ترجمة جويل فضّول: ضائعة في الضباب، تعلن الإيليزيه وبثقة كاملة أن هناك أزمة إقتصادية موجودة، وأنها تقوم بإدارتها، من دون أن تتوقع خروجًا من الأزمة الحالية، وفق ما ورد في صحيفة لومند الفرنسية. وما يبدو مؤكدًا أن فرنسا وفي حال خروجها من الركود الإقتصادي، ستخرج بديون أكثر مما كانت عليه. وتقول صحيفة ليزيكو الفرنسية إن حوالى 304 شركات تعتمد، وحتى الفصل الأول من السنة الحالية، إجراءات الحمائية.
فرنسا ستخرج من الأزمة مديونة أكثر
لا يريد مستشاروالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن يفترضوا بأن الأسوأ قد مرّ، على الرغم من وجود بعض المؤشرات الإيجابية مثل إرتفاع مؤشرات البورصة، وتحقيق ما يشبه الإستقرار في الإنتاج الصناعي خلال شهر فبراير، أو السير الخفيف للضرر الخاص بالصادرات. فالمعلومات غير مكتملة، وتوقّعات الإقتصاديين لم تكن متباينة كثيرًا. لكن شيئًا واحدًا بات مؤكّدًا، وهو أن فرنسا ستخرج من حالة الركود المهيمنة بديون أكثر. وعندئذ ستنشأ مسألة تدعيم المالية العامة. ويقول أحد المقربين من الرئيس الفرنسي إن النقاش الذي حصل في العام 1983 سيعود ويحدث في العام 2010 بالنسبة إلى ساركوزي. وستواجه بذلك الإيليزيه خيارًا سياسيًا في غاية الصعوبة. فمع إقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعيّة عام 2012، سوف يتوجّب عليها أن تختار بين المفاهيم التقليدية والإصلاح الإنتخابي، أو الهدايا الإنتخابية والمراوغة.
وحتّى في التكتيكات الإنتخابية المحضة، فإن الخيار ليس واضحًا: سنة 2002، إختار الوزير الإشتراكي ليونيل جوسبان تأجيل إصلاح المعاشات من أجل تفادي الشعور بالذعر من ناحية اليساريين، لكنّه لم يكن مؤهلاً للجولة الثانية في الإنتخابات الرئاسية. أما في العام 2012، فإن ساركوزي على وشك أن يتحمّل عبئاً ثقيلاً بسبب الرئيس فرانسوا بايرو، شاكيًا إيّاه بأنه غضّ النظر عن إزدياد العجز.
ثلاثة إحتمالات حاضرة
ترفض الإيليزيه أن تفتح أي نقاش كان، إلا أنه توجد ثلاث مسارات حاضرة: الحد من التحويلات الاجتماعية أو على الأقل تحديث الحالة الإجتماعية، فإذا بالعجز الإجتماعي والإقتصادي ينفجر. وهذا النقاش لا يعتبر مناسبًا، حيث إن الحكومة تعتزم على دعم السوق.
والحالة الثانية أو المسار الثاني يتجلى في زيادة الضرائب، على غرار ما ينبغي أن يقوم به رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما. بينما ساركوزي لا يريد السماع بهذا النقاش أبدًا، ويعتقد أنه يضر القدرة التنافسية للإقتصاد الفرنسي، الذي يعتبر بطلاً لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية في الإنفاق العام. وهذه الإشارة من شأنها أن تدفع الأسر إلى الحد من إستهلاكها تحسّبًا لزيادة الضرائب المقبلة. ممّا يفسّر الرفض المطلق لساركوزي حول العودة إلى الدرع الضريبيّة.
أما الخيار الثالث فيتمحور حول تأخير سنّ التقاعد. وهي وسيلة فعّالة للحد من الإلتزامات المالية للدولة، وسيتمّ التطرّق إلى هذا النقاش سنة 2010، حسب ما يقوله أحد المستشارين في الايليزيه، مشيرًا إلى أن الفنلديين والهولنديين ربطوا خطط إنطلاقة إنتعاشهم برفع سنّ التقاعد. والجدير ذكره، أنّ الايليزيه ستواصل دعمها للإقتصاد. إذ سيعلن رئيس الدولة في الأسبوع الجاري خطّة للشباب، حيث تزداد نسب البطالة بشكل مؤثّر، والهادفة إلى دعم الاستثمار في حال فشله، أو دعم الاستهلاك في حال فشله أيضًا، وفق ما أوردته صحيفة لومند.
