شرعنته، من خلال تجارب إسلامية، أومن خلال استحضار بواكير إسلامية، والربط بينها وبين الاشتراكية، التي هي ليست نتاجا فكرياً إسلامياً بالتأكيد.

وكانت تلك معضلة تواجه الاقتصاد الجزائري، حيث سيطرت فرنسا على قطاع الطاقة، واستفردت لسنوات عديدة في الاستفادة من الثروات الطبيعية الجزائرية، وكانت الشركات الفرنسية تتولى التنقيب عن النفط وتسويقه. وبدلاً من أن يكون النفط الجزائري في خدمة الشعب الجزائري الذي أنهكته الحقبة الاستعمارية الفرنسية، فقد واصلت فرنسا عملية السلب والنهب، إلى أن قام الرئيس الجزائري الراحل quot;هواري بومدينquot; (1965 ndash; 1978 ) بتأميم النفط.

وكانت الدولة الجزائرية الفتية قد وجدت صعوبات بالغة في إعادة تأهيل البنى التحتية وإعادة الروح إلى القطاعين الزراعي والاقتصادي، رغم أنّ عدد مواطنيها لم يتجاوز حينذاك 12 مليون نسمة، إلاّ أنّ الحكومة وقتئذ وجدت صعوبة في إيجاد حلول منهجية للمشاكل العالقة، علماً أنّه في زمن الاحتلال الفرنسي، كان الأخير يخصّ بالاهتمام المناطق الآهلة بالسكان الفرنسيين، كالجزائر العاصمة ووهران والبليدة وغيرها.

أما القرى النائية والأرياف فكانت محرومة من أبسط أساليب العيش الكريم، كالكهرباء والماء والدواء، وما إلى ذلك من أسباب الحياة الكريمة، ووجدت الدولة الجزائرية الفتية صعوبات في إعادة تأهيل القرى والمناطق الريفية، وبقي وضعها على ما هو عليه، إلى أن تولىّ الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين زمام الحكم، فمنح المزارعين المحرومين بعضاً من اهتمامه.

وأقرّ بومدين إعادة استثمار الأراضي الزراعية التي غادرها المستوطنون الأجانب عن طريق برنامج أطلق عليه quot;الثورة الزراعيةquot;، الأمر الذي حفظ للجزائر مركزها العالمي، ما مكنّها من ارتقاء السلم بسرعة، والتموقع كأهم الدول المنتجة لزيت الزيتون والتين والتمور والفلّين.

بيد أنّ أهم مورد للثروة المحلية ظلّ يتمثل في النفط والغاز الطبيعي، وأهم حقولها بالصحراء الجزائرية حاسي مسعود والعجيلات للنفط وحاسي الرمل وحاسي الطويل للغاز الطبيعي، وأممت الحكومة الجزائرية هذين الموردين الاقتصاديين المهمين في 24 فبراير/شباط سنة 1971، وأنشأت لاستثمارهما شركة سوناطراك، إلى جانب عدد من الشركات الأجنبية، الفرنسية والأميركية، وشيّدت مصنعًا ضخمًا لتكرير النفط، قرب مدينة الجزائر، لتأمين حاجيات البلاد من مشتقاته، ومصنعًا آخر لتمييع الغاز في منطقة أرزيو الغربية.

وواصلت الجزائر تصدير بقية إنتاجها من النفط والغاز الطبيعي خامًا، عبر القنوات التي مُدّت، لتربط حقول الإنتاج بميناءي بجاية الجزائري والصخيرة التونسي، ومثلت تلك الصادرات ثلاثة أرباع الصادرات الجزائرية، ما غطى العجز المسجل باستمرار في الميزان التجاري للبلاد، كما أنشأت الحكومة الجزائرية عددًا من الصناعات التعدينية والتحويلية، في نطاق خططها الإنمائية الخماسية، وعملت على إقامة علاقات اقتصادية مع مختلف بلدان العالم. لكن العلاقة التجارية مع فرنسا بقيت تتصدر القائمة ولا تزال سواء على مستوى التوريد أو التصدير.

وﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ الاشتراكية في ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ، ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﻭﺍﺜﻴﻕ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ آنذاك، تمثلت في ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻐلال الإنسان للإنسان. لكن الأمور سارت بشكل مغاير، إذ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻭﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺘﻜﻭنت ﺒوﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻘﻭيت، ما تحوّل إلى ﺘﻬﺩﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ.

ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻋﺭﻗﻠﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ، ﻭﻤﻨﻊ ﻤﺴﺎﻫﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﻨﺎﺓ، ﻭﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻭﺍﻀﺤﺎً، ﻤﻥ ﺨﻼل إقرار تشريعات وفرض صرامة من نوع أكبر، فشنّ الرئيس الجزائري الأسبق أحمد ﺒﻥ بيلا حرباً ﻋﻠﻰ ﻤﺎ سماها quot;اﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔquot;.

وشنّ ﺤﻤﻠﺔ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻟﺘﺄﻤﻴﻡ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ، ﺤﺘﻰ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﻡ، ﻜﻤﺎ ﺴﺎﺭ خلفه ﺒﻭﻤﺩﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻭﺍل نفسه، حيث ظلت اﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺘﻤﺜل ﺨﻁﺭﺍً محدقاً على ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ، ورُبطت البورجوازية ﺒﺎﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍلإﻗﻁﺎﻋﻴﺔ، ﻜﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻴﺜﺎﻕ العام 1964 ﺒﺄﻥّ quot;ﻫﻨﺎﻙ ﺍختلال ﻜﺒﻴﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ الاشتراكي ﻭ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ، وﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺤﺩ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ الاختلال ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﻴﻥ ﺒﺘﻘﻠﻴﺹ ﺩﻭﺭ ﻭﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹquot;.

ﻭﻨﺹّ ﻤﻴﺜﺎﻕ العام 1976 ﻋﻠﻰ ﺃﻥّquot; ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ الاشتراكي ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻴﺠﺩ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍلإﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﺤﻭل إلى ﻗﻭﺓ ﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻴﺠﺏ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻨﺸﺎﻁﺎﺘﻪ ﺒﺼﻔﺔ ﻻ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺴﺏ ﻗﻭﺓ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﻜﺯ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔquot;.

ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ الاﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﻟﺴﻨﺔ 1963، ﺍﻟﺫﻱ ﻭجّه ﺃﺴﺎﺴﺎً ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎل ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ، قد ﺍﺴﺘﻔﺎﺩ ﻤﻥ ﻤﺯﺍﻴﺎ عدة ﻭﺘﺤﻔﻴﺯﺍﺕ، ﻋﻜﺱ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎل ﺍﻟمحلي، ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻔﺩ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻤﺯﺍﻴﺎ ﻭﺘﺤﻔﻴﺯﺍﺕ، إلاّ في إطار ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻁﺔ، ﻭﺭﻏﻡ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍلاستثمار ﻟﺴﻨﺔ 1966، تمّ ﺍﺴﺘﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻨﺴﺒﻴﺎً، إﻻ ﺃﻥ ﺘﻬﻤﻴﺵ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺩ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻱ ﺒﻘﻲ ﻤﺴﻴﻁﺭﺍً.

ﺤﻴﺙ نصّت التشريعات ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ quot;ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﻭﻴﺔ ﻓﻲ الاقتصاد ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻤﻥ ﻨﺼﻴﺏ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡquot;، كما أُسّست، بأمر ﺭﺌﺎﺴﻲ، ﻟﺠﻨﺔ ﻟﻠﺤﺠﺯ ﻋﻠﻰ ﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ الأشخاص ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻀﺭﻭﻥ ﺒﻤﺼﺎﻟﺢ quot;ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ الاشتراكيةquot;، مثلما أصدرت ﺘﻌﻠﻴﻤﺔ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻟﻠﺒﻨﻭﻙ، ﺘﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﻊ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻤﻥ الاستفادة ﻤﻥ الادخار ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ، ﻓﺄﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻤﻘﺘﺼﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ.

