إقترح وزير بريطاني على البلدان الأوروبية غير الداخلة في الإتحاد الأوروبي تأسيس مجموعة خاصة لا تعتمد على اليورو.


لندن: إقترح وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد أوين على البلدان الأوروبية غير الداخلة في الاتحاد المالي الأوروبي تأسيس مجموعة خاصة لدول من ضمن الاتحاد الأوروبي لا تعتمد عملة اليورو الموحدة.

ويرى أوين أن هذه المجموعة كان من الممكن تأسيسها منذ عشر سنوات مضت من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي تتمتع باستقرار اقتصادي نسبياً بالمقارنة مع الدول المستعملة للعملة الموحدة (اليورو)، إذ أن المعطيات تشير إلى أن معدلات الفائدة في بريطانيا والسويد والدانمرك التي احتفظت بعملاتها الوطنية أقل مما هي في أغلب دول منطقة اليورو. كما أن ريعية السندات quot;العشريةquot; للحكومية السويدية أقل مما هي في البوندات الألمانية، كما أن سعر الفائدة للقروض القصيرة الأجل في البنك الوطني التشيكي هو أقل مما في البنك المركزي الأوروبي، أما وتائر النمو الاقتصادي في جمهورية التشيك التي احتفظت هي الأخرى بعملتها الوطنية عند انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي فتفوق ما هي في بولندا المجاورة التي تخلت عن عملتها وتحولت إلى استعمال اليورو.

ويتابع أوين قوله: كان بإمكان حكومات دول quot;المجموعةquot; غير المرتبطة باليورو مباشرة أن تقوم بخطوات تعزيز التعاون بين بنوكها المركزية، لتهيئة آليات الخروج من منطقة اليورو لدول قد تضطر إلى هذا الإجراء بسبب ما (مثل اليونان حاليا) وانتقالها إلى اتحاد نقدي آخر في إطار الاتحاد الأوروبي دون فقدان quot;ماء الوجهquot;، على حد قوله.

ويؤكد السياسي البريطاني quot;أن تأسيس الـquot;مجموعةquot; الآنفة الذكر سيتيح تحديد حقوق وواجبات الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو، ويقتلع ما تكرس من مواقف منذ وقت طويل في أوروبا، بأن مواطني البلدان غير الأعضاء في منطقة اليورو هم من الدرجة الثانية في الاتحاد الأوروبيquot;، إذ أن التعامل الفظ مع الدول غير الأعضاء في نادي العملة الأوروبية يفضي بالسماح لرئيس المجلس الأوروبي عقد المنتدى الخاص بشؤون منطقة اليورو مرتين في السنة، بينما تبقى الدول الأخرى خارج إطار السياسة الأوروبية المنسقة.

وينتاب بعض الخبراء الشك في إمكانية ظهور بديل لمنطقة اليورو، ويقول الخبير في المدرسة اللندنية للاقتصاد ألبرت روتشيل: quot;إن التحالف الذي يمكن أن يحوز على حق quot;الفيتوquot; في الاتحاد الأوروبي، يكون فعالاً فقط في حال تمتعه بوزن سياسي كبير وطرحه لأهداف عامة، ولازالت هذه الحالة بعيدة المنال، إذ لا يمكن لأي من هذه الاقتصادات أن ينافس الاقتصادين الفرنسي والألماني، أضف أن المواقف من التكامل المالي لدى الأعضاء المحتملين للـquot;مجموعةquot; المقترحة هي متباينة أيضاًquot;.

ويشير الخبير الآخر في المدرسة اللندنية للاقتصاد فالترود شيلكلي إلى أن هذه المجموعة لا يمكنها إقناع إلا الدول الصغيرة في وسط وشرق أوروبا بمشروعها. وكانت بريطانيا تدعم باستمرار دول شرقي أوروبا، مصرة على اعتمادها في الاتحاد الأوروبي، كونها تنظر إلى المنطقة كساحة للنشاط التجاري بالدرجة الأولى، وليست مجالاً للتكامل السياسي والاجتماعي والمالي.

ويقول محللون اقتصاديون إن تأسيس quot;مجموعة الدول التي لم تعتمد اليوروquot; لا يحمل في طياته فوائد عملية للاتحاد الأوروبي، ويبدو قد يكون مفيداً فقط لبريطانيا، التي سيساعد تزعمها للتحالف على الحصول على آليات تأثير كبيرة. ويبدي الخبير من مصرف quot;باريباسquot; دومينيك باربي رأيا مفاده أن quot;بريطانيا سعت دائماً لتوسيع مجال تأثيرها، والأزمة المالية عززت quot;الميول القوميةquot; لديهاquot;.

ولا تخفي بريطانيا في الآونة الأخيرة امتعاضها من تعزيز التنسيق الفرنسي الألماني، الذي فشل حتى الآن، في نظر البريطانيين، في وضع حلول كفيلة بحل أزمة الديون السيادية، وإعادة الثقة بالعملة الأوروبية المهزوزة.

ويثير الامتعاض البريطاني أيضا الرغبة لدى المفوضية الأوروبية بفرض الضرائب على الأوراق المالية فوق الجنسية، التي تراوغ بها السلطات الفرنسية والألمانية، إذ تتفهم بريطانيا كأحد أكبر المراكز المالية في الاتحاد الأوروبي، أن هذه الضرائب يمكن أن تجتذب الأموال من quot;سيتي لندنquot;. وكان غضب رئيس الحكومة البريطانية شديداً عندما أطلق تهديده: quot;لن أسمح لهم بمحاولات سحب صناعة الخدمات المالية منا إلى فرانكفورتquot;.

هذا ويتوقع الخبراء الماليون quot;أن فكرة تشكيل quot;مجموعة دول الاتحاد الأوروبي الباقية خارج نطاق اليوروquot; محكوم عليها بالفشل. ولكن مما لا شك فيه أن التصدعات الموجودة في هيكل الاتحاد الأوروبي ستزداد أكثر فأكثرquot;.