أشار وكيل وزارة الصناعة والمعادن العراقي مكي عجيب حمود إلى أن فتح باب الأسواق العراقية على مصراعيه أمام البضائع الأجنبية الرخيصة أدى إلى الإطاحة بالمنتوجات المحلية. وهذا ما جاء في المقابلة.

بغداد: قال وكيل وزارة الصناعة والمعادن العراقي مكي عجيب حمود إن التخصيصات المالية لوزارة الصناعة والمعادن لا تكفي لتشغيل المعامل والمصانع ورفع كفاءتها. واعترف حمود في مقابلة مع quot;إيلافquot; أن الصناعات في العراق متوقفة منذ أعوام، وأن الاستثمار والقطاع الخاص لم يمكن خلال السنوات الماضية من المنافسة، لأنه لم يحصل على دعم الحكومة لبناء اقتصاد عراقي مقتدر.

*منذ 2003 شهدت الصناعة والمعادن انهياراً في مجال الصناعة لماذا؟
بعد أحداث عام 2003 تعرضت غالبية المصانع لأعمال السلب والنهب، إضافة إلى تأثر البعض منها بالأعمال العسكرية، وفي زمن سلطة الائتلاف، تم تجميد أرصدة الشركات العامة، مما أدى إلى توقفها تماماً عن العمل والإنتاج. وفي عامي 2004-2005 قامت الوزارة بوضع خطة عمل لها بضوء المتغيرات الحاصلة، والبدء بعمليات المسح الميداني للشركات العامة وإعداد خطة للتشغيل الفوري لتحديد الكلف المطلوبة للتأهيل، التي قدرت آنذاك بما يعادل (2250) مليار دينار، إلا أن المبالغ التي تم استحصالها ضمن الموازنة الاستثمارية للأعوام (2004،2005، 2006 ،2007 ) كانت بحدود (7.3 ، 7.2، 14 ،42) مليار دينار على التوالي، وهي لا تتناسب مع الحاجة الفعلية، مما أدى إلى عدم إمكانية الوزارة بالنهوض بواقع القطاع العام بشكل فعال خلال هذين العامين.

وأضاف quot;لقد كان التوجه آنذاك نحو تحويل الصناعة إلى القطاع الخاص، بالرغم من أن القطاع الخاص لم يكن بالمستوى الذي يؤهله لتحمل هذه الأعباء، ناهيك عن أن هذه العملية ومن التجارب العالمية تأخذ سنوات للتنفيذ. أما في عام 2008 فقد تم رصد مبلغ (668) مليار دينار عراقي من الموازنة الاستثمارية، التي كان لها الأثر في إبرام الكثير من العقود التي ساعدت على تأهيل الشركات وتحديث بعض الخطوط الإنتاجية اللازمة للنهوض بواقع الصناعة العراقية، ومعلوم أن التحديث والتطوير يأخذ دورة زمنية تتطلب في كثير من الأحيان أكثر من 18 شهراً.

*عمل صدام على عسكرة الصناعة أنتم ماذا فعلتم؟
منذ منتصف عام 2004 قامت الوزارة بوضع استراتيجيتها وبرامجها التي تعتمد على تنمية القطاع الصناعي الذي يعتمد على التطور الحاصل في القطاعات الأخرى، وخاصة التطور الاجتماعي والاستقرار السياسي، إذ لا يمكن أن يتحقق النمو الصناعي في ظل ضعف الاستقرار السياسي والتدهور الاجتماعي. تم إلحاق 28 شركة من هيئة التصنيع العسكري المنحلة إلى وزارة الصناعة، وتم العمل على تغيير نمطق العمل من الصناعات العسكرية إلى الصناعات المدنية وإنشاء الخطوط الانتاجية التي تتلائم مع خبرة الملاكات من خلال الموازنة الاستثمارية، ومنها على سبيل المثال إنجاز مشروع جديد لتصنيع قناني الغاز وإنشاء خط لإنتاج المبيدات الزراعية وغيرها، علماً أن هذه الصناعات شهدت دماراً واسعاً في البنية التحتية في عام 2003.

*كم تبلغ ميزانية وزارة الصناعة والمعادن؟
تبلغ الميزانية التشغيلية لمركز الوزارة لعام 2010 (163.7) مليار دينار والميزانية الاستثمارية للعام نفسه (500) مليار دينار.

