كامل الشيرازي من الجزائر:سجلت صادرات الجزائر خلال الربع الأول من العام الجاري تراجعاً محسوساً مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي، حيث بلغت قيمة الصادرات 10.74 مليار دولار مقابل 18.01 مليار دولار السنة المنقضية، ما يمثل نسبة 42.07 %، بينما شهدت الواردات ارتفاعاً، بيد أنّ ذلك لم يؤثر كثيراً على الفائض التجاري إذ قدّر بـ1.32 مليار دولار مقابل 9.99 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الأخير، في بلد يعاني هيمنة المحروقات على حركته الاقتصادية بحدود 98 % من الوعاء التجاري العام.وجاء في تقرير للمركز الجزائري للإعلام الآلي والإحصاءات (حكومي) -تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه -، إنّ الواردات شهدت ارتفاعاً قدرت نسبته بـ10.07 %، حيث قدّرت قيمتها إجمالا بـ9.42 %، فيما بلغت نسبة تغطية الواردات من خلال الصادرات منحنى 114 %، وشكلت الصادرات الخاصة بالمحروقات أساس مبيعات الجزائر نحو الخارج بنسبة 97.27 % من القيمة الإجمالية، وهو تراجع ملحوظ مثلما سلف ذكره.

يجد تفسيره في تدني أسعار البترول إلى حوالي 52 دولاراً للبرميل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، مقابل معدل 110 دولار خلال الفترة عينها من السنة المنصرمة، وتبقى الصادرات خارج المحروقات جد هامشية، إذ لم تتعدّ نسبة 2.73 % من الحجم الإجمالي للصادرات، بقيمة اقتصرت عند حدود 293 مليون دولار، وهي في ذاتها قيمة منخفضة بـ44 %عن الفترة السابقة.وتتشكل أهم المنتجات المصدرة خارج المحروقات من مجموعة المواد quot;نصف المصنعةquot; بنسبة 1.84 % من إجمالي الصادرات -بما يعادل 198 مليون دولار- متبوعة بمجموعة quot;المنتجات الخامquot; بـ 40 مليون دولار، وquot;المواد الغذائيةquot; بـ32 مليون دولار، وquot;التجهيزات الصناعيةquot; بـ 12 مليون دولار، بينما في الشق المتعلق بالواردات، تشير البيانات الرسمية إلى تسجيل ارتفاع بخصوص مجموع المواد باستثناء مجموعة المواد الغذائية التي تراجعت بنسبة 16.37% - 1.65 مليار دولار هذا العام مقابل 1.98 مليار دولار العام الماضي.

في حين مثلت الواردات الموجهة للتجهيزات ما يقارب 45 % من مجموع الواردات، إذ قفزت من 3.45 مليار دولار إلى 4.24 مليار دولار بارتفاع نسبته 22.25 %، كما عرفت المواد الموجهة للإنتاج ارتفاعا قدر بـ13.11 %، أي 2.55 مليار دولار، تماماً مثل مواد الاستهلاك غير الغذائية التي ارتفعت بـ13.90 % أي 975 مليون دولار.ويبرز توزيع الواردات بحسب صيغة التمويل، سيطرة ملحوظة للدفع نقداً الذي يبقى الصيغة الأكثر استعمالاً بـ81.36 % من مجموع النفقات خلال هذه الفترة المرجعية أي 7.66 مليار دولار مسجلاً ارتفاعاً قيمته 6.85 %، وأوضحت الإحصائيات أنّ خطوط القروض سمحت بتمويل 11.73 % من الواردات التي ارتفعت بـ21.16 %، بحيث انتقلت قيمتها من 912 مليون دولار خلال السداسي الأول للسنة المنقضية إلى 1.10 مليار خلال الفترة نفسها من العام الجاري.

وتتصدر لائحة زبائن الجزائر، كل من إيطاليا بـ2.25 مليار دولار، والولايات المتحدة الأميركية بـ1.96 مليار دولار، وأسبانيا (1.74 مليار دولار) وفرنسا (1.27 مليار دولار)، فيما تبعتها تركيا (748 مليون دولار) وكندا (538 مليون دولار)، بينما حافظت فرنسا على مكانتها كأحد أهم الممونين بـ1.64 مليار دولار متبوعة بإيطاليا (1.09 مليار دولار) والصين (846 مليون دولار) واسبانيا (800 مليون دولار)، ثمّ ألمانيا (546 مليون دولار) والولايات المتحدة الأمريكية بـ 466 مليون دولار.

