الرياض - إيلاف: يحتل سوق الاتصالات في المملكة العربية السعودية الصدارة بين أسواق الاتصالات في الشرق الأوسط من حيث الحجم، إذ تجاوزعدد المشتركين 40 مليوناً في عام 2008. ويُعزى النمو السريع في سوق الاتصالات السعودي إلى تزايد عدد السكان والتوسع المستمر في الإقتصاد المحلي. وقد أولت المملكة إهتماماً كبيراً لخطط التنمية الخمسية بتوسيع وتنمية و تخصيص قطاع الاتصالات.

وقد أحدثت حكومة المملكة تحولاً كبيراً في سوق الاتصالات السعودي بالتخلص من احتكار القطاع العام لفترة طويلة للقطاع بالتخصيص وتحرير القطاع، وخصوصاً تبعاً لإلتزامات إنضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية في عام 2005. ويشير تحليل سوق الاتصالات السريع النمو في المملكة العربية السعودية إلى أن خطوط الهاتف الجوال هيمنت على السوق بنسبة 90% من الطلب على خدمات الهاتف في عام 2008. ويعود النمو البطيء في خطوط الهاتف الثابت إلى عدم كفاية العرض والاستثمار في هذا النشاط، في حين أن مايتسم به سوق الهاتف الجوال من تنوع وديناميكية قد أدى إلى إزدهاره.

كبير إقتصاديي البنك الأهلي سعيد الشيخ

وفي تقرير صادر من البنك الأهلي، أوضح كبير إقتصاديي البنك د. سعيد الشيخ أن قطاع الاتصالات السعودي يخضع تنظيمياً لهيئة حكومية تدعى laquo;هيئة الاتصالات وتقنية المعلوماتraquo;، وقد تم إنشاء هذه الهيئة في عام 2001 تحت مسمى laquo;هيئة الاتصالات السعوديةraquo; وتم تغيير الاسم في عام 2003 لإتساع نطاق تأثيرها على سوق خدمات تقنية المعلومات والاتصالات. وتتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مسؤولية إصدار التراخيص للشركات المشغلة في القطاع الخاص، وتطبيق القواعد التي تحكم مزودي خدمات الهاتف والإنترنت وخدمات الوسائط المتعددة الأخرى. وتعمل وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات جنباً إلى جنب مع هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات، وتتطلب من الأخيرة أن ترجع إلى الأولى في مسائل تتراوح من الترخيص إلى توزيع ترددات موجات الاتصال. أيضاً تضطلع الوزارة بمهمة وضع السياسات العامة والخطط وبرامج التنمية لقطاع الاتصالات.

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية أصبحت العضو رقم 149 في منظمة التجارة العالمية في عام 2005. وكان من ضمن الالتزامات التي تعهدت بها المملكة أن تفتح سوق الاتصالات السعودي أمام المستثمرين الأجانب. وتضمن هذه الالتزامات أن أية خدمة اتصالات يتم تقديمها لابد وأن تتم عبر شركة مساهمة يكون للمستثمرين الأجانب حق تملك أسهم فيها. وتخص هذه الشروط خدمات الهاتف الصوتي والفاكس والبريد الصوتي، بإستثناء خدمات البث الإذاعي. وتمتعت المملكة بفترة انتقالية لمدة ثلاثة أعوام لتمكينها من الإيفاء بإلتزاماتها تدريجياً. ومن المؤكد أن فتح سوق الاتصالات السعودي أمام المشغلين من القطاع الخاص المحلي والدولي على حد سواء سيصب في مصلحة المستهلك السعودي من حيث الأسعار التنافسية، في حين أن المنتجات والخدمات الجديدة المتنوعة ستعزز الميزانيات العمومية للشركات الحديثة الدخول لذلك السوق.

وبلغ الحد المسموح به للملكية الأجنبية في شركات خطوط الهاتف الجوال المنشأة محلياً 51% بنهاية عام 2005، وخلال فترة السنوات الثلاث الانتقالية تمت زيادة هذه الحصة لتصل في نهاية الأمر إلى نسبة 70% بنهاية عام 2008. وتم حصر عدد تراخيص خدمات المنافذ الطرفية البالغة الصغر والقائمة على الاتصال عبر الأقمار الصناعية (VSAT) في خمسة تراخيص فقط حتى الأول من يناير/كانون الثاني من عام 2006. وعقب إنضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، تغير الوضع، وأصبح يتسم بالمرونة، حيث لم يعد هناك تحديد لعدد هذه التراخيص التي تمنح للمشغلين المحليين أو الأجانب.

ولفت التقرير إلى أن المملكة تضم سوق منتجات وخدمات الاتصالات الأكبر والأسرع نمواً في الشرق الأوسط. وفي جانب الطلب، بلغت القيمة السوقية لخدمات الاتصالات التي تم شراؤها حوالي 59 مليار ريال في عام 2008. مسجلة إرتفاعاً بحوالي 37% عن مستواها في السنة السابقة. وتحتل شركة الاتصالات السعودية المرتبة الأولى بحصة 80.8% من الطلب في السوق، في حين تبلغ حصتي موبايلي وزين 18.4% و0.8% على التوالي.