*كم معملاً ومصنعاً عاد للعمل بعد 2003؟
قامت الوزارة ببذل الجهود المتواصلة من أجل إعادة تشغيل معامل الوزارة بعد توقفها بسبب تجميد أموال الشركات في المصارف وأعمال السلب والنهب وبلغت عدد المعامل العاملة حالياً (173) معمل من إجمالي العدد البالغ (253) معمل أي بنسبة (72%) ولكن بطاقات إنتاجية لاتزال متدنية بالمقارنة مع طموح الوزارة. وقد كان لشحة تجهيز الطاقة الكهربائية والوقود دور في ذلك، وأن العمل مستمر من أجل إكمال تأهيل وتشغيل المعامل المتبقية المجدية اقتصادياً، والبالغة (11%) من عدد المعامل، وتم ايقاف تشغيل المعامل غير المجدية او المدمرة والبالغة نسبتها (17%) من عدد المعامل، بالرغم من ان التخصيصات لعامي 2006 2007 من الموازنة الاستثمارية كانت ضئيلة جدا ونأمل النهوض بالطاقات الانتاجية هذا العام والعام المقبل.

*فتح الحدود بهذا الشكل امام البضائع الاجنبية ماهو مغزاه؟
ان فتح الحدود امام البضائع المستوردة ادى الى اغراق السوق بمنتجات ذات مستويات متدنية عن المواصفات القياسية المعتمدة وباسعار زهيدة اثرت على تنافسية المنتج الوطني لقطاعات العام والمختلط والخاص واستغلت هذه الحالة ايضا في غسيل الاموال من خلال طرح منتجات باسعار زهيدة اضافة الى فتح منافذ لكثير من الدول لبناء وتاسيس اسواق لها في العراق من خلال طرح المنتجات باسعار متدنية مغرية للسوق العراقي.

*لماذا لم تمنحوا القطاع الخاص وجوداً في رسم السياسة الاقتصادية ووضع ضوابط للاستيراد واخضاع البضائع المستوردة لضوابط السيطرة النوعية والرقابية؟

لقد كانت السياسة السابقة للوزارة تعتمد على ادارة الشركات العامة المرتبطة بها وقد تغيرت هذه السياسة ليكون للوزارة دور في تنمية القطاع الصناعي بكامله. لذا فان هناك لقاءات مستمرة مع ممثلي القطاع الخاص والتباحث حول العمل على اصدار القوانين والتشريعات التي تسهم في خلق بيئة الاعمال المؤاتية لنمو الصناعة في العراق ومنها سن التشريعات التي تؤدي الى حماية المنتج الوطني من الاغراق وحماية المستهلك والتعرفة الكمركية والمطالبة باعادة تفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارة التخطيط واخذ دوره الرقابي بعدم السماح بدخول المنتجات غير المطابقة للمواصفات المعتمدة والعمل مع جهات حكومية مختلفة لغرض وضع الية شفافية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

*يفضل عدد من المستثمرين العراقيين العمل خارج العراق بسبب عدم توفر الشروط الموضوعة لقيام صناعة وطنية عراقية واهمال الدولة لهم وعدم تقديم المساندة والدعم؟
قامت الوزارة بالاعلان عدة مرات عن اتاحة فرص للمستثمرين لابرام عقود لتأهيل وتحديث معامل الشركات العامة القائمة على اساس المشاركة مع المستثمرين والشركات العالمية المتخصصة وتم توقيع عدد من العقود مع القطاع الخاص وباسناد شريك فني من قبل شركات عالمية شركة ماروبيني اليابانية بخصوص تاهيل معامل الشركة العامة للاسمدة في المنطقة الشمالية / بيجي وتوقيع عقد مع القطاع الخاص وباسناد فني من قبل شركتي ماروبيني وكاواساكي اليابانيتين بخصوص تاهيل معمل سمنت كبيسة ، وتوقيع عقد اخر مع القطاع الخاص وباسناد فني من قبل شركات عالمية بخصوص تاهيل معمل سمنت الفلوجة / الابيض و سمنت القائم ، سمنت كربلاء مع استمرار المفاوضات بشان معامل اخرى كمعمل سمنت المثنى ومشروع الحديد والصلب في البصرة .


*ما هو تعليقك على ان عمر العراق يتجاوز 6 الاف سنة ويستورد مادة الورق الصحي (الكلينكس) والايس كريم والنساتل بمختلف انواعها ولا يستطيع تصنيعها؟

الصناعات الصغيرة والمتوسطة على العموم متوقفة عن الانتاج بسبب اغراق السوق بمنتجات رخيصة الثمن مقابل الكلف العالية التي تتكبدها هذه المشاريع اثناء تشغيلها بسبب النقص الحاد في الكهرباء والوقود وتقادم الخطوط الانتاجية.


