توقّع تقرير صادر من البنك السعودي الفرنسي أن يتجاوز حجم القروض المطلوبة لتمويل المشروعات المحتملة 120 مليار دولار، مشيراً إلى أن ذلك يتيح للبنوك فرصاً تمويلية جديدة؛ لكنه رجّح أنّ لا يعود النشاط الائتماني المصرفي إلى مستواه الطبيعي قبل عام 2011.

الرياض: شخَّص تقرير صادر من البنك السعودي الفرنسي واقع سوق الائتمان في السعودية، التي لا تزال تئنّ تحت وطأة تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث لم يتجاوز معدل نمو النشاط الائتماني في الربع الأول من العام الجاري 1.6%، في حين أن نموه في شهر مارس/آذار كان ضئيلاً عند 0.5%.

وتوقّع التقرير، الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه أن يتجاوز حجم القروض المطلوبة لتمويل المشروعات المحتملة حدّ 120مليار دولار، مشيراً إلى أن ذلك يتيح للبنوك فرصاً تمويلية جديدة؛ لكنه رجّح أنّ لا يعود النشاط الائتماني المصرفي إلى مستواه الطبيعي قبل عام 2011.

كما رجّح البنك أن ينمو حجم القروض المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص بمعدل 8% في العام الجاري، لافتاً إلى أنه من الممكن إبرام عدد كبير من الصفقات التمويلية خلال العام، لاسيما أن بعض البنوك (الأهلي، والرياض، وساب) بدأت بتوسيع نشاطها الائتماني، وسط توقعات بأن تبرم مجموعة، تضم بنك الرياض ومجموعة سامبا والبنك العربي، صفقة جماعية لإقراض مجموعة بن لادن مبلغ 14.5 مليار ريال لتمويل بناء مركز الملك عبدالله المالي.

وفي سياق متصل، أوضح التقرير أن التمويل الرسمي للمشروعات يمثل إحدى العقبات الرئيسة التي تواجهها البنوك السعودية الخاصة. فعلى الرغم من ضخامة حجم سوق الائتمان المحليّة ونطاقها، يبدو من المستبعد أنْ تتوافر الحوافز الكافية لتشجيع هذه البنوك على توسيع نشاطها الائتماني قبل نهاية العام الجاري وبداية عام 2011، لأنّ التمويل الرسمي الهائل يُقلل فرص الإقبال على القروض المصرفية خلال العام الجاري.

ويرى التقرير أن حرص الحكومة السعودية الشديد على تنفيذ استراتيجيتها التنمويّة القريبة المدى جعلها تتحمل معظم الأعباء المالية لعملية التعافي الاقتصادي، عبر تقديم قروض معفيّة من الفوائد لتسريع إنجاز المشروعات الرئيسة للبنية التحتية، ما يشجّع الشركات الخاصة، بطريقة أو بأخرى، على تفادي القروض المصرفية ذات التكاليف المرتفعة نسبياً.

وأكّد التقرير أنّ البنوك السعودية الخاصة لم تبذل الجهد الكافي لاستغلال الفرص المتاحة في مجال الإقراض الاستراتيجي المحدود المخاطر، من خلال تردّدها في تقديم قروض إلى الشركات الخاصة الصغيرة، التي لم تسجّل نجاحات باهرة، وتتعامل بحذر شديد مع طلبات الاقتراض التي تتلقاها من الشركات العائلية العريقة، بعدما عدّلت سياساتها الائتمانية، بسبب تعثّرُ ديون شركتين عائليّتيْن كبيرتيْن في 2009.

وأرجع أسباب تراجع النشاط الائتماني في السعودية إلى تدخل الحكومة السعودية عبر تقديم قروض تمويلية معفية من الفوائد، وقيام الدولة بمراجعة المشروعات الضخمة التوسعية والمحدودة المخاطر في مجال الطاقة، ما أدى إلى تأخيرات كبيرة في إطلاقها، من أجل إمكانية بدء البنوك بالتنافس على تمويلها إلى 2011، إلى جانب تشدد البنوك في شروط منح القروض، وإحجام شركات القطاع الخاص عن الاقتراض، لأنها أعطت الأولوية لسداد مديونياتها.

من جهته، أوضح الاقتصادي السعودي الدكتور فهد بن جمعة في تصريح لــ quot;إيلافquot; أنه بعد الأزمة المالية العالمية وارتفاع معدل المخاطرة، سواء في الاستثمار البنكي أو القطاعات الأخرى، فإن هناك تشدداً وتحفظاً من قبل البنوك في سياسة الإقراض نتيجة لارتفاع المخاطرة، والركود الاقتصادي.

وذكر بن جمعة أن العوامل المحددة لحجم القروض المستقبلية وعودة النشاط الائتماني إلى مستواه الطبيعي تعتمد على معدل النمو الاقتصادي، الذي يتوقع أن يكون عند 3% في نهاية العام، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى زيادة طلبات الأفراد والمؤسسات على القروض، والتي ترتبط بشكل مباشر مع النمو الاقتصادي.