وقد بلغ العدد الكلي للمشتركين أكثر قليلاً من 40 مليون في عام 2008. وبلغ متوسط استهلاك المشترك حوالي 1.471 ريال، هذا في حين أن متوسط الاستهلاك للفرد الواحد من السكان يزيد كثيراً عن ذلك ويبلغ 2.390 ريال، وبالتالي فإن عدد المشتركين يتجاوز عدد السكان بنحو 15 مليو ، الأمر الذي يشير بوضوح للطلب القوي في سوق الاتصالات السعودي.

وبلغ إجمالي إيرادات المبيعات لشركات الاتصالات الثلاث ndash; شركة الاتصالات السعودية، وموبايلي، وزين ndash; حوالي 72 مليون ريال في الإثني عشر شهراً المنتهية في شهر يونيو من عام 2009. وهذه تمثل زيادة بنسبة 22% تقريباً عن المستوى الذي أمكن تحقيقه في عام 2008 بكامله. ويكمن السبب الرئيس وراء هذه الزيادة الملموسة في إيرادات المبيعات هذا العام في طرح منتجات وخدمات جديدة ومايرتبط بها من تسهيلات وتجهيزات.

ويلفت التقرير إلى أن العقدين الماضيين شهدا توافر قوة دافعة لزيادة السعة التشغيلية لخطوط الهاتف الثابت لدى شركة الاتصالات السعودية نتيجة لتطورات تقنية الاتصالات وأيضاً النمو السريع للسكان. وحقق السوق نمواً سنوياً تراكمياً بمعدل 19.4% في العرض خلال الفترة المذكورة، وهو معدل يكاد يصل إلى ستة أضعاف معدل نمو السكان. بيد أن الأعوام الثمانية المنتهية عام 2008 شهدت تباطؤ هذا النمو نتيجة لعدم كفاية العرض من جانب شركة الاتصالات السعودية وتوافر البدائل السهل في خطوط الهاتف الجوال. وتراجع معدل النمو السنوي التراكمي خلال هذه السنوات الثمان كثيراً إلى 4.1% مقارنة مع 8.4% للفترة مابين عامي 1990 و2000.

وبالإشارة إلى معدل الإنتشار، فإن كثافة الخطوط الثابتة التي بلغت 16.6 خط لكل 100 من السكان في عام 2005 تقل عن الهدف المرصود في خطة التنمية الخمسية السابعة بنسبة 33.6%. ويرى التقرير أن الهدف المرصود في خطة التنمية الخمسية الثامنة وهو 27 خط ثابت لكل 100 من السكان بحلول عام 2010 لا يرجح له أن يتحقق رغم دخول مشغل جديد وهو شركة عذيب. وتضع تقديراتنا كثافة خطوط الاتصال الثابت لعام 2010 عند مستوى 16.8 خط لكل 100 ساكن.

ونأمل أن يؤدي دخول شركة عذيب كمشغل جديد في سوق الخطوط الثابته في المملكة إلى تحقيق سعة إضافية قدرها 120.000 خط، فيما بين عامي 2009 و2010، وبالتالي، ورغم أننا نتوقع أن لايتم تحقيق الهدف المرصود في خطة التنمية الخمسية الثامنة، إلا أننا نتوقع أن تقلل المنافسة المتزايدة عجز السعة من 38.4% إلى 36.6 %.

وأدى إدخال النظام العالمي للهاتف الجوال إلى المملكة في عام 1994 إلى زيادة عدد المشتركين في خدمة الهاتف الجوال من 16.000 خط موفرة حصرياً عن طريق شركة الاتصالات السعودية إلى 36 مليون خط وفرها المشغلون الثلاثة بنهاية عام 2008. وفيما بين عامي 1990 و 2000 نما السوق بمعدل نمو سنوي تراكمي بلغ 57%. غير أن السنوات الثماني الأخيرة شهدت تراجع معدل النمو السنوي التراكمي إلى 50%، مما يشير إلى أن الخدمة قد تكون في طريقها للوصول إلى مستوى النضج المطلوب.

ويتوقع البنك الأهلي أن يحقق قطاع الهاتف الثابت معدل نمو أسرع نتيجة للاستثمارات الجديدة التي يتوقع أن تفي بالطلب المتراكم. من ناحية أخرى، يتوقع أن يؤدي دخول ثلاثة مشغلين جدد إلى تحفيز النمو عبر خدمات الموجة العريضة اللاسلكية وتطوير بنى تحتية بديلة إلى جانب شبكة شركة الاتصالات السعودية. ودخلت شركة باتلكو البحرينية مع شركة عذيب في مشروع مشترك يعمل على إستثمار مليار دولار في تقنية واي ماكس المتطورة خلال السنوات الخمس الأولى من عمر المشروع المشترك.