بئر عميق
تعتبر إستعادة الثقة أهم شيء لإعادة الانتعاش الإقتصادي، وإلا فإن النفقات ستسقط في بئر لا نهاية له. لذلك يجب ألا يتم التقليل من أهمية الأثر النفسي لخطة الانتعاش الحالية كالفوائد الاستثنائية مثلاً. فالإيليزيه تدافع عن التدابير المتخذة التي لا تخلق حقًا مكتسبًا، ولن تراهن على المستقبل. ومن أجل تشجيع عودة الثقة تريد الإيليزيه، أن ترسل إشارة إيجابية. فيقول المقربون من الرئيس الفرنسي: quot;ليس لأنّ العجز يزداد، يجب أن نتخلّى عن تحسين إدارة الدولة!quot;.
فساركوزي لا يريد العودة وبأي حال إلى عدم إستبدال متقاعدين إثنين بموظف عامل آخر. حتى إنه يتوجّب النظر إلى أبعد من ذلك، بحيث لا تعتبر الأزمة الحالية مؤاتية للإصلاح. وتضيف صحيفة لومند على لسان أحد المسؤولين: quot;يجب الخروج من الأزمة مبتعدين بقدر الإمكان عن الطريق الخطأ، فنحن نرى أن التدابير التي إتخذت منذ سنة 2007 لها تأثير إيجابي في 2010-2011 حينما سينشأ الإصلاح. إمّا أن فرنسا بدأت ترتد بقدر البلدان الأخرى، ما يعني أن الإصلاحات بدأت تؤتي بثمارها، إمّا أن الوقت متأخر، وهذا يعني أن الإصلاحات غير كافيةquot;.
800 ألف شخص سيعانون البطالة حسب تقرير OFCE
أصدر المركز الفرنسي الهادف إلى مراقبة الظروف الاقتصادية (OFCE)، في نشرته يوم الإثنين، أن الأزمة ستكون طويلة وصعبة. أضف إلى أن التراجع في عدد السكان العاملين هو السبب الأساس في البطالة، لكنّ عدد فاقدي الوظائف سيبلغ في 2008-2009 حوالي 800 ألف، حيث أن الثلثين من هذا العدد سيحصل في السنة العالية (2009). وستعرف فرنسا بذلك أعلى نسبة إرتفاع في الفترة الأخيرة، متجاوزة نسبة 9.1% في العام 2009، و10.2% في العام 2010. ووفقًا للمؤسسة المعنية بمراقبة الحالة الإقتصادية (OFCE)، فيتوقع أن تشهد الحالة الاقتصادية في فرنسا ركودًا حادًا ويكون الأقوى منذ الثلاثينات.
شركات تعاني صعوبات
مع 304 حالات في الفصل الأول، يتضاعف عدد الإجراءات في عام واحد، حسب دراسة قامت بها شركة ألتاريس، الخاصة بمعلومات الشركات، ونشرت في صحيفة ليزيكو الفرنسية. ففي الفصل الأول من العام الحالي، برز أن 304 شركات تستخدم إجراءات إحتياطية، ويعطي هذا الإجراء للشركات التي تعاني ضائقة مالية، من خلال تجميد ديونها، بعض الوقت لتعيد تنظيم نفسها. غير أنه لا يمثل سوى 2% من إفلاسات الشركات المسجلة في الأشهر الثلاثة الأولى لهذا العام. لكن إستخدام الاحتياط زاد إلى أكثر من الضعف خلال عام واحد، ويمكن أن يوحي بأنه في فترة الأزمة أعطت الشركات كل الفرص للإنتعاش، وفق تحليل رئيس الدراسات في ألتاريس تييري ميون، إلا أن مصير الشركات الموضوعة ضمن الاحتياطية يبقى قيد التغيير.
التعليقات