*تحدثت الحكومة عن ميزانية او ثورة انفجارية وارقام خيالية اين هذه الارقام وهل ساهمت في بناء صناعة عراقية؟

ان ما تم تخصيصه لقطاع الصناعة والتعدين قليل بالمقارنة بالحاجة الفعلية وكما اشرنا الى ذلك سلفا.


*لماذا لاتخصص اموال لدعم المصرف الصناعي او الزراعي او العقاري وهذه المصارف هي مقومات الدول الحديثة؟لماذا لاتقدمون تلك القروض من اجل تسترجع المصانع عافيتها من جديد؟واذا كانت الحجة الامن فهناك الكثير من مناطق جنوب ووسط العراق في حالة امن كبير؟

هذا الموضوع يتطلب من الحكومة العمل عليه وفق منهاج محدد لزيادة التنويع الاقتصادي وخاصة القطاع الزراعي والصناعي ومساهمتها في الناتج الوطني ، وقد تم توزيع بعض القروض الى مشاريع القطاع الصناعي الخاص في عامي 2008،2009 والتوقف بسبب عدم وجود الية عمل سهلة للاقراض والعمل مستمر وعلى اصعدة مختلفة لتوفير اليات واموال للاقراض الصناعي الخاص وتطويره من خلال مصارف متخصصة كما ان هناك عدد من المصارف الخاصة بدأت ايضا بفتح القروض للقطاع الخاص ، علما يان الصناعات الصغيرة والمتوسطة هي الدافع الاساسي المحرك للاقتصاد بسبب مساحة عملها الواسعة وتنوعها وخلقها فرص للايدي العاملة.


*المصانع العراقية تعاني من تقادم المكائن والمعامل وكثرة العطلات فيها وندرة عمليات التأهيل والتحديث مالذي فعلته الوزارة لحل هذه المشكلة؟

تمكنت الوزارة منذ عام 2008 بالبدء بعمليات التاهيل من خلال المبالغ المخصصة ضمن الموازنة الاستثمارية وشمل التاهيل كثير من الصناعات وخاصة الصناعات التي تتطلب التاهيل للنهوض بواقعها وجعلها جاذبة للمستثمرين اضافة الى الصناعات التي تتطلب الاصلاح الاقتصادي للنهوض بواقعها والتمكن من اعادة هيكليتها لاحق.

كما شمل التحديث والتطوير للمصانع الحالية من خلال ادخال الخطوط الانتاجية الجديدة وتشغيل مشاريع جديدة مثل مشروع الانابيب الملحومة حلزونيا في الشركة العامة للحديد والصلب وبطاقة (150) الف طن سنويا ومشروع المعدات الثقيلة في شركة الفارس، خط لانتاج الاعمدة المضلعة بطاقة (15000) عمود سنويا للانارة في شركة الصمود العامة للصناعات الفولاذية ، اكمال مشروع محركات الضغط الفائق في الشركة العامة للصناعات كما تم البدء بمشاريع تاهيل معامل شركة ابن ماجد العامة واضافة خط انتاج النهايات المحدبة، خط جديد لانتاج الماء الصحي في شركة المنصور العامة بطاقة (8000) عبوة / ساعة واضافة خط لتجميع الخلايا الشمسية ، التعاقد على تحديث مشروع انتاج الكلور والصودا الكاوية باعتماد اسلوب انتاج بتكنولوجيا حديثة صديقة للبيئة والمتوقع انجازه عام 2011 بطاقات انتاجية (13) الف طن سنويا من الصودا الكاوية و(12) الف طن من الكلور، تاهيل معامل صناعة الادوية والصعود بالطاقات الانتاجية لتلبية احتياجات وزارة الصحة من (15%) الى (20%) عام 2009 ومن المؤمل التمكن من تلبية (30%) من الحاجة نهاية عام 2010 واضافة خط جديد لانتاج المحاقن النبيذة،اكمال نصب معمل انتاج جبن المثلثات والمربعات والمؤمل البدء بالانتاج في منتصف عام 2010 بعد وصول المواد الاولية المتعاقد عليها.


*الاستيراد غير المتقن واغراق السوق بالسلع الرديئة والرخيصة كمن تتعاملون معهم خصوصاً وانهم يعرقل نجاح الصناعة العراقية لانه منافس شرس؟

هذا صحيح ولهذا قامت الوزارة باعداد مسودات القوانين الخاصة بحماية المنتج وحماية المستهلك والمساهمة مع وزارة المالية في قانون التعرفة الكمركية للحد من اغراق السوق العراقي بهذه المنتجات وبالتالي افساح المجال امام الصناعة الوطنية لاستعادة وضعها في السوق العراقي المحلي وتلبية احتياجات الوزارارت الاخرى من المنتجات والخدمات الصناعية وتنمية القطاع الصناعي الخاص وتحقيق النمو المستدام.

*ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم فتح الأسواق العراقية امام البضائع المستوردة ادى الى انعدام قدرة المنتوجات المحلية على منافسة مثيلاتها المستوردة إضافة لعدم الحصول على المواد الاولية الداخلة في الانتاج الصناعي كيف عالجتموه؟
أولا: لدينا ميزة تنافسية في المنتجات التي تعتمد على الموارد الطبيعية المتوفرة في العراق مثل صناعة السمنت والأسمدة. اضافة الى القيمة المضافة العالية لبعض منتجاتنا كما في الادوية .ثالثا: الخبرة الموجودة والامكانيات التصنيعية في المجالات الميكانيكية والكهربائية.رابعا: الاتفاق مع بعض الشركات العالمية للعمل المشترك في انتاج بعض المعدات التي تتطلب تكنولوجيا عالية وخاصة في المجالات الخدمية التي تخدم وزارتي النفط والكهرباء.خامسا: المقاولات الصناعية التخصصية.

*هناك مفارقة في الصناعة العراقية فمثلاً فيما يتعلق بصناعة الملابس عراقياً-نجد ان الرسوم والضريبة وضعت على الاقمشة الخام المستوردة بينما رفعت هذه الضريبة عن الملابس والمنتجات المصنعة وهذا معناه ان التسهيلات معكوسة تقدم للتاجر او المنتج الاجنبي ولا تقدم لابن البلد؟

هذا الموضوع مهم ونحن بحاجة الى سياسة اقتصادية واضحة تنتهجها الحكومة لغرض تشجيع الصناعة الوطنية . اننا بحاجة ماسة الى ترويج فكرة اقتناء المصنوعات العراقية لما تمثله من جودة واصالة والاستمرار في بناء الصناعات وتوفير فرص العمل ويجب ان يكون الدافع وطنيا في رفع الشعارات التي تتلائم مع دعم وتشجيع الصناعات الوطنية شعار quot; صنع في العراقquot;.


*ما هو نمط الاقتصاد او السوق العراقية، واليوم كذلك ايضاً لانعلم ماهي طبيعة السوق العراقية، هل هي رأسمالية؟ام اشتراكية؟ام ايلامية ام ماذا؟

نحن في مرحلة انتقالية بالتحول من الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق وهي فترة حساسة يجب ان يتعاون فيها كافة اجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية لضمان تحقيق التحول بشكل انسيابي ومجدي وبما يضمن المحافظة على ما تم الوصول اليه في كافة المجالات عبر السنوات الطويلة الماضية ومنها بناء الصناعة عبر اكثر من خمسين عاما وتطويره وتحقيق النمو المستدام وهذا الامر يتطلب جهدا اكبر بكثير من جهد وزارة الصناعة والمعادن .


*لماذا السوق العراقية لاتنتهج اي معيار او اي استراتيجية محددة يمكن من خلالها ان تتبنى نمط صناعي واضح؟

الضغوطات كبيرة جدا على السوق العراقية حيث ان رفد الاسواق بالبضاعة الرخيصة من قبل دول الجوار ساهم في الحصول على الربحية للتجار والقضاء على الصناعة الوطنية وخاصة القطاع الخاص حيث ان (20%) فقط من مصانع القطاع الخاص تعمل حاليا بطاقات متدنية.


*لماذا لا تقدم الحكومة الدعم للمشاريع الصناعية ؟

الحكومة انتبهت الى هذا الموضوع مؤخرا في عام 2008 وعليه بدات تسهم بدعم للمشاريع الصناعية ولكن لا يزال يتطلب المزيد من العمل خصوصا في تحفيز الطلب على المنتجات وترويج مبدأ quot;صنع في العراق اولاquot;.


*لماذا لا تضع الحكومة إستراتيجية من شأنها ان ترتقي بالقطاع الصناعي؟

قامت الوزارة ومنذ عام 2006 بوضع برامج الستراتيجية الصناعية العراقية التي تعتمد على ثلاثة مسارات قصيرة ومتوسطة وبعيدة الأمد تتوازى في التنفيذ ويتعلق تنفيذ احدها بالآخر وكما يأتي: برنامج الوزارة على المدى القصير يتضمن تشغيل الشركات العامة وتأهيلها وجعلها تعمل بتنافسية وعلى المدى المتوسط يتضمن إعادة هيكلية الشركات العامة بهدف الإصلاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وعلى المدى البعيد يتضمن يتضمن برنامج الوزارة القطاع الصناعي بكامله من خلال صياغة إطار سياسة متكاملة لتطوير الصناعة الوطنية ويكون للقطاع الخاص الدور الريادي.