وكان أهم ما يميز النظام المصرفي الجزائري، التبعية المطلقة للنظام الفرنسي، إذ كانت التعاملات كافة تتم من الفرنسيين، ولم تتمكن المؤسسات التي تركها قدامى المستوطنين من مواصلة عملها بسهولة، لعدم حصولها على مصادر تمويل سهلة. هذه الظروف السابقة، جعلت السلطات الجزائرية تجنح إلى بتر كل نشاط مصرفي فرنسي من الجزائر، والقضاء على التبعية للاقتصاد الفرنسي في النشاط المصرفي.

وجرى إقرار خطوات عدة وإجراءات في المجال المصرفي، ومنها، إنشاء خزانة عامة، وبنك مركزي، وذلك بمقتضي القانون رقم 44/62 بتاريخ 13 ديسمبر 1962. وكانت هذه الخطوات بمثابة وسيلة تمكين للمؤسسات الجزائرية من تخطي الأزمة المالية التي واجهتها بعد الاستقلال، ثم استكملت السلطات آنذاك سيادتها، من خلال إصدارها العملة المحلية quot;الدينار الجزائريquot;، الذي أُصدر عام 1964 بقيمة 18 غرام ذهب، وهذه القيمة كانت مساوية لقيمة الفرنك الفرنسي القديم في ذلك الوقت، وكان البنك المركزي المسؤول عن عملية إصدار النقود الوطنية وإدارتها، منذ إنشائه.

ونتيجة تعنّت المؤسسات الأجنبية، صادرت السلطات الجزائرية وأمّمت الكثير من المنشآت المالية والمصرفية، ثمّ أنشأت نظاماً مصرفياً وطنياً يتم الاعتماد عليه، مع الأخذ في الاعتبار أنّ إنشاء البنك المركزي الجزائري لا يعني زوال البنوك الأجنبية، بل ظلت موجودة تمارس نشاطها، ولكن بمنوال ضعيف جداً. وظلت كذلك حتى تأميمها بين عامي 1966 و1967، ومن هذه الخطوة تغيّر النظام المصرفي الجزائري بشكل جذري عن النظام المصرفي المتوارث عن المحتل، لتسترد الجزائر سلطتها على منظومتها المصرفي الخاص بها.


صراع الإيديولوجيات

بسبب صراع الإيديولوجيات، ظلت ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟجزائرية الخاصة ﺍﻟﺘﻲ أُنشئت ﻓﻲ سبعينيات القرن الماضي ﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﻡ، ﻭلم تتجاوز 15ﻋﺎﻤﻼً، ﺤﻴﺙ ﺒيّنت إحصائيات ﺴﻨﺔ1971 ﺃﻥّﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ15 ﻋﺎﻤﻼً قدّر ﺒﺤﻭﺍﻟﻲ 800 ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻓﻘﻁ.

بيد أنّه، ﻤﻨﺫ مطلع ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ، ﺒﺩﺃت السلطات ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭية تتراجع ﻋﻥ ﺨﻴﺎﺭﺍتها ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ، عن طريق توجهها، ﺃﻜﺜﺭ ﻓﺄﻜﺜﺭ، ﻨﺤﻭ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ، ﺍﻟﺫﻱ تكرّس ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻊ ﺘﻁﺒﻴﻕ إجراءات ﺍﻟﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ. ولوحظ تغيير في ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻋﺘﺩﺍلاً، ﻤﻥ ﺨﻼل ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺃﻤﺎﻤﻪ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴﺔ، ﺒﻌﺩما بقي مقصياً منها لفترة طويلة، وما يؤكد ذلك، ما تضمنه ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ الوطني من ﺃﻥّ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐل ﻤﻘﺒﻭل، ﻟﻴﺱ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻅﺭﻓﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻥ ﻻﺨﺘﻴﺎﺭﺍﺕ إيديولوجية.

