على الرغم من تجميد طياري شركة لوفتهانزا إضرابهم عن العمل إلى حين التوصل إلى صيغة اتفاق مع إدارة الشركة ينصفهم، حسب قولهم، ويحقق بعض مطالبتهم، لكن من غير المتوقع أن تعود حركة الطيران الطبيعية إليها أو العودة إلى جدول رحلاتها العادية إلا في نهاية الأسبوع، بسبب الفوضى الكبيرة في الرحلات التي حدثت.
برلين: من بين مطالب الطيّارين عدم تحميلهم أعباء كثيرة، عبر العمل ساعات إضافية من دون أجر جيد، ما يرهق الطيارين، ويشكّل خطراً أيضاً على المسافرين. كما إنهم يريدون عبر الإضراب التوصل إلى عدم تهديد أماكن عملهم بالشطب أو التسريح، نتيجة إعادة تأسيس الشركة ورفع الأجور، ومنح الرواتب نفسها لكل الطيارين في لوفتهانزا وجرمين وينغ التي استحوذت عليها.
فوضى بعد رفض موظفي الخطوط البريطانية تحديد موعد الإضراب |
وتطالب نقابة الطيارين برفع الأجور بنسبة 6.4 % لكل طياري لوفتهانزا في ألمانيا وفي الخارج. إلا أن إدارة الشركة تريد تحقيق مخططاتها الداعية إلى خفص التكاليف بحوالى مليار يورو مع مطلع عام 2011. ويتهم الطياريون الشركة بأنها تستعين بطيارين، تستخدمهم شركات أخرى مقابل أجور أقل مما يتقاضونه، وهؤلاء على استعداد أيضاً للعمل في ظل ظروف عمل غير جيدة.
وانعاسكات إضراب طياري لوفتهانزا لم يسبب مشاكل فقط للمسافرين، الذين حاولوا تدارك الأمر، خاصة رجال الأعمال والمرتبطين بمواعيد مهمة، بل أيضاً للشركة نفسها، إذ إن الإضراب، الذي استمر أربعة أيام، وشلّ حركة أسطول الطائرات سبّب خسائر ضخمة. وحسب تقارير لوفتهانزا، فإن إلغاء أكثر من 3200 رحلة إلى كل أنحاء العالم خلال أيام الإضراب الأربعة، إضافة إلى ربع رحلات شركة الطيران الشقيقة جرمان وينغ، سبّب لها خسائر وصلت إلى مائة مليون يورو، ففي كل يوم إضراب خسرت لوفتهانزا 25 مليون يورو.
ويأتي إضراب طياري لوفتهانزا، إحدى أكبر شركات الطيران في العالم، في وقت يواجه قطاع النقل الجوي في ألمانيا أيضاً مشاكل، يمكن وصفها بأنها الأكبر حتى الآن، بسبب تراجع الإقبال على السفر على متن شركات، بطاقات السفر فيها مرتفعة الثمن، مثل لوفتهانزا وغيرها، وتفضيل شركات تقدم عروضاً رخيصة.
كما فقدت الشركة الكثير من بريقها، لتخفيضها عدد رحلاتها خلال أيام الإضراب بشكل كبير جداً، ما سبّب بتحول آلاف الركاب إلى خطوط طيران أخرى، أو اختيار القطار للرحلات داخل ألمانيا، وهذا يعني عزم نسبة كبيرة عدم السفر مع الشركة الألمانية.
واتهم إيريك أوفيك، الطيار في لوفتهانزا، الشركة بأنها تضع خططها وتنفّذها على حساب المستخدمين لديها، فهي تريد الاعتماد مستقبلاً في الكثير من خدماتها على شركات تتعامل معها، مثل لوفتهانزا إيطاليا، وإذا لم يتم الاتفاق في الأيام القليلة المقبلة فسوف يلجأ الطيارون إلى الإضراب مرة أخرى، بحسب أوفيك.
كما ذكر أنها، وخلال الإضراب، لجأت الإدارة إلى طيارين يعملون في الشوؤن الإدارية لديها، واستأجرت طائرات وأطقم ملاحة جوية من شركات أخرى، مثل شركة الطيران النمساوية، وهذا يدل على عدم صفاء نوايا لديها.
ويبدو أن إضراب العاملين في قطاع النقل الجوي لن يقتصر على ألمانيا، ففي الوقت الذي نفّذ فيه الطيارون الألمان في لوفتهانزا إضرابهم عن العمل، أقرّت دائرة الموظفين في شركة الخطوط الجوية البريطانية British Airways يوم الاثين الماضي سلوك سياسة الإضراب، وذلك بعد موافقة 80 % من الأعضاء. إلا أنه لم يحدد تاريخ لذلك، فالمفاوضات ما زالت جارية مع إدارة الشركة، ومن المتوقع تحديد الطيارين موقفهم النهائي على ضوء مجرى المفاوضات نهاية هذا الأسبوع. ومن أهم مطالب العاملين في الشركة البريطانية، ضمان استمرارية عملهم، وتحسين ظروف عملهم.
لذا تقول مصادر لندنية موثوق بها إن تاريخ الإضراب الجديد قد يكون مطلع شهر آذار (مارس) المقبل، أي يوم الاثنين، لاستبعادها التوصل إلى اتفاق بين النقابيين وإدارة الشركة. وحسب المصادر عينها أيضاً، فإن رئيس الشركة ويلي والش متمسك بسياسة التقشف، التي أقرّتها الشركة، التي دخلت خسائرها الخط الأحمر، ولا عودة عن ذلك.
ففي الأشهر الأولى من هذا العام، ارتفعت خسائر الخطوط الجوية البريطانية إلى 342 مليون جينه إسترليني، أي ما يقارب الـ390 مليون يورو، وهدف الإدارة تخفيض التكاليف 140 مليون جنيه، وبدأت بالفعل بتنفيذ الخطة العام الماضي، حيث ألغت مراكز عمل وخفضت عدد الطواقم في معظم الرحلات القارية. لكن إلى أي مدى يمكن لهذه الإضرابات أن تنتشر، التي من المتوقع أن تتسع دائرتها في أوروبا، بعد تلميح عاملين في هذا القطاع في أسبانيا وإيطاليا، بوجوب الحصول على مطالب محقة لهم؟.
في هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي في شؤون الطيران المدني الألماني أوليفر ريلنغ، إن الإقبال على السفر جواً لن يتأثّر مهما وصلت حدة الإضرابات، ولن يتراجع الإقبال على السفر جواً، لأنه مازال الوسيلة الأفضل للوصل إلى الهدف بسرعة. لكن الأسعار الرخيصة والمغرية التي تقدمها شركات للسفر سوف تؤثّر سلباًفي وضع الشركات المحافظة على أسعار المرتفعة، مع أنها تقدم خدمات جيدة، لا تتوافر لدى الشركات الرخيصة، لذا فإن إصابة هذه الشركات بالخسارة أمر وارد، لكن من جانب آخر، يرى أن الكثير منها يستحوذ على شركات تقدم عروضاً رخيصة أو تنشأ شركات مثيلة، كي تحدث توازناً في الأسعار، إضافة إلى ذلك، فإن هذه الشركات مستفيدة من نواح أخرى، فمعظمها لديه فرع للشحن، الذي ازدهر في الفترة الأخيرة بشكل كبير.
التعليقات