تنازل البحرين وقطر يمنح الرياض حق احتضان المجلس النقدي الخليجي
مشعل الحميدي وفواز الميموني وخالد العبود من الرياض،الخبر: لم تكن الأحلام التي حولتها أيادي قادة الخليج المتعاضدة إلى حقيقة نسفت طوابق تكهنات المراهنين بوأد التوافق والوحدة الخليجية في مهدها سهلة المنال، وقد خضعت بالفعل إلى دورات تاريخية سياسية واقتصادية واجتماعية أفضت إلى تحديد العاصمة السعودية الرياض مقراً للمجلس النقدي الخليجي بعد تأكيد مصادر مطلعة (لإيلاف ) تنازل قطر والبحرين لصالح المملكة ، وذلك في خطوة أخيرة قبل تحقيق العملة الخليجية الموحدة quot;كرمquot; التي انتظرت طويلا لتدخل الحياة الاقتصادية العالمية ورغم أنها لم ترى الحياة بعد، إلا أن المراقبين تيقنوا على الأقل من أن حضن الدولة الكبرى سيكون مآلها في نهاية المطاف وبالتأكيد لن يكون ذلك بعيداً.
و كان من المفترض أتفاق دول مجلس التعاون الخليجي على مقر للمجلس النقدي قبل أن يبدأ العمل لكن القرار تعطل أكثر من مرة بسبب التشاحن السياسي على مدى العام المنصرم، وقالت أمانة مجلس التعاون الخليجي في مارس الماضي أن هذا المجلس سيحدد إطارا زمنيا جديدا لإصدار عملة موحدة وهو ما كان أول اعتراف رسمي منها بأن دول مجلس التعاون الخليجي لن تلتزم بالموعد النهائي في 2010، كما اتفق كبار المسئولين الحكوميين من السعودية وجيرانها في اكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم على الخطوة في اجتماع تمت الدعوة إليه لإضفاء المصداقية على خطة لعملة موحدة اتفقت الدول الأعضاء على تأخيرها عن موعد نهائي مبدئي في 2010، فيما فقدت خطة الوحدة النقدية مصداقيتها بعد أن قررت عمان في عام 2006 الانسحاب من المشروع وأنهت الكويت ارتباط عملتها الدينار بالدولار في 2007 مخلة باتفاق بالإبقاء على الربط حتى استكمال الوحدة النقدية.
تحفظ إماراتي رغم الملاءة المالية السعودية
ويأتي ذلك على الرغم من إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة تحفظها على اختيار الرياض مقرا لمجلس النقد الخليجي، و أشار محللون إلى أن تحفظ الإمارات قد ينتج عنه انسحابها من المجلس النقدي وبالتالي من العملة الخليجية الموحدة، مما سيعطي مؤشر إلى تفكك الوحدة النقدية وإجهاض عملية إصدار العملة الموحدة في موعدها إلا أن المراقبين اتفقوا على أن هذا المجلس سيحد كثيراً من المعاملات المصرفية غير الواضحة في بعض الدول الخليجية.
و أكد المحلل الاقتصادي السعودي فضل البوعينين لـ quot; إيلاف quot; أن اختيار السعودية لاستضافة مقر النقد الخليجي أتى عطفا على حجمها المالي، الاقتصادي والسياسي. بالإضافة إلى تمتعها بعمق جغرافي استراتيجي فالأزمة الاقتصادية العالمية كشفت عن قدرة السعودية على إدارة الأزمات المالية الخطرة ، كما كشفت عن نوعية الرقابة المصرفية التي مارستها على القطاع المصرفي والتي ساعدت في خروج القطاع سليما معافى من تداعيات الأزمة.
وتابع البوعينين أن ملاءة السعودية المالية وقيادتها لسوق الطاقة الدولية التي تعتمد عليه قطاعات الاقتصاد العالمية إضافة إلى سوقها المالية الأكبر في الدول العربية ، مضيفاً أن القرار أتى سياسيا ً لا اقتصادياً مالياً، والعلاقات الأخوية بين زعماء دول الخليج لعبت دورا رئيسي في ترجيح كفة الدولة المستضيفة، وأضاف أن اختيار الرياض مقراً لمجلس النقد الخليجي قد يصعب من مهام ترئسها له وذلك على أساس توزيع الأدوار بين دول المجلس.
