بعد أن هزت مجموعة دبي العالمية أسواق العالم في 25 نوفمبر/تشرين الثانيالماضي، عندما طلبت تجميد المطالبة بسداد ديون تقدر بـ 26 مليار دولار مستحقة عليها، ومرتبطة بصورة رئيسة بوحدتيها العقاريتين نخيل وليمتلس العالمية. أكد خبراء اقتصاديون ومصرفيون في دولة الإمارات فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن إمارة أبوظبي ستستمر في دعم حكومة دبي من اجل سداد ديونها ولكن بشروط.
أحمد قنديل من دبي:ستقوم حكومة أبوظبي بتقديم مساعدات مالية لإمارة دبي بعد دراسة وافية لتلك الديون وطبيعتها، على أن تتم دراسة كل حالة على حدة، ويعد الدافع في استمرار الدعم الظبياني لدبي هو الحفاظ على الاتحاد الذي بناه و أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان quot;رحمه اللهquot; و الحفاظ على سمعة الدولة وكيانها الكبير بين دول المنطقة، علاوة على الصمود ضد انهيار اقتصادها الذي تمثل إمارة دبي جزءًا منه وجعله متماسكًا، إضافة إلى التصدي لأي محاولات خارجية قد تكون إقليمية أو دولية تحاول بسط أقدامها على أرض الإمارات عن طريق عرضها لتقديم مساعدات مالية لدبي قد يعقبها شراء أصول داخل الدولة تؤثر على السيادة الإماراتية على أراضيها.
حجم ديون دبي
وفي سياق متصل وفي خطوة هي الأولى من نوعها لمسؤول حكومي في إمارة دبي كان محمد العبار عضو المجلس التنفيذي في إمارة دبي ورئيس مجلس إدارة شركة اعمار العقارية قد كشف أن التزامات الديون السيادية لحكومة دبي حاليا تبلغ 10 مليارات دولار، ليضع بهذا الإعلان حدا للتكهنات حول حجم ديون الإمارة، مضيفا أن قيمة الأصول السيادية الحكومية لدبي تتجاوز90 مليار دولار أميركي وهي لا تشمل quot;المطارات والجسور و المتروquot;.
بيع الأصول
وفي محاولة منها لتجميع سيولة مادية لسداد جزء من ديونها أعلنت مجموعة quot;دبي العالميةquot; إقامتها مزادًا علنيًّا لبيع بارجة بحرية (تك), وذلك في الحادي عشر من مارس الحالي في مدينة دبي الملاحية بميناء راشد، وجاء ذلك على شكل إعلان للمهتمين بالمزاد بإحدى الصحف المحلية. وكانت الشركة قد أعلنت في 26 يناير الماضي عن مزادات علنية متعدّدة لبيع بضائع موجودة في جميع المواقع التابعة للمؤسسة، وهي (بارجة، سفن، قوالب قوارب، معدات ثقيلة، مكائن بحرية، مبان جاهزة، سيارات مستعملة .. إلخ). وهذا ما ينذر بخطورة الوضع الذي تعانيه هذه الشركة المهددة بالإفلاس.
وتضم لائحة أصول دبي العالمية مجموعة كبيرة من المشاريع العقارية والفندقية الضخمة داخل الدولة مثل مشروع ldquo;جزيرة النخلةrdquo; وجاردينز والمدينة العالمية و جميرا هايتس، كما تمكنت المجموعة من تكوين محفظة استثمارية حافلة بالعقارات العالمية الشهيرة والمنشآت الترفيهية والسياحية خارج الدولة. وتشمل الأصول الخارجية لدبي العالمية العديد من المباني المكتبية في لندن ونيويورك، فضلاً عن منتجع ldquo;تورنبيريrdquo; للغولف غرب اسكتلندا، ومراكز ldquo;كريس إيفرتrdquo; للتنس وسلسلة متاجر ldquo;بارنيزrdquo; الفاخرة وحصّة في مجموعة السيرك الكندية ldquo;سيرك دو سوليrdquo; وسفينة الرحلات الأثرية ldquo;كوين اليزابيث 2rdquo;.
