في الوقت الذي تعرض فيه الاشتراكيون لهزيمة مذلة يوم الأحد في اسبانيا، نجحت الأزمة التي تشهدها منطقة اليورو على مدار عامين في الإطاحة بثماني حكومات حتى الآن بالفعل، وبعثت حالة من القلق داخل قصر الإليزيه وكذلك داخل البيت الأبيض.وكان الموضوع الرئيسي للانتخابات التي أجريت مؤخراً هو عدم رضا الناخبين على خطط التقشف، وحالة الغموض التي تكتنف المستقبل، وأي الأحزاب أو الائتلافات التي يتوقع لها أن تُمسك بزمام الأمور خلال الفترة المقبلة. لكن تحت وطأة ضغوط الأسواق ومطالب ألمانيا، فإن القائد المالي الحقيقي لأوروبا وهي الحكومات الجديدة بات يتعين عليها بشكل كبير أن تَعِد بتقديم مزيد من نفس الإجراءات.


القاهرة: وفي وقت تتعرض فيه الأسواق لحالة من التأرجح، فقد غيرت كل من أيرلندا والبرتغال واليونان وإيطاليا وفنلندا والدنمارك وسلوفاكيا حكوماتها، إما عن طريق انتخابات أو مناورات برلمانية. وأفادت في هذا السياق اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية بأن الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، يخشى أن يأتي عليه الدور خلال المرحلة القادمة، مع ارتفاع تكاليف السندات الفرنسية لمستويات قياسية، وتعرض النمو لحالة من التضخم، والتحضر لانتخابات الرئاسة في نيسان/ أبريل المقبل.


وتابعت الصحيفة حديثها بالقول إن خطر تخفيض السندات الفرنسية قد تسبب في إضعاف موقف ساركوزي، وتقويض ما يبذله من جهود للبقاء شريكاً كاملاً في الثنائي الفرنسي ndash; الألماني الذي يقود الجهود الأوروبية الرامية إلى حل أزمة اليورو.ورأت النيويورك تايمز أن المشكلة إلى الآن ترتبط بمخاوف العدوى وثقة السوق. فالأسواق بصفة عامة ترغب في رؤية أوروبا، وبخاصة ألمانيا، تقف وراء إيطاليا في ظل حالة الإعسار التي تواجهها. وألمانيا من جهتها ترغب في إيجاد وسيلة تمكنها من فعل ذلك، دون الإضرار أكثر من ذلك بدافعي الضرائب الألمان، مثلما حدث بالفعل بالنسبة لعمليات شراء السندات الإيطالية والاسبانية والبرتغالية واليونانية.


غير أن الخلاف القائم الآن بين ألمانيا وشركائها مبني على قضيتين أساسيتين، أحدهما متواصلة على المدى القريب والأخرى على المدى البعيد، أولهما بشأن احتمالية وكيفية استخدام البنك المركزي الأوروبي في حل أزمة اليورو، وثانيهما بشأن كيفية إعادة تشكيل منطقة اليورو، وبالتالي الاتحاد الأوروبي نفسه، بالنسبة للمستقبل.لكن في الوقت الذي تمارس فيه ألمانيا ضغوطاً على شركائها من أجل التوصل إلى حل على المدى الزمني البعيد لتلك الإخفاقات المؤسسة التي تشهدها منطقة اليورو، فإنها لا تمتلك سوى القليل من الخطط المفيدة التي يمكنها اقتراحها بشأن الأزمة الفورية للتكهنات السوقية المتعلقة بإيطاليا وفرنسا في الوقت الراهن. وبدلاً من ذلك، أبدت ألمانيا اعتراضها على كل اقتراح، وذلك لخلق شكل من أشكال السندات الجماعية أو اللجوء إلى البنك المركزي الأوروبي باعتباره مقرض الملاذ الأخير.


وقال هنا هنريك إندرلين، أستاذ الاقتصاد السياسي في كلية هيرتي للإدارة في برلين :quot; الكل ينتظر من ألمانيا تقديم حل على المدى الزمني القريب، لكن النقاط الوحيدة التي قدموا فيها حلولاً هي نقاط على المدى المتوسط والمدى البعيد. ويمكنني أن أستوعب فكرة أن هناك قدراً كبيراً من الإحباط بشأن تلك النوعية من القيادةquot;. ثم مضت الصحيفة تشير إلى وجود أطراف عدة لدى كل منها اقتراحات كثيرة، والتي كان آخرها المفوضية الأوروبية، ورئيسها خوسيه مانويل باروسو، الذي وُضِع في جانب من الجوانب بتلك الأزمة. وأوضحت الصحيفة أنه سيتقدم هذا الأسبوع بمقترحات بالنسبة لإصدار سندات جماعية، يطلق عليها quot;سندات الاستقرارquot;، والتي يمكن أن تنطوي على ضمانات وطنية محدودة. لكن فرنسا وألمانيا، مع تعرض تصنيفهما الائتماني للخطر، يعترضان على أي شكل من أشكال السندات الأوروبية، إلى أن تصبح دول منطقة اليورو أكثر ترابطاً من الناحية الاقتصادية، وهي العملية التي من شأنها أن تستغرق بضع سنوات وتتطلب مزيد من التكامل.

واللافت، وفقاً للصحيفة، أنه في الوقت الذي تسعى فيه فرنسا لأن تكون لاعباً هاماً في منطقة أوروبية أكثر تكاملاً، فإنها تختلف مع ألمانيا بشأن الطريقة