رأى الخبير أسامة القاضي أن اليونان ربما تكون في طريقها للخروج من عملة اليورو، مستبعداً أن يكون لانخفاض اليورو أثر يذكر على الاقتصاد الكندي.

أوتاوا - إيلاف: أشار المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة قاضي إلى أن الاتحاد الأوروبي أخطأ مرتين، الأولى عندما قفز إلى مسألة العملة الواحدة على عجل دون استمهال ارتقاء اقتصاديات كل الدول المشاركة لتكون بسوية متقاربة، والثانية عندما استعجل قبول دخول دول أخرى إلى السوق الأوربية المشتركة، والانضمام لعملة اليورو، إلى أن وصل عدد الدول الأوربية إلى 25 دولة، وهاهي أوربا تدفع، وستدفع في المستقبل القريب، ثمن هذا الاستعجال - برأيه.

البرلمان اليوناني يبتّ الخميس في خطة التقشف والتظاهرات مستمرة

وكانت إذاعة سي بي سي الكندية أجرت في الخامس من مايو/أيار 2010، لقاء مع المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة قاضي حول أزمة اليونان الاقتصادية وتداعياتها على أوروبا والاقتصاد الكندي.

ولفت القاضي إلى أن السوق الأوروبية وصندوق النقد الدولي تكفلا بمبلغ 110 مليار يورو (145 مليار دولار) ستتحمل أوروبا وحدها ثلثيه (حوالي 100 مليار دولار)، على أمل إنقاذ اليونان من شبح الإنهيار. وتساءل ما الذي يجمع ألمانيا بملايينها الثمانين، وفرنسا بملايينها الستين، بدول مثل أستونيا وقبرص ومالطا (عدد سكان كل دولة أقل من نصف مليون)، فضلاً عن جمعها باقتصاديات لدول أوروبية منهكة، تجاوزت ديونها ناتج دخلهم القومي، مثل اليونان، التي بلغ حجم ديونها 179 % من ناتج دخلها القومي، وبلجيكا 219 %، وإيطاليا 194 %، وهولندا 234 %، وأسبانيا 207 %، والبرتغال 197%.

وأشار إلى أن هذا الاستعجال اعترفت به أخيراً في 28 أبريل 2010 في برلين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، عندما التقت مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس خان، حيث قالت quot;كانت الفكرة عام 2000 هل تنضم اليونان إلى عملة اليورو أم لا، ولقد تبين أن قرار انضمام اليونان لم تتم دراسته بشكل معمّق وكافquot;.

كما رأى القاضي أن الإدارة الاقتصادية الأوروبية على المستوى النوعي مختلفة اختلافاً كبيراً، فبينما تأتي لوكسمبورغ على مؤشر مشاهدة الفساد عالمياً لعام 2009 في المرتبة الثانية عشر، وألمانيا الرابعة عشر بين 180 دولة، تأتي اليونان في المرتبة الواحدة والسبعين، وإيطاليا في المرتبة الثالثة والستين.

كما لم يستغرب القاضي مقتل أشخاص في التظاهرات اليونانية لأن حجم العاملين في القطاع العام اليوناني يشكل 22 % من حجم العمالة في اليونان، وهم الذين ستطالهم في المقام الأول الحزمة المقدمة من صندوق النقد الدولي والسوق الأوروبية عن طريق الخصخصة، ورأى أن تطبيق تلك الحزمة سيسبب ثورة اجتماعية، تزيد من معدلات البطالة المرتفعة أصلاً (9%)، كما شكك في إمكانية تطبيقها، وخاصة أن المطلوب خفض النفقات الحكومية- من معاشات تقاعدية وقطاع عام ونفقات عسكرية وغيرها من الخدمات- 5 %، ثم أضيف إليها 11 % إضافية، وربما ستكلف بابندريوس استقالة حكومته قريباً.

وواقع حال اليونان أنها مالم تلتزم بالحلول الصارمة الأوروبية، يضيف القاضي، فربما تكون في طريقها للخروج من عملة اليورو، لذا فإنها تعيش اليوم حالة ما أسماه quot;شبح الدراخماquot;، بمعنى العودة للعملة اليونانية الأصلية، التي انتهى التداول بها 2002.

واستبعد القاضي أن تخرج ألمانيا من عملة اليورو على الأقل في الوقت المنظور، ولكنه توقع أن تكون المعايير الأوروبية المقبلة أكثر صرامة في الإنضمام إلى عملة اليورو، كما ستكون مراقبة تطبيق شروط الانضمام لعملة اليورو أكثر جدية هذه المرة، وأكّد أنه من مصلحة أوروبا إنقاذ اليونان، وإلا سقطت بقية الدول ذات الوضع الاقتصادي المشابه على طريقة الدومينو.

ورغم ماصرّح به سابقاً رئيس البنك المركزي الأوروبي جين كلاود تريجيت بأن quot;أية حكومة أو دولة أوروبية من البنك المركزي الأوروبي تتوقع أن يعاملها معاملة خاصةquot;، مشيراً (القاضي) إلى تجاوازات عجوزات بعض الدول الأوروبية في حد الـ3%، ولكن وبسبب quot;خطر الدومينوquot; قررت أوروبا دعم اليونان، لكنها جاءت متأخرة ثلاثة أشهر، مما دعى سايمون جونسون-رئيس الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي ndash; إلى اتهام السوق الأوروبية بأنها quot;مفلسة أخلاقياً وسياسياً، والآن مفلسة اقتصادياًquot;.

واستبعد الدكتور القاضي أن يكون لانخفاض عملة اليورو أثر يذكر على الاقتصاد الكندي، وذلك بسبب ضعف حجم التبادل التجاري مع أوروبا، ولكن أثره سيكون في مصلحة تعزيز مكانة الدولار الأميركي، وسيرسل رسالة للعالم أنه لايوجد إلى الآن ndash;على الأقل- عملة احتياطية بديلة من الدولار الأميركي، وستشهد الأسواق المالية قريباً توجهاً كبيراً للبنوك المركزية والمستثمرين لاستبدال احتياطياتها النقدية من اليورو بالدولار الأميركي، بحسب القاضي، مما سيرفع من قيمة الدولار تجاه اليورو، الأمر الذي سيؤثر على رفع الدولار الأميركي تجاه الكندي بشكل طفيف في الشهور المقبلة، ما يشكل خبراً مفرحاً للمصدرين الكنديين.

وربما يكون الوضع الاقتصادي الأوربي الراهن - كما قال القاضي - فرصة أيضاً لصنّاع القرار الاقتصادي الكندي للبحث في الأسواق الأوروبية عن امتلاك بعض الشركات الضخمة، التي ربما تفتح أبواب أوروبا أمام المنتجات الكندية، وتنوع هيكل التجارة الخارجية الكندية.