سجلت أسعار القطن أعلى مستوى لها في التاريخ الحديث، حيث قفزت أخيرًا أكثر من 55 % في أيام قليلة، ولا شك أن لهذه الزيادة أثرها السلبي على صناعة النسيج في العالم عامة ومصر بشكل خاص، إذ إن ارتفاع أسعار القطن يعني بالضرورة ارتفاع أسعار الملابس والمنسوجات.
___________________________________________________

القاهرة: أرجع المحللون سبب ارتفاع أسعار القطن عالمياً إلى عاملين أساسين، الأول انخفاض الإنتاج العالمي بسبب الكوارث الطبيعية كالفيضانات التي اجتاحت باكستان، والتي تعد إحدى أكبر الدول إنتاجاً للقطن، وكذلك السيول والفيضانات التي طالت العديد من الدول المنتجة.

أما السبب الثاني فهو تزامن نقص الإنتاج مع زيادة الطلب من جانب العديد من دول العالم، ومع بعض الإجراءات الحمائية التي وضعتها الدول الكبرى على عملية الاستيراد، كل هذا قفز بسعر القطن إلى مستوى غير معهود، حيث تخطى سعر الرطل 1.19 دولار، بعدما كان منذ 15 عاماً لا يتجاوز نصف دولار إلا قليلاً.

أما في مصر فالزيادة في أسعار القطن تخطت النسبة العالمية، حيث وصلت إلى ما يقرب من 95 % في أقل من عام ، إذ إن سعر الطن في العام الماضي 2009 كان 12 ألف و500 جنيه، وسجل في الشهر الماضي سبتمبر/أيلول 22 ألف و350 جنيه، وهذا ما أضرم النار في صناعة النسيج المصرية في العام الحالي، وأحدث العديد من المشكلات بداية من أوضاع العاملين في شركات ومصانع الغزل والنسيج وصولاً إلى سوق الملابس التي تأثرت كثيرًا، وارتفعت فيها الأسعار بشكل ملحوظ ، وعزفت العديد من المحال والمتاجر - على أثر ذلك - عن المشاركة في التخفيضات الدورية.

وأوضح رئيس الشركة المصرية القابضة للنسيج المهندس محسن الجيلان أنه تم الاستقرار على تعديل أسعار منتجات الشركة حسب الزيادة العالمية في أسعار القطن، وطالب بسرعة توفير الدعم الموجه لصناعة الغزل والنسيج من وزارة التجارة والصناعة المصرية، لتمكين الشركة من توزيع حصص وبيع الغزول مباشرة للمنتجين، وفتح قنوات جديدة للاستيراد بأسعار مخفضة لمواجهة الأزمة، والحد من تدخل الوسطاء الذين يستغلون الظروف ويضاربون بأسعار الغزول في السوق السوداء.

في حين كشف يحي زنانيري نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة في الغرفة التجارية في القاهرة ورئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة عن الحالة الحرجة التي وصلت إليها مصانع الغزل والنسيج في مصر، وأكد أن غالبية هذه المصانع مهددة بالتوقف عن العمل، وتشريد آلاف العاملين في هذه الصناع ، حيث إن الغزل والنسيج من الصناعات كثيفة الأيدي العاملة.

وشدد زنانيري على سرعة التحرك لاحتواء الأزمة، حيث إن هناك مصانع وشركات خفضت رواتب ومكافآت عامليها، وهو ما تسبب في احتجاجات واعتصامات أوقفت سير العمل فيها، ورأى أنه إن لم يتم التدخل لتوفير الغزول بأسعار مناسبة سيكون مصير العاملين هو التشريد بعد إغلاق المصانع، وهذا سيكون بمثابة بداية نهاية هذه الصناعة العريقة في مصر.

من جانبه أكد محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات أن المشكلة الكبرى تكمن في أن أكثر من ثلثي مصنعي المنسوجات يستخدمون القطن قصير التيلة، يتم استيراده من الخارج لأن زراعته غير متوافرة في مصر، بينما نزرع القطن طويل التيلة ونصدره لدول كبرى، وهو ما يضر بمصلحة المصانع التي ترتبط بعقود مع أسواق خارجية، إذ إنها لن تستطيع أن توفي بهذه العقود، في حالة عدم توفير الغزول بسعر مناسب لها.

وأضاف المرشدي أن الغرفة عقدت اجتماعات عدة مع مصنعي وتجار الغزول من جهة ومع ممثلي الوزارات المعنية بالأمر من جهة أخرى لبحث سبل حل الأزمة، وقد تلقت الغرفة وعودًا، هي الآن في انتظار تنفيذها من وزارتي الزراعة والتجارة والصناعة بسرعة تقديم الحلول.

أما أحمد نصار تاجر ملابس فأكد أن بوادر الأزمة ألقت بظلالها على سوق الملابس الجاهزة، فارتفعت بعض الأنواع من الملابس بشكل ملحوظ، وأصبح الإقبال عليها ضعيفاً مقارنة بالفترات المماثلة من الأعوام السابقة ، فضلا عن حالة الركود التي تشهدها محال الملابس بعد موجات الغلاء المتتالية التي طالت السلع والمنتجات كافة.