عمقت الأزمة الاقتصادية العالمية، وتفشي ظاهرة البطالة، من معاناة الشعوب في المغرب العربي، حيث تتصاعد الأصوات المطالبة بالإصلاح الاقتصادي، حتى تتمكن الحكومات من الوفاء بوعودها. وتواجه هذه الدول خيارًا صعبًا بين ما إذا كان ينبغي أن تنفق الأموال على استثمارات تمثل أولوية ستساعد اقتصادها على الخروج إلى وضع أقوى أو الاحتفاظ بالأموال لمساعدة المواطنين في مواجهة تقلبات الأسعار، التي تتحكم فيها الأسواق العالمية، وأيضا في حل مجموعة من الملفات الاجتماعية الملحة.


الرباط:قال إدريس بنعلي، الباحث والمحلل الاقتصادي، quot;من هي الدولة التي ليست بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية في المغرب العربي؟quot;، قبل أن يستطرد مفسّرًا quot;لكن هناك درجات في الاقتصاد، فمثلا نجد أن الجزائر لديها ثروة مالية كثيرة، لكن ليس لديها اقتصادquot;.

وأوضح إدريس بنعلي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الجزائر ورثت عن الماضي اقتصاد تسيطر عليه الدولة. فهذا البلد ليس لديه لها فاعلان اقتصاديان قادران على خلق ثرواتquot;، مشيرًا إلى أنه quot;حاليًا بدأ يسجل بعض الاستقرار السياسي، وهو ما قد يمكنه من خلق الأمور التي ذكرتهاquot;. لكن الجزائر، يشرح الباحث المغربي، quot;لديها مشكل آخر يتمثل في كون أن أغلب نخبها هربت خلال الحرب المدنية، في التسعينات، إذن فهذا البلد لديه المال، لكن ليس لديه من يخلق ثروة أو يحقق قيمة مضافةquot;.

وذكر الأستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط أن quot;الدولة هي التي تسيطر، والاقتصاد ما زال هشًّا، كما أنه ليست هناك تقاليد اقتصادية تتعلق بالسوق، بل هناك فقط اقتصاد الريعquot;. أما بالنسبة إلى تونس والمغرب، يؤكد بنعلي، quot;فليس لديهما ثروة من هذا النوع التي توجد لدى الجزائرquot;، مبرزًا أن quot;المغرب مثل تونس، إذ إن لديهما هياكل اقتصادية متشابهة، باستثناء أن المملكة تعتمد أيضًا على الفلاحةquot;. وأكد المحلل الاقتصادي أن quot;الصناعات الخفيفة التي بتونس توجد بالمغرب، كما أن الصناعة الكيماوية، التي تتميز بها الرباط، بدأت تجد طريقها في تونسquot;.وبخصوص الإصلاحات، أشار إلى أن quot;تونس تتصدر الدول المغاربية في هذا الجانب، إذ إنها قامت بإصلاحات أكثر من الدول الأخرى، وجلبت استثمارات خارجية كثيرة بالمقارنة مع عدد سكانهاquot;.

واستطرد قائلاً: quot;من الناحية الإجمالية المغرب أكثر من تونس في جلب الاستثمارات، لكن بالمقارنة مع عدد السكان فتونس هي التي كانت تستفيد أكثرquot;، موضحا أنها quot;استفادت أيًضا من سياحتها الممتازة، إلى جانب تمتعها برصيد بشري أقوى من المغرب. إذ إن التونسيين متقدمين بالنسبة إلى الدول المغاربية الأخرى، نظرًا لأن هذا البلد قام بمجهود في ميدان التعليم والتكوين، الشيء الذي جعل تونس لديها قاعدة اقتصادية قوية واجتماعية من أجل تحقيق الديمقراطية، لأن لديها طبقة متوسطة كبيرةquot;.

يشار إلى أنه في مجال التنافسية العالمية احتل المغرب المرتبة 75 بمعدل 4.08 متبوعًا بالجزائر (الرتبة 86 بمعدل 3.96)، وليبيا ( الرتبة الـ 100 بمعدل 3.74)، وموريتانيا (الرتبة 135 بمعدل 3.14، في حين احتلت تونس المركز الأول مغاربيا بعد حصولها على المرتبة الـ 32 عالميًا بمعدل 4.65.