القرب من مقر الأمانة العامة أساس الاختيار
وخلال قمة اليوم لم يتفق قادة الخليج العربي على موعد لإطلاق عملة موحدة، لكن أمين عام دول مجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية أوضح أن المجلس سيكون بالقرب من مقر القرار السياسي الأقوى في إشارة إلى العاصمة السعودية الرياض التي تحتضن أيضاً الأمانة العامة لمجس التعاون، مشيراً إلى أنه سيتم لاحقاً الإعلان عن تفاصيل المجلس النقدي وتحديد ملامحه وسيتم استكمال متطلباته القانونية والتشريعية والمؤسساتية والتصديق على اتفاقية الاتحاد النقدي التي أقرت من قبل القادة في مسقط في ديسمبر الماضي فدول المجلس بعد أن اختارت مقر المجلس النقدي سيتم المضي قدماً فيما يتعلق بتشكيل المجلس من أجل التأسيس لقيام البنك المركزي الخليجي .
وجاء في خبر قصير على وكالة أنباء الإمارات quot; وام quot; أن وفد دولة الإمارات برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي شارك في أعمال الاجتماع قد تحفظ على قرار اختيار الرياض مقرا لمجلس النقد الخليجي .
وكانت الإمارات قد تقدمت منذ زمن طويل بطلب لاستضافة مقر المصرف المركزي الخليجي وكان هناك شبه إجماع على أحقية أبو ظبي باستضافة المقر ولم تتقدم أي دولة خليجية أخرى بطلب مماثل قبل تفاجأ الجميع بإعلان بعض الدول مثل البحرين رغبتها في استضافة المقر خلال قمة التعاون الأخيرة في مسقط ، وهو الأمر الذي آثار حفيظة الإمارات وأعلنت صراحة انزعاجها من هذا الأمر خصوصا وانه ظلت لفترة طويلة البلد الوحيد الذي تقدم بطلب الاستضافة ، كما انه تعتقد أن التطور الكبير الحاصل في قطاعها المصرفي والنقدي يخولها لاستضافة المقر ، مستندة في ذلك على خبرة كبيرة ترسخن على مدى العقود الماضية بشهادة العديد من دول العالم الأخرى .
بدوره قال رئيس قسم الاقتصاد السابق في جامعة الملك سعود الدكتور حمد التويجري أنه لا يوجد أي فرق بين الدول الخليج من ناحية المقر الدائم للبنك المركزي الخليجي المزمع إقامته، إذ أنه من المعتاد أن يكون قريب من مقر القرار السياسي للاتحادات النقدية والمتمثل في أمانة المجلس.
وتتمتع دول الخليج باقتصاد قوي جداً مبني على مخرجات النفط والغاز وبعض القطاعات الخدمية ومن أهمها البنوك إذ يؤكد على ذلك الرئيس التنفيذي لشركة أونفست الاستثمارية، المدرجة في مصرف البحرين المركزي الدكتور خالد عبد الله لـ quot;إيــلافquot; أن الناتج المالي للبحرين متقدم ومستقر، بالإضافة إلى البنية التشريعية والقوانين المتقدمة في البحرين والحضور الكبير للبنوك الخليجية والعالمية في البحرين.
ولم يؤثر القرار على حركة العملات اليوم، كما يرى المراقبين أن الدولار لن يخسر كثيراً حال فك الارتباط فيما لو قررت دول الخليج ذلك، إذ أنه من المتوقع أن تظل احتياطيات دول الخليج بالدولار، واعتبروا أن فك الارتباط بالعملة الأميركية بقرار سيادي وتحويل احتياطات الخليج إلى سلة عملات خطوه كبيره جدا لن تقدم عليها دول الخليج تقدم كونها دول ناشئه لا تستطيع الاعتماد على نفسها، مستشهدين بالكويت التي حررت 40 في المائة من عملتها فقط وأبقت 60 في المائة مرتبطة بالدولار الأميركي.