في الوقت الذي يتوقع فيه وزير الاقتصاد الألماني رينر برودله تجاوز بلاده الأزمة الاقتصادية ونموًا حتى في هذا العام، تتحدث مؤسسات مالية عن مخاطر تزايد مديونية الدولة بشكل كبير، وتأثير ذلك على ديناميكية الدورة الاقتصادية، وبالتالي مصاريف الحكومة.
___________________________________________________________

برلين: أشار تقرير اقتصادي صادر من المكتب الإحصائي الاتحادي في فيسبادن إلى أن المساعدات التي قدمتها الحكومة ضمن ما يسمى بحزمات الإنقاذ للمصارف والمؤسسات المالية وما قدمته من دعم إلى المصانع والشركات لدفع نموها زاد كاهل مديونية الدولة في النصف الأول من هذا العام، وسوف يتواصل في النصف الثاني منه، ما يجعل المديونية تسجل رقمًا قياسيًا.

يذكر أن الرقم الحالي لمديونية الحكومة الاتحادية، إضافة إلى حكومات الأقاليم الـ16 تتجاوز الـ1721.2 مليار يورو، أي بزيادة قدرها 30 مليار يورو مقارنة مع الرقم الذي سجل نهاية عام 2009.

وعلى الدولة كمؤسسة اتحادية إدارة معظم هذه الديون، لذا فإن التزامها هذه رفع ديونها في الأشهر الستة الأولى من هذ العام بنسبة 1.5 %، أي 15.7 مليار يورو، لتصل إلى 1069.5 مليار يورو، ويضم ذلك القروض بقيمة 31.2 مليار يورو استدانتها من أجل تأسيس صندوق مالي، بهدف إحداث استقرار في سوق المال الألماني، إضافة إلى 8.7 مليار يورو لدعم صندوق الاستثمارات وتسديد فوائد الديون. وتقرر أن تستوفي هذا المبالغ من برنامج النمو عندما تبدأ ديناميكية الاقتصاد الألماني.

وقد ارتفعت ديون حكومات الأقاليم لتتعدى الـ536 مليار يورو، أي زيادة تصل إلى 1.9 % بقيمة أكثر من عشرة مليار يورو. لكن هذا الرقم لا يتضمن الديون التي تم اقتراضها من أجل إنقاذ مصرف WeestLB المتعثر، فالبيانات سوف تنشر نهاية العام.الأمر نفسه ينطبق على ديون البلديات، التي ارتفعت من 3.6 إلى 114.7 مليار يورو، أكثر من الثلث هي قروض لجأت إليها البلديات من أجل سد ثغرات في الميزانية.

هذه المحصلة تعني للاقتصاديين شيئًا واحد، هو أن عجز ألمانيا المالي قد يستمر في تجاوز الثلاثة في المائة، ما يعتبر أيضًا تجاوزًا لمعاهدة ماسترخت المتعلقة بالنقد والاقتصاد الموحدين للاتحاد الأوروبي، لكن الحكومة لا تريد التحدث عن هذا الأمر. مع ذلك أعلن وزير المال الاتحادي فولفغانغ شويبله اللجوء إلى القروض العام المقبل، ويصل حجمها إلى 57.5 مليار يورو، ما يجعل مديونة الدولة تصل إلى 1.7 بليون يورو، وإذا ما وزع هذا المبلغ على سكان ألمانيا فتكون حصة كل واحد 22 ألف يورو، أي ما يعادل ثمن سيارة فاخرة.

رغم ذلك تراهن الحكومة على توقعات معاهد اقتصاد اشارت في اخر تقارير لها الى ان نمو اقتصاد المانيا سوف يصل الى 3،5 في المائة، فيما اشار وزير الاقتصاد الالماني برودليه اليوم الى انها ستصل الى 3.1 في المائة، ما يرفع الناتج الاجمالي العام الى 3.5 في المائة.

لكن الخبير الاقتصاد كاي كونراد، الذي أصدر كتابًا حذّر فيه من مخاطر جبال الديون، قال إن الديون الحالية تعرقل نمو الكثير من القطاعات الإنتاجية المهمة جدًا للاقتصاد الألماني، وتؤثر على مستوى الفرد المعيشي، من المتقاعد وحتى الجالس على مقاعد الدراسة حاليًا، ويتطلع إلى مستقبل زاهر.

إذ إن صندوق التقاعد يعاني انحسار تدفق الأموال عليه لأن نسبة العاطلين عن العمل كبيرة، وليس كما تدعي الحكومة أقل من أربعة ملايين لا يدفعون للصندوق، بل أيضًا الذين يعملون في أعمال ليس في نطاق مهنتهم، ولأن فترة البطالة لديهم طالت قذفوا إلى مجالات عمل يتقاضون فيها يورو واحد لكل ساعة، لتضاف إلى المعونات الاجتماعية الحكومية. ثم الذين يتأهلون في مهنة أخرى، لأن المهنة التي درسوها لا توفر عملاً، وهذا يكلف الدولة أيضًا الملايين، وكل هؤلاء يعتبرون ضمن البطالة العمالية المبطنة.

والتعويضات التي تدفع لهم سوف تتزايد لأن الكثير من المصانع توجهت إلى الخارج، حيث اليد العاملة الرخيصة، والتحرر من التزامات تكاليف العمل. وإذا لم تتحرك الحكومة بسرعة في اتجاه إيجاد حل لملايين العاطلين عن العمل، فسوف تواجه المزيد من المشاكل لأن مديونيتها سوف تتزايد، وسوف تكون مصاريفها أكثر بمئات المرات من الأموال التي تدخل إلى خزينتها.