وتضمّن قانون ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ الصادر ﺴﻨﺔ 1982 إﻗﺭﺍﺭاً ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ إسهام ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﻁﻁ ﺍﻟمحلي ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ إنشاء ﻤﻨﺎﺼﺏ ﺸﻐل، ﻭﺘﻠﺒﻴﺔ ﺤﺎﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ، في إطار خطة ﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﺠﻬﻭﻴﺔ ﻤﺘﻭﺍﺯﻨﺔ، موجهة للمناطق ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺯﻭﻟﺔ، ﻤﻊ ﻤﻨﺢ ﺤﻭﺍﻓﺯ ﻭﻤﺯﺍﻴﺎ ﻤﻌﺘﺒﺭﺓ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ، ﻭﺃﻜﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ، ﻤﻴﺜﺎﻕ 1986، ﺤﻴﺙ ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﺄﻥّ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻻ ﺒﺩّ ﺃﻥ ﻴﻨﺩﻤﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﻁﻁ ﺍﻟمحلي، ﻭﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﺨﻀﻊ ﻟثمة أولويات ﻤﺤﺩﺩﺓ.

ﻴﻼﺤﻅ ﻤﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﺃﻥّ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ الجزائري ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ تلك ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ، ﺃﻗﺭّ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ إسهام ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟمحلية، ﻏﻴﺭ ﺃﻥّ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ إﻻ إقرار ﺒﻌﺩﻡ ﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻜل ﺠوانب اﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴﺔ، ﻭﻓﺸﻠﻪ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ، ﺨﺎﺼﺔ في ما ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺯﻭﻟﺔ.

إضافة إلى ﺍﻟﻨﻘﺎﺌﺹ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻤﺎ ﺃﺠﺒﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ إلى اﻠﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻭالاعتماد ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻲ إطار ﻤﺤﻜﻡ ﺒﺸﻜل ﺩﻗﻴﻕ، ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺒﻘﻰ ﺘﻁﻭﺭﻩ ﺠﺩ ﻤﺤﺩﻭﺩ، ﻭﻻ ﻴﺅﺩﻱ إلى ﺘﻜﻭﻴﻥ ﻁﺒﻘﺔ، ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﻁﺭﺡ ﺒﺩﺍﺌل تهدّد ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ.

وعزا محللون ﻓﺘﺢ ﺍﻟسلطات ﻟﻬﺎﻤﺵ ﺃﻜﺒﺭ أمام إسهام ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ في ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻱ إلى ﻋﺠﺯ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺩﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﻁﻁﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﻭﺘﻔﺎﻗﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻤﻊ الأزمة الاﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻟﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ، غير ﺃﻥّ ﻫﺫﺍ الاﻨﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺩﻭﺭﻩ ﻭﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺎﻁﺎﺘﻪ ﻭﻋﺭﻗﻠﺔ ﺘﻁﻭﺭﻩ.

طور التحولات

ﻋﺠﻠﺕ الأزمة الاقتصادية العالمية ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻤﺴﺎﺭ الاﻨﻔﺘﺎﺡ الاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ في الجزائر، ورافق ذلك الشوط ﺘﻔﺎﻗﻡ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﻤﺩﻴﻭﻨﻴﺔ، ﻭﻠﺠﻭﺀ السلطات إلى إﻋﺎﺩﺓ ﺠﺩﻭﻟﺔ دينها الخارجي، مع ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ.

