بعدما أطلقت السلطة الفلسطينية أخيرًا، حملة وطنية لمقاطعة منتجات المستوطنات دون المنتجات الإسرائيلية، أجمع الفلسطينيّون، على أهمية الخطوة، ولاقت استحساناً شعبياً. وستشمل الحملة لاحقاً مقاطعة محطات الوقود والأسواق التجارية داخل المستوطنات، علمًا أنها تركّز الآن على المنتجات الغذائية، لتشجيع الاقتصاد الوطني.
القدس: اجتمع الفلسطينيون أخيرًا على قرار مقاطعة منتجات المستوطنات، التي تساهم في تطوير اقتصادها وازدهارها من جهة، وفي ضرب المنتجات الفلسطينية وتهميشها، على الرغم من أن أسعار الأولى مرتفعة قياسًا للمنتجات الفلسطينية التي لا تقل جودة عن الإسرائيلية، ولا سيّما أنّ معظم المنتجات الإسرائيلية التي تأتي من المستوطنات، تصنّف على أنها من النخب الثانية أو الثالثة، وبعضها يكون منتهي الصلاحية أو مشرف على الانتهاء، ولا يجد سوقًا له في الداخل حتى في أسواق ومحال المستوطنات التي تصنع فيها.
وكانت السلطة الفلسطينية ممثلة بالحكومة التي يترأسها الدكتور سلام فياض، قد أطلقت أخيرًا، حملة وطنية لمقاطعة منتجات المستوطنات دون المنتجات الإسرائيلية. وكانت المرة الأولى التي تشارك فيها الحكومة الفلسطينية في مثل هكذا مبادرة، بعدما كانت الأحزاب والفصائل والقوى الوطينة والإسلامية هي من تطلق الحملات، ولا سيّما خلال الانتفاضة الأولى. وتشير الدلائل والتقارير الإعلامية إلى أن حملة مقاطعة منتجات المستوطنات في الأسواق الفلسطينية، ومنذ قرابة الشهرين، لاحظت نجاحًا ملحوظًا، وسط اعتراف إسرائيلي بتأثير الحملة على تسويق المنتجات، التي تناولتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بكثرة، وبشكل جدي، بعكس الفترات الماضية.
في سياق متصل، أكد صلاح هنية المنسق العام للراصد الاقتصادي الفلسطيني، الذي يراقب ويتابع موضوع منتجات المستوطنات، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;، أن quot;هذه الحملة لاقت تجاوبًا مقبولاً حتى الآن، ولكنها بحاجة إلى مزيد من حشد الطاقاتquot;، مطالبًا بـ quot;ألا تقتصر الحملة على الحكومة، وحثّ مؤسسات المجتمع المدني كذلك بالمشاركة فيهاquot;، مشيرًا إلى أن الحملة تتكون من ثلاث خطوات، تتمثل الأولى في الحشد الإعلامي وإقناع الناس بضرورة مقاطعة منتجات المستوطنات واستبدالها بمنتجات محلية، علمًا أن الحملة تركّز في هذه المرحلة على المنتجات الغذائية.
ويوضح هنية أنه quot;رُصدت 700 سلعة غذائية من منتجات المستوطنات ضمن القائمة السوداء، على أن يتم الشروع لاحقًا ببقية السلع والمنتجاتquot;. لافتًا إلى أن الخطوة الثانية تتجسد في توفير العمل للعمال الفلسطينيين، الذين يعملون داخل المستوطنات في الضفة الغربية، وعلى هذا الأساس أسّس صندوق الكرامة الوطنية لتمويل برنامج مكافحة منتجات المستوطنات، وقامت الحكومة والمؤسسات برصد ثلاثة ملايين وربع مليون دولار لتوفير الوظائف للعمال الفلسطينيين، ومن المتوقع أن يتم إيقافهم عن العمل داخل مصانع المستوطنات، أو يطلب منهم ترك ذلك مقابل توفير الدعم المالي لهم وإيجاد فرص عملquot;.
وأشار إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة جادة في هذا الموضوع، الذي يعتبر ضمن برنامج الحكومة لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية العتيدة. أما الخطوة الثالثة والأخيرة، بحسب هنية، فتركّز على إقناع المستثمرين الفلسطينيين، الذين لديهم مصانع داخل المستوطنات، بنقلها إلى مناطق السلطة الوطنية أو بيعها أو التخلّص منها بأي شكل من الأشكال مقابل توفير الفرص لهم للاستثمار في أراضي السلطة.
ويلفت هنية إلى أن عدد تلك المصانع التي يمتلكها الفلسطينيون داخل المستوطنات محدودة، لكنها تعمل، وتسوق إنتاجها داخل أراضي السلطة، إضافة إلى تلك المصانع موجودة في مستوطنات مناطق أريحا والخان الأحمر والأغوار، وأصحابها يحملون الهوية الفلسطينية والإسرائيلية أيضًا. وذكر أن quot;بعض المصانع الإسرائيلية داخل المستوطنات بدأت في الآونة الأخيرة بمحاولة التحايل على قرار المقاطعة الفلسطينية، من خلال وضع quot;ليبيلquot; على السلعة، يشير إلى أن المنتج مصنوع داخل الضفة الغربية، وتم ضبط هذه السلعquot;.
كما يرى هنية أن الإحصاءات المبدئية تشير إلى أن إيرادات إسرائيل من بيع منتجاتها في الأسواق الفلسطينة تصل سنويًّا إلى 2.8 مليار دولار، منها 500 مليون دولار من منتجات المستوطنات. مؤكدًا أن quot;الحملة الفلسطينية ستشمل في مراحل متقدمة مقاطعة محطات الوقود والأسواق التجارية التي يطلق عليها quot;الكينيونquot; داخل المستوطنات، موضحًا أن أكثر السلع الإسرائيلية تضررًا الآن هي التمور، التي كانت تنافس نظيرتها الفلسطينية، وبخاصة خلال المواسم والأعياد الإسلامية، معتبرًا أن التركيز الآن على المدن والأحياء في مقاطعة منتجات المستوطنات، في حين سيتم لاحقًا التركيز على المناطق المحاذية للخط الأخضر والقريبة من الجدرانquot;.
وأخيرًا ووفق التقارير والمعطيات الإسرائيلية الحديثة، فإنه يوجد في المستوطنات مناطق صناعية تشمل مسالخ للدجاج ومصنع للبهارات والمكسرات وخدمات أخرى. وتقع المنطقة الأولى في منطقة الخان الأحمر القريبة من مدينة أريحا، ويعمل فيها 170 عاملاً فلسطينيًا. أما المنطقة الصناعية الثاينة فتسمى منطقة بورقان، وفيها 100 مصنع للمنتجات الغذائية والسكاكر، وتسوق إنتاجها للأسواق الفلسطينة. ويطلق على المنطقة الثالثة بارك بروان، وهي منطقة شمال الضفة الغربية، وفيها مصانع للنسيج وإعادة تدوير القمامة والمعدات الزراعية، إضافة إلى مصانع في مستوطنات غوش عتصيون وعوفرا قرب رام الله والخليل.
التعليقات