وأكد تقرير داخلي لمجموعة دبي العالمية ان قيمة الأصول العقارية والاستثمارية للمجموعة في نهاية العام الماضي تجاوزت 120 مليار دولار لتغطي ديونها البالغة 59 مليار دولار بنسبة تزيد على 200%.
وأشار التقرير الذي تم عرض نتائجه على الدائنين إلى أن الأصول العقارية للمجموعة انخفضت بنسبة تصل إلى نحو 35% خلال عام 2009 مقارنة بنحو 157 مليار دولار عام 2008، فيما لم تتعد نسبة الانخفاضات في قيمة الأصول الاستثمارية والاستراتيجية بالمجموعة 20%.
دعم أبوظبي
وهذا ما اتضح جليًّا في 14 ديسمبر/كانون الأولالماضي من تقديم حكومة أبوظبي ومصرف الإمارات المركزي دعمًا ماليًّا لإمارة دبي بلغ 10 مليارات دولار وذلك لمعالجة قضية الالتزامات المالية لـlaquo;دبي العالميةraquo;، المتمثلة بـlaquo;نخيل العقاريةraquo; التي خصّص لها الجزء الأكبر من الدعم، وكان لديها صكوك استحقت السداد في ذلك التاريخ، مما دفع أسعار الأسهم للارتفاع قياسيًّا في أسواق الإمارات.
وفي هذا الشأن، قال رئيس اللجنة المالية العليا في دبي الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، إنّ حكومة أبو ظبي قامت بتوفير دعم مالي قدره 10 مليارات دولار لصالح صندوق دبي للدعم المالي، الذي سيتم استخدامه لتغطية بعض الالتزامات المترتبة على quot;موانئ دبي العالميةquot;. بعد ان طلبت laquo;دبي العالميةraquo; في 25 نوفمبر/تشرين الثانيالماضي تجميد سداد 26 مليار دولار مستحقة عليها.
وكإجراء أولي تجاه الدعم الجديد فقد خصصت حكومة دبي4.1 مليار دولار لتستخدم في سداد الصكوك المستحقة في ذلك التاريخ. فيما سيخصص المبلغ المتبقي من الدعم في تسديد الفوائد والمصاريف التشغيلية لمؤسسة دبي العالمية حتى تاريخ 30 أبريل 2010 ، شريطة نجاح المؤسسة في مفاوضاتها بشأن إعادة جدولة ديونها.
وامتدت تداعيات أزمة ديون دبي إلى أبوظبي، حيث خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيفها لسبع كيانات حكومية في شهر مارس/آذار الجاري لافتقارها إلى ضمان رسمي واضح بشأن دعم حكومي. وتجاهلت أبوظبي التي تضخ معظم إنتاج الإمارات النفطي خفض التصنيف إلا أن خبراء أوضحوا أنها لن تشعر بالرضا بشأن تأثير أزمة ديون دبي.
وتعهدت حكومة الإمارات في التاسع من مارس الجاري بدعم دبي، لكنها قالت إنّ الإمارة لم تطلب بعد مساعدة من الحكومة الاتحادية فيما يؤكد المحللون أنها ستأتي قريبًا ولكنها سترتبط بشروط معينة.
وأكد وزير المالية الإماراتي الشيح حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي أن الحكومة الاتحادية ستدعم دبي التي تتفاوض بشأن خطة لاعادة هيكلة ديون بقيمة 22 مليار دولار وأنها تتوقع تسوية المشكلة في وقت قريب، وذلك لأن دبي جزء من الاتحاد. لافتا إلى أن الإمارة لم تطلب حتى الآن مساعدة من الحكومة الاتحادية، مؤكدًا على أن الإمارات quot;كيان واحدquot; وتوقع قرب التوصل إلى حل. مضيفا أن الأمر برمته يكمن في أن هناك شركات مثقلة بالديون إلا أن تلك الشركات لا تمثل البلد بأكملها.
