طلال سلامة من برن: من الصعب أن تشهد العملة الأوروبية سكتة قلبية مفاجئة. فالأيام الأخيرة ساعدت في إبراز استراتيجيات جديدة لمواجهة أزمة الديون السيادية الأوروبية.
وبما أن الصيف الماضي كان خالياً من استراتيجيات مماثلة، توسعت الأزمة المالية الأوروبية من اليونان وإيرلندا والبرتغال الى دول أخرى، أساسية لصمود اليورو، كما إيطاليا وأسبانيا. يذكر أن عدوى هذه الأزمة توسعت رقعتها منذ أن لاحظ المستثمرون أن صندوق الانقاذ الأوروبي (Efsf) تم هندسته على نحو يدعم دول أوروبا الجنوبية (الدول المحيطية) فقط.
وفي الوقت الحاضر، فإن هذا الصندوق عاجز تماماً عن توفير الموارد المالية اللازمة لشراء سندات خزائن أوروبية جديدة. وهي عملية تعتبر، بنظر الخبراء السويسريين، ضرورية لثبات أسواق الاقتصادات الكبرى، كما ايطاليا واسبانيا، التي تتراكم عليها، سوية، ديوناً عامة تتجاوز ألفي بليون يورو.
وفي أفضل الحالات، فان صندوق الانقاذ الأوروبي يتمكن من تأمين 400 بليون يورو، لا أكثر. لذلك، فإن أي عملية لزيادة هذه الأموال من شأنها التأثير على تصنيف فرنسا الائتماني الذي يرسو، اليوم، على الألف المثلثة (AAA).
من جانبها، استوعبت الأسواق المالية، على الأثر، أن اليورو عالق بين قدرة التدخل المحدودة، لدى صندوق الانقاذ الأوروبي، وتملص المصرف الأوروبي المركزي من مسؤولياته في شراء سندات خزائن الدول، المتعثرة مالياً، بصورة موسعة. وبما أن قوة النيران المالية، لصندوق الانقاذ الدولي، كانت مخيبة للآمال فان الأسواق المالية الأوروبية فقدت الدعم الضروري لمؤازرتها في محنتها الصيفية، بامتياز.
في هذا الصدد، يشير الخبير دانييل غروس لصحيفة quot;ايلافquot; الى أن مصير اليورو لا يمكن لأحد التنبؤ به، بعد، والا فاننا أمام أكاذيب مبرمجة تقذف الأسواق المالية، من موجة الى أخرى.
في المقام الأول، تحتاج منطقة اليورو سيولة مالية كبيرة تعطي درجة مصداقية عالية الى سلطاتها المالية. في الأحوال الاقتصادية العادية، لا تعاني الدول الأوروبية نقصًا في سيولتها المالية، بما أنها تعوّل مباشرة على مساعدات المصرف المركزي الأوروبي. للأسف، فان تحصيل الضرائب، على المدى القصير، بات صعباً عليها. ما يجعل مجموع الانفاق أعلى من مجموع الايرادات، الضريبية وغير.
علاوة على ذلك، يشير هذا الخبير إلى أنه، منذ يوم أمس، بات ممكناً للمصارف الأوربية الحصول على مساعدات مالية، غير محدودة، من المصرف المركزي الأوروبي. وهذه خطوة أولى لتصليح ما خربته الأسهم السامة المتداول بها، أولاً، ولإعادة الثقة بين المصارف، ثانياً. كما إن العديد من الأصول الأوروبية لا يمكن تحويلها، بسرعة، الى سيولة مالية. ويعبر الخبير غروس عن بعض التفاؤل حيال مستقبل اليورو اذا ما التقطت دول أوروبا فكرة قوة اليورو العالمية التي تحتاج بدورها اقتصادًا قويًا يبدأ بتفعيل الاصلاحات المنسية.
التعليقات