quot;الكريولةquot; هي عربات نقل تقليدية تجرها الخيول،في جنوب الجزائر، تستخدم هناك لنقل مواد البناء وسائر الأغراض، ولأنّها تفي بالغرض وبأسعار منخفضة، فإنّ السكان المحليين يفضلون استخدامها، بينما توفر هذه العربات مصدر قوت ومنافع للآلاف، هؤلاء يتحدثون لـquot;إيلافquot; عن حيثيات مهنة ليست كالأخريات.
الجزائر: تُشابه الكريولة quot;عربات الكاليشquot; الشهيرة، لكنها لا توظف مثلها في تنزه أو تنقل الأشخاص، بل يُستعان بهذه العربات التقليدية في نقل شتى مواد البناء وتسويق الخضر والفواكه، ويقول quot;تيجانيquot; أحد سائقي الكريولة، أنّ الأخيرة قرّبت المسافات وتوفر خدمات لقاء أسعار تنافسية لا سيما في الجنوب الجزائري المشهور بشساعته وصعوبة النقل فيه.
ويشير العم صالح أنّ الكريولة ليست في متناول مهنييها، تبعا لما تقتضيه من رأسمال معتبر ليس في متناول الكثيرين، إذ يصل ثمن الكريولة الواحدة بجميع تجهيزاتها إلى حدود عشرة آلاف دينار (ما يعادل ألف يورو)، ويوضح محدثنا أنّ التكلفة تبدو عالية، لكنها منطقية احتكاما لنوعية العربة المصنوعة من الحديد ومستلزماتها من سروج وأربطة وأحزمة وكذا خيول قوية لا يمكن اقتناء الواحد منها بأقل من ستين ألف دينار، وهو ما لا يستطيع قطاع واسع تأمين هذه النفقات، ويضطرون في الغالب إلى إثقال كواهلهم بالاقتراض، أو الاعتماد على الحمير بدلا عن الخيول. واستنادا إلى شروحات متعاملي الكريولة، فإنّ ما يُنفقونه يتضاعف مع مرور الوقت، طالما أنّ غالبية الأحصنة المستعملة في هذا النوع من العربات يتم استبدالها بعد عامين أو ثلاثة من شرائها بأخرى أصغر سنا وقادرة على تحمل مشاق النقل وأعبائه، لكنهم مع ذلك لا يلقون بالا، بحكم أنّ الكريولة وسيلة نقل ممتازة تكفل لهم الاسترزاق.
ويُلفت عبد المجيد وسليم وسعيد الذين يمارسون مهنة الكريولة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، أنّ يومياتهم على غرار يوميات باقي زملائهم ليست سهلة البتة لا سيما في فصل الصيف وحرارته الجهنمية، إذ يتعين على سائقي الكريولة إذا ما أرادوا جني مداخيل محترمة، أن يكونوا جاهزين منذ الصباح الباكر لتلبية طلبات زبائنهم، مع ضرورة تحليهم بالصبر وطول النفس.
المثير، أنّ نشاطا منتشرا مثل ناقلات الكريولة، لا يزال غير مقننّ وغير مسموح به، وهو ما يعني أنّ مهنيي الكريولة ينشطون بشكل غير مشروع، لا سيما إذا ما علمنا أنّ ممارسي هذه المهنة التقليدية لا يملكون أي رخص من الجهات الرسمية، في وقت يتسع نطاق الممارسة بين صفوف الشباب الذين لفظتهم المدارس وضاقت بهم سبل الحياة.
ويعزو متحدث باسم مصلحة النقل العمومي، منع الكريولة إلى عدم احترام كثير من سائقيها للشروط المنصوص عليها قانونا، حيث أنّ هذه العربات تخضع وجوبا لقانون المرور المحلي، ويُسمح لها بالسير شريطة ضمانها قواعد السلامة، وفي صدارتها عدم قيادتها من لدن قاصرين، ناهيك أن تكون لهذه العربات أضواء خلفية وأخرى أمامية ونظام فرملة يدوية، فضلا عن ضرورة امتلاك العربة لمنبه صوتي تقليدي زيادة على وجود كيس واق للفضلات خاص بالحصان الذي يجر العربة، بيد أنّ ما تقدّم ذكره لا يراعيه السائقون، ما تسبب في حجز العشرات من عربات الكريولة خلال الفترة الماضية.
التعليقات