تمر باكستان عبر منعطف صعب من تاريخهافي عدة نواح ولاسيما الناحية الاقتصادية؛ لأن الديون الدائرية الداخلية والديون الخارجية بدأت تتفاقم مع كل يوم يمضي، كما وأن الديون السابقة ارتفعت بنسبة 25% على تقدير أقل بسبب ارتفاع نسبة التضخم حيث يباع الدولار الواحد هذه الأيام بأكثر من 85 روبية وكان سعره 60 روبية فقط قبل ثلاث سنين.
إيلاف:يقول رئيس معهد باكستان للاقتصاد التنموي (PIDE) الدكتور ظفر معين ناصرأن الحرب المزعومة الجارية على الإرهاب تصيب للاقتصاد الباكستانيبخسائر فادحةإذ يرى محللون اقتصاديون أن تلك الخسائر
تفوق على 9 بلايين دولار سنويا. والأفدح من ذلك أن البلاد مضطرة إلى تحويل الميزانيات التنموية للعام المالي الحالي 2010-2011 إلى بند تأهيل المتضررين من أكبر الفيضانات في تاريخ المنطقة والتي اجتاحت جميع الأقاليم الباكستانية بنسب متفاوتة.
وفي هذا الإطار أجرت إيلاف مقابلة خاصة مع رئيس معهد باكستان للاقتصاد التنموي (PIDE) الدكتور ظفر معين ناصر ليسلط الضوء على الوضع الاقتصادي الراهن في البلاد مع استشراف الوضع المستقبلي رغم انسحاب الاستثمار الأجنبي وازدياد الديون الخارجية والداخلية على باكستان.
حيث يرى الدكتور ناصر أن سياسة الحكومة الباكستانية السابقة إزاء الاقتصاد كانتأفضل مقارنة بسياسات الحكومة الحالية، في حين يرى أنه لا يمكن لأي بلد وضع سياسية اقتصادية لنفسها بعد لجوئها إلى المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهذا ما وقعت فيه باكستان.
وبالنسبةللمساعدات الخارجية المقدمة لباكستان في إطار الفيضانات المدمرة، يقول الدكتور إن المملكة العربية السعودية تتصدر الدول المانحة في هذا الصدد؛ بيد أنه يشير إلى أن المملكة لم تقدم تلك المساعدات بسبب الفيضانات، بل إنها تقف إلى جانب باكستان بسبب علاقاتها الأخوية مع باكستان في كل صعوبة سواء وقف إلى جانبهاأحد أولا. ولا يمكن تقييم هذه العلاقات بمقياس، مضيفاً أن الأهم في هذا الصدد هو أن نرى هل الدول الأخرى أيضا تتكاتف مع باكستان أم لا.
وإلى القراء نص المقابلة التي أجراها الزميل عبد الخالق همدرد:
bull;كيف تقارنون السياسة الاقتصادية للحكومة الحالية والحكومة السابقة؟
د. ظفر معين ناصر: السياسة الاقتصادية للحكومة السابقة كانتأفضل من الحكومة الحالية حيث شهد قطاع الزراعة والصناعة والخدمات نموا في ذلك الوقت وكانت أسعار تبادل العملات مستقرة إضافة إلى تواجد كمية من العملة الصعبة، في حين يبدو أن الحكومة الحالية لم تمنح أي انتباه لقطاع الاقتصاد، بينما لم يكشف أي سياسة عن أي نتيجة تذكر.
وقد تم تغيير 4 وزراء للمالية و4 وكلاء لوزارة المالية إضافة إلى تغيير 3 حكام للبنك المركزي خلال السنتين والنصف. جاء وزير المالية الأول إسحاق دار ليقول إن حكومة مشرف تلاعبت بالأرقام عن التنمية وهذا ما خلف أثرا سيئا على الوضع الاقتصادي وتلاه شوكت ترين ليرشد باكستان إلى صندوق النقد الدولي بسبب الأوضاع المتدهورة والآن يقود حفيظ شيخ وزارة المالية؛ لكن لم يعد شيء بأيدينا لأن الكلام كله يدور حول ديون صندوق النقد الدولي وهو بدوره يفرض ويملي وباكستان مضطرة إلى إيفاء شروطه.
bull;ما ذا ستكون تداعيات الفيضانات الحالية على اقتصاد البلاد؟
أرى أنه لم يبق للحكومة أي سياسة مالية بعد الفيضانات المدمرة وكل ما تحاوله الحكومة هو كيف ستتمكن من تأهيل المتضررين، في حين اضطرت الحكومة إلى تغيير الكثير من أولوياتها لتوجيه الميزانيات إلى عملية التأهيل وإعادة البناء. وإذا ما استمرت الأوضاع على هذا المنوال فمن الصعب أن تتمكن الحكومة من عرض أي سياسة مالية.
bull;يقال إن نسبة الفقر ارتفعت بسبب الفيضانات والأمطار الحالية. هل تؤكدون ذلك؟
لم يتم تقديم أي إحصائيات بعد عن نسبة الفقر في البلاد؛ إلا أنني أرى أن الفيضانات قد تسببت في دفع الكثير من الشعب تحت خط الفقر؛ لأن معظم المتضررين كانوا في عداد الفقراء قبل الفيضانات أيضا، بينما هي تسببت في تدمير المزارع والحقول ونفق المواشي وهي مصادر رزق شريحة كبيرة من متضرري الفيضانات.
bull;ما دور مجموعة أصدقاء باكستان في مساعدة باكستان للتغلب على الوضع الاقتصادي الهش؟
حتى الآن لم يحدث من جانب أصدقاء باكستان أي شيء سوى التعهدات. وقد تعهدت المجموعة بتقديم 6.9 بليون دولار؛ إلا أنه لم يصل منها إلى باكستان سوى بضع مئة مليون دولار. والأمر الإيجابي من تشكيل هذه المجموعة أن باكستان تمكنت من خلالها من تقديم حوائجها؛ لكن لم يحدث أي شيء يذكر.
bull;كيف ترون المساعدات السعودية لمتضرري الفيضانات ومساعدات الدول الأخرى؟
تربط بين باكستان والمملكة العربية السعودية علاقات الأخوة وهي فوق أي علاقة أخرى. وقد تكاتفت المملكة مع باكستان في كل وقت صعب سواء أ كان ذاك وقت قيام باكستان بالتفجيرات النووية أو زلزال عام 2005 أو الفيضانات الحالية. وسواء أتكون المملكة في مجموعة باكستان أم لا، فإنها ساعدت وسوف تساعد باكستان. والسؤال المهم هنا ليس عن المملكة بل عن الولايات المتحدة والدول الأخرى هل هي أيضا جاهزة لتساعد باكستان أم لا. وأنا أرى أنها لن تعمل ذلك.
التعليقات