ﻭﺼﺎﺤﺏ ﺫﻟﻙ ﺘﻘﻭﻴﺔ ﻓﺌﺔ ﺃﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺨﻭﺍﺹ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﺎ، إلى ﺃﻥ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺤﺎﻟﻴﺎ ﻴﻤﺜل 80% ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﺨﺎﻡ ﺨﺎﺭﺝ ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻗﺎﺕ، ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴل ﺍﻟﺘﻲ واجهها.

ﻭﻴﺸﻐل القطاع الخاص ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻋﺎﻤل ﺭﺴﻤﻲ ﻭﺤﻭﺍﻟﻲ مليوني ﻋﺎﻤل ﻏﻴﺭ ﺭﺴﻤﻲ، ﻭﺘﻨﺎﺴﺒﺎً ﻤﻊ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ الاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻷﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل، ﻭﺃﻤﺎﻡ ﺸﻌﻭﺭﻫﻡ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻁﺎﻟﺒﻬﻡ، ﺒﻐﻴﺔ ﺘﺤﻘﻴﻕ الاﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻬﻡ ﻜﺸﺭﻴﻙ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إشراكهم ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺼﻨﻊ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ، ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻤﺢ ﻟﻬﻡ ﺒﺤﻤﺎﻴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﻭﺘﻭﺴﻴﻊ ﻤﻜﺎﺴﺒﻬﻡ.

ووفق هذا المنظور، ﺘﻡ إنشاء ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻭﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺃﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل، مثل: اﻟﻜﻭﻨﻔﺩﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﻷﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل، ﺍﻟﻜﻭﻨﻔﺩﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﻭﻟﻴﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ، ﺍﻟﻜﻭﻨﻔﺩﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻷﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ، ﻜﻭﻨﻔﺩﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﻴﻥ، ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺃﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل.

ﻴﻀﺎﻑ إليها ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺔ2001 إحدى ﺃﻫﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻷﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل، ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺭﺅﺴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ، ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻡ، إضافة إلى ﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺨﻭﺍﺹ، ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻟﻴﻥ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﻴﻥ، ﻭممثلي ﺒﻌﺽ ﺃﻫﻡ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ الأجنبية ﺍﻟﻤﻭﺠوﺩﺓ في اﻟﺠﺯﺍﺌﺭ، ﻜالمجموعة الهندية، ﻤﻴﺘﺎل ﺴﺘﻴل، والمصرية أﻭﺭﺍﺴﻜﻭﻡ ﺘﻴﻠﻴﻜﻭﻡ، إضافة إلى ﻫﻨﻜل، وﺩﺍﻨﻭﻥ وغيرهما.

وألقت ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ بظلالها على المشهد الاقتصادي المحلي، إلى جانب تنامي الشروخ بين المنتجين وﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﻴﻥ، تبعاً لعدم تقاطع مدّ إغراق الأسواق المحلية بالسلع المستوردة، مع ﺨﻠﻕ ﺜﺭﻭﺍﺕ في اﻟﺩﺍﺨل، بما يقلّص ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ إلى الاستيراد.

ورغم سلبيات جمّة، إلاّ أنّ لا أحد ينكر الانجازات المحققة في السنوات الأخيرة على الصعيد الاقتصادي، ومنها تخلّص الجزائر من عبء المديونية، وتصفية مشاكلها العالقة مع البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ونادي باريس، ونادي لندن، وهي خطوات اعتبرها متابعون للشأن الاقتصادي الجزائري بمثابة بداية التحرر الفعلي للاقتصاد من الضغوط الخارجية.

وتوصلّت الجزائر إلى مستوى يمكّنها من ضمان أكثر من ثلاث سنوات من الاستيراد لتغذية مواطنيها وتسيير الاقتصاد، بناء على التكنولوجيات الحديثة، إضافة إلى فتح المجال أمام المصارف الجديدة، لخلق جو من المنافسة النوعية، التي دفعت الشارع المحلي إلى التطلع لآفاق جديدة وقوية، حتى وإن كان الإصلاح لا يزال مستمراً.