وبعد هذه التصريحات ارتفعت بورصة دبي في حين صعدت الأسهم في أبوظبي بدعم آمال التوصل إلى اتفاق لحل مشكلة الديون قريبًا، مما يؤكد ارتباط الاقتصاد الإماراتي ببعضه البعض.
مفاوضات
الجدير بالذكر أن مجموعة دبي العالمية شبه الحكومية أجرت مفاوضات غير رسمية في لندن مع عدد من كبار الدائنين، منهم بنكا اتش.اس.بي.سي وستاندرد تشارترد في إطار استكمال اقتراح لاعادة هيكلة ديونها.
وتقوم أبوظبي بدور نشط من وراء الستار في المفاوضات الجارية بشأن مشكلة الديون، لكنها التزمت الصمت بشأن خططها فيما يتعلق بمفاوضات إعادة هيكلة ديون دبي. ويتوقع الخبراء أن تقدم المساعدة مرة أخرى لكن بدرجة أقل ودون إثارة ضجيج وفي مقابل سيطرة مركزية أكبر، موضحين أن حجم أي مساعدة مالية من حكومة أبوظبي سيحدد ما سيتحمله الدائنون من خصم من مستحقاتهم. وكانت خطة مساعدات في العام الماضي بقيمة 10 مليارات دولار شملت خمسة مليارات دولار من بنكين مرتبطين بحكومة أبوظبي عن طريق إصدار سندات، مشروطة بتوصل دبي العالمية لاتفاق مرض مع الدائنين. ولم تصرف حتى الآن خمسة مليارات دولار من هذا المبلغ.
ومن جهته قال سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي أن إمارة دبي التي يحين موعد استحقاق المزيد من ديونها خلال عام 2010 قد تتلقى مزيدا من المساعدات سواء من الحكومة الاتحادية أو من إمارة أبوظبي الغنية.
مضيفا أن موقف أزمة ديون دبي سيجري تقييمه بعد دراسته بصورة سليمة وبناء على ذلك سيجري التوصل إلى قرار سواء على المستوى الاتحادي أو المستوى المحلي لان الدولة تنظر إلى الأمر على أنه اقتصاد واحد لا يتجزأ، لافتًا إلى أن الأزمة ليس لها انعكاس هائل على الاقتصاد الكلي لدولة الإمارات.
وأضاف المنصوري قائلا: quot;إذا نظرت إلى ما يحدث في شتى أنحاء العالم وديون الدول.. فان مسألة دبي العالمية تبدو أصغر في ما يتعلق بتأثيرها على اقتصاد مثل اقتصاد دولة الإماراتquot;.
سندات
وجاء الدعم المالي المقدر بـ 10 مليارات دولار الذي قدمته حكومة أبوظبي لشقيقتها الصغرى دبي حتى تفي بالتزامات ديونها على شكل سندات بنفس شروط إصدار سندات بقيمة عشرة مليارات دولار التي اشتراها بنك الإمارات المركزي في فبراير الماضي من حكومة دبي. وكان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات قال في تصريحات لوكالة الأنباء الاردنية (بترا) أن المساعدة المالية قدمت مقابل سندات يفرض عليها سعر فائدة. لكنه أكد على التضامن بين الإمارات في مواجهة أزمة دبي قائلاً: quot;من يشكك في قدرة الإمارات السبع على التضامن فيما بينها لا يعرف حقيقة الاتحاد الفيدرالي الذي يشد بعضه بعضًا في دولة الإمارات العربية المتحدةquot;.
وكان إصدار فبراير/شباط لأجل خمس سنوات بكوبون فائدة يبلغ 4% سنويا.وقال مصدر مقرب من حكومة دبي quot;القرض له نفس شروط الشريحة الأولى من السندات البالغة 20 مليار دولارquot;.
التعليقات