بين داع لأن تؤسس الحكومة الكويتية صندوقا لتمويل الشركات التي ستنفذ مشاريع خطة التنمية، وآخر رافض لتجاهل دور المصارف في هذا الإطار، تبحث الحكومة خلال جلستها اليوم مختلف التصورات، وسط تراجع للخيار الأول، وإنتعاشا للخيار الثاني.

الكويت: تشرع الحكومة الكويتية خلال جلستها الأسبوعية اليوم، في بحث وتقليب وجهات النظر والتصورات، حيال الجدل الواسع الذي تبديه أطراف كويتية عدة حكومية وأخرى غير حكومية، بشأن توفير التمويل اللازم للشركات التي ستشرع في تنفيذ مشاريع خطة التنمية التي أقرت قبل أشهر في إطار من التوافق الحكومي البرلماني، إذ نشأت أزمة الجدل الحالي، مع الإقتراح الذي تدعمه أوساط حكومية بشأن تأسيس صندوق رسمي يغذى بالمال العام، وتكون مهمته الأساس صرف التمويل اللازم للشركات المنفذة للمشاريع الكبيرة، بعيدا عن إجراءات المصارف المحلية الطويلة، التي قد تقرر في أي وقت رفض منح التمويل لبعض الشركات، الأمر الذي قد يضر بخطة التنمية.

وفي هذا الإطار ترى المصارف الكويتية مجتمعة، في ظل توافق مع البنك المركزي الكويتي بأن المصارف الكويتية على إختلافها، تمتلك القوة المالية والسيولة التي تمكنها من تمويل الشركات المنفذة لمشاريع خطة التنمية، مستندة الى أقوال وزير المالية مصطفى الشمالي حول خطر مقترح الصندوق الحكومي على المال العام، وضرره الناجم على الإقتصاد المحلي، إذا ما جرى تحييد المصارف المحلية عن الإسهام بقوة في تمويل مشاريع خطة التنمية.

وفي ساعات المساء أمس ظهر الشيخ أحمد الفهد الصباح نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية- وزير التنمية الإدارية، والإسكان، المكلف بمتابعة جميع ملفات خطة التنمية، بأن الحكومة ستصدر مشروعا بقانون لتمويل المشاريع التنموية، وتكليف وزارة المالية، والبنك المركزي، والمجلس الأعلى للتخطيط بإعداد تصورات حول التمويل المقترح، في إشارة ضمنية الى أن الحكومة غير متمسكة بمسألة الصندوق الحكومي، وأنه يمكن التوافق مع البنوك على هذه المسألة، خصوصا وأن إتحاد المصارف الكويتية اعتبر أمسquot;أن الخطوة سليمة، وكان يفترض أن تعلن منذ اليوم الأول الذي فتح فيه النقاش حول التمويلquot;.

وجاء في الإنطباعات المبدئية للمصارف الكويتية: quot; أن البنوك واثقة من أن الجهات الحكومية التي فوضها مجلس الوزراء البحث في المعضلة، ستخرج بتصورات تحظى بموافقة البنك المركزي، وتلك الموافقة ستكون محل نقاش ايجابي في جانب البنوك، معتبرة أن لا مشكلة تمويل من جانب البنوك كالتي يتم التهويل بها، وإذا كان المقصود منح شركات التنمية ائتمانا منخفض الكلفة فإن المصارف تقترح ان تدفع الحكومة الفرق بين كلفة الائتمان التجاري والائتمان المدعوم، وهذا أفضل بكثير من قيام صندوق للتمويل الموازي، وأرخص من كلفة صندوق رأسماله بالملياراتquot;.

يذكر أن مركز الشال للإستشارات المالية والإقتصادية، الذي يرأسه ويديره الخبير الإقتصادي الكويتي جاسم السعدون قد أكد في تقريره الاسبوعي إمتعاضه من خلق كيان إقتصادي حكومي لتمويل مشروعات وشركات بالقول: laquo; لسنا مع فكرة إنشاء كيانات حكومية مالية، ولا حتى مع توسعة الكيانات الحكومية القائمة لكي تقوم بمثل بدور تمويل الشركات المنفذة للمشاريع الحكومية. وأول مبرراتنا للرفض هو أن خلق كيانات عامة منافسة، في بلد أحد أهداف خطته خفض مساهمة الحكومة في نشاطه الاقتصادي ومساهمتها الأعلى في العالم- وهدف توجه خطته الاستراتيجي هو التحول إلى مركز مالي منافس، يتعارض تماماً مع تأسيس كيانات تمويل حكومية. وثاني مبرراتنا هو أن خلق أي كيان عام سوف يستخدم مركز توظيف وسوف يبدأ الصراع على وظائفه القيادية، وقد تطوله يد الفساد من خلالها، ويتحول الكيان إلى عبء على التنمية. وثالث المبررات هو أن سياسات الكيان بالتبعية سوف تنحرف وتسيس، بما يحوله إلى بؤرة صراع على التكسب، وضمن تجربة الكويت التاريخية لم تنجح تجربتا البنك الصناعي وبنك التسليف والادخار، وأول الساقطين في الولايات المتحدة الأميركية مع الفارق الكبير- كانتا شركتي التمويل الإسكاني الحكوميتينraquo;.

واعتبر التقرير ان laquo;ذلك لا يعني عدم وجود اختناق محتمل في جانب التمويل، ولابد من ابتداع مخرج كفؤ ومهني وشفاف لاجتيازه، ونقترح بلورة فكرة توظيف مؤسسات التمويل كلها، الخاصة أو المشتركة، القائمة للقيام بهذه المهمة. فلابد مثلاً من ربط حجم المحفظة الحكومية التي تديرها كل مؤسسة بحجم نشاطها الإقراضي الآخر في الاقتصاد المحلي، حتى لا تتلكأ تلك المؤسسات في ممارسة نشاطها التمويلي العادي والضروري، ولابد من ربط استمرار المحفظة الحكومية معها بقائمة مؤشرات لنجاحها في إدارة محفظة تمويل مشروعات التنمية، مثل الحجم وسرعة إنجاز معاملة التمويل وسرعة التحصيل وكفاءته ونسبة العمالة الكويتية في المؤسسة، ولا بأس من سحبها أو معظمها إذا احتلت أي مؤسسة ذيل القائمة في أي سنةraquo;.