أيضاً تعتزم شركة باسيفيك سنشوري سايبروركز من هونغ كونغ إنشاء شبكات خطوط ثابتة لاسلكية، في حين تخطط شركة فيرايزن الأميركية أن تعتمد على شبكة شركة الاتصالات السعودية لتوفير خدمات خطوط الهاتف الثابت. واعتمد مجلس الوزراء السعودي عقود مع شركات الاتصالات الرائدة موترولا، وزي تي إي (زونج إكسنغ تلي كومينيكيشن إكيوبمنت)، وويبرو، لإنشاء وتطبيق البنية التحتية المطلوبة لخدمات خطوط الهاتف الثابتة السلكية واللاسلكية. ومن الواضح أن المملكة في حاجة شديدة إلى بنيات متطورة في تقنية المعلومات مع انتقالها إلى عصر الحكومة الإلكترونية، ومع التوسع الكبير في قطاع الأعمال بها نتيجة لإنشاء ست مدن اقتصادية جديدة.

بيد أن الشركات المشغلة الثلاث لا تزال في بداية إنطلاقتها، ولم يتم الكشف عن معلومات محددة حول استراتيجيات وأهداف التطوير المتوقعة. وبوضع هذه الحقيقة في الذهن، فإن التقرير يتوقع ارتفاعاً طفيفاً في معدل نمو سوق خطوط الهاتف الثابت خلال السنوات الثلاث المقبلة. ويتوقع أن تصل معدلات النمو إلى 4% بحلول عام 2012، موفرة 4.7 مليون خط هاتف ثابت، بزيادة بنحو 1.4% عن معدلات نموها في عام 2008. ولايزال النمو في خطوط الهاتف الثابت محدوداً، ويجاري النمو في تعداد السكان، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة طفيفة في معدل انتشار الخطوط الثابتة خلال الفترة المذكورة.

أما خدمة الهاتف الثابت، فقد ظلت حصرية على شركة الاتصالات السعودية، وبلغ إجمالي عدد الخطوط 4.1 مليون خط؛ وبالتالي يكون مجمل سعة سوق الإتصالات لعام 2008 حوالي 40.1 مليون خط، وبنسبة انتشار تبلغ 161.3 خط لكل 100 من السكان؛ منها 144.8 خط للهاتف الجوال، و16.5 خط للهاتف الثابت. بيد أن إصدار ترخيص ثاني لتشغيل الهاتف الثابت لمجموعة شركات عذيب، التي يتوقع أن تبدأ التشغيل في نهاية عام 2009، سيوفر 120.000 خط ثابت إضافي في خلال عام 2010.

ومن المرتقب أن يشهد سوق خطوط الهاتف الثابت في السعودية نمواً سريعاً خلال السنوات الثلاث المقبلة، بفضل الطلب القوي من جانب قطاع الأعمال، فضلاً عن دخول ثلاثة مشغلين جدد. وتعتزم الشركة المشتركة بين بي سي سي دبليو وباتلكو- عذيب إدخال شبكات هاتف ثابت لاسلكي لتتجاوز على شبكات أيه دي اس ال (ADSL) التي توفرها شركة الاتصالات السعودية، وتحوز حصة في هذا السوق بفضل هذه التقنية الجديدة. في غضون ذلك، من المتوقع تباطؤ النمو السريع في سوق خدمات الهاتف الجوال خلال السنوات القليلة المقبلة، نظراً إلى تشبع السوق؛ في حين يُتوقع لعدد مستخدمي الجيل الثالث أن ينمو سريعاً، حيث إن الاستثمارات التي ترصدها شركة الاتصالات السعودية وشركة موبايلي سوف تساعد على تطوير شبكتيهما وجاذبيتها السوقية.

إلى ذلك، يوضح التقرير أن بعض التحديات قد تعترض مسيرة تطور سوق الاتصالات السعودي في المستقبل المنظور. ورغم إصدار تراخيص لمشغلين جدد لخدمات الهاتف الثابت، على أمل أن يتم توسيع البنية التحتية، إلا أن القطاع يبقى معتمداً في الوقت الراهن على شبكة ايه دي اس ال (ADSL) التي تديرها شركة الاتصالات السعودية.

وإذا أضيف ذلك إلى ذلك تباطؤ نمو شريحة سوق الهاتف الجوال، فقد يشهد سوق الاتصالات معدلات نمو أكثر إعتدالاً مما خبرناه خلال الأعوام القليلة الماضية. أيضاً من شأن المنافسة الحامية في شريحة خدمة الهاتف الجوال أن تؤدي إلى حرب أسعار، في حين يبقى سقف التعرفة العامة مرتفعاً. وقد ينتج من هذا الوضع إلى تقليص مستوى الإيراد على كل خط هاتف جوال. ولذا ينبغي أن يولى قطاع الاتصالات عناية خاصة مع مضي القطاع قدماً في مسيرته نحو التحرير.