واللافت إنّ دول الاتحاد الأوروبي تبقى من أهم شركاء الجزائر بنسبتي 56.31 % من حيث الواردات، و61.33 % من حيث الصادرات، فيما سجلت الواردات المستقدمة من الاتحاد الأوروبي ارتفاعاً بحوالي 15.45 %، منتقلة من 4.59 مليار دولار إلى 5.30 مليار دولار خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية. في المقابل، سجلت الصادرات من الجزائر إلى الاتحاد الأوروبي انخفاضا قيمته 33.98 %، حيث انتقلت من 9.98 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الماضية إلى 6.59 مليار دولار خلال العام الحالي.أما حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وباقي الدول فظلّ ضئيلاً، ومنخفضاً لا سيما مع بلدان آسيا بـ9.21 %، منتقلاً من 1.99 مليار دولار إلى 1.81 مليار دولار، في حين انتعشت المبادلات الجزائرية مع البلدان العربية بصورة محدودة ضمن منطقة التبادل الحر التي انضمت إليها الجزائر مطلع يناير الماضي، بحيث انتقلت من 260 إلى 330 مليون دولار، ما يمثل ارتفاعا بـ61 %.

وكشفت بيانات حديثة في الجزائر، إنّ حجم صادراتها العام بلغ السنة الماضية 59.52 مليار دولار، في حين وصلت الواردات إلى 27.43 مليار دولار، والملاحظ أنّ الهيمنة النفطية على الصادرات بلغت نسبة 97.8 % من الميزان العام، بينما حافظت صادرات الجزائر خارج المحروقات على (هامشيتها) إذ لم تتجاوز نسبة 2.2 % من الحجم الإجمالي، وهو ما يمثل 1.31 مليار دولار فحسب، حتى وإن كان ما حققته الجزائر هذه السنة مرتفعاً بـ11 % إذا ما قورن بالعام قبل الماضي مع الإشارة أنّ نحو 3 آلاف منتوج جزائري تسوّق بأسواق دولية ضمن برنامج جديد للمبادلات التجارية، وتتنوع المنتجات الجزائرية المسوّقة بين الزيوت والزيتون والتمور والبرتقال والفلين والحلي.

وتعوّل الجزائر على مرونة أكبر لصادرتها غير النفطية، حال إتمامها اتفاقات للتبادل الحر لا تزال محل تفاوض بين الجزائر و4 دول أعضاء في الجمعية الأوروبية للتبادل الحر و8 دول أخرى من غرب إفريقيا، وتجري هذه المفاوضات مع سويسرا والنرويج وليشنشتاين وإسلندا، ناهيك عن السنيغال وكوت ديفوار والنيجر ومالي وغينيا بيساو والبنين وبوركينا فاسو والطوغو، وهي دول أعضاء في الإتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، وتأمل الجزائر إبرام اتفاقات مع البلدان المذكورة أواخر العام الجاري.ولأجل النهوض بالصادرات، دعا متعاملون في الجزائر، أخيراً إلى إنشاء مجلس مركزي للتصدير هناك، ورأوا الخطوة كفيلة بإنعاش منظومة الصادرات وتدارك التأخر المسجّل على صعيد التجارة الخارجية التي ظلت مقصورة في الغالب على النفط والغاز، ما جعل حجم الصادرات خارج المحروقات لا يتجاوز 1.3 مليار دولار.

وقال مصدّرون جزائريون إنّهم بحاجة إلى quot;محركquot; حقيقي لتطوير الصادرات سيما بإمكانية اتخاذه القرارات الضرورية التي تتناسب مع وضعية ما، وتعرّض مصدرون في تصريحات لـquot;إيلافquot; إلى المشكلات العديدة التي تعترضهم على غرار افتقادهم إلى عامل النقل ومحدودية طاقات الشحن وافتقادها بحسبهم لأسعار ترقوية.

وأهاب خبراء بالحكومة الجزائرية للاهتمام بتأسيس مجلس للصادرات وتمكينه من صلاحيات على صعيد الأدوات اللوجستية وتوابعها، كما طالبوا بجعل مدينة تمنراست (1800 كلم جنوبي غرب الجزائر) quot;قطباًquot; يخصص لترقية الصادرات نحو القارة السمراء، نظراً إلى موقعها الاستراتيجي المحاذي لدول منطقة الساحل على غرار مالي والنيجر والتشاد. ويعزو مختصون ضعف صادرات الجزائر، إلى عدم وجود هيئة تشرف على تسيير تجارة البلاد الخارجية، ومن شأنها تنشيط حركة السلع، وضمان مرونة أكبر للحراك التجاري نحو وخارج الجزائر، ويرى خبراء جزائريون أنّ منتجات بلادهم من مادة البلاستيك وكذا الصناعات الغذائية سيما التمور، على سبيل المثال لا الحصر، قادرة على تحقيق مداخيل ضخمة في الأسواق الخارجية لو ترتبط بتوظيف أحسن مما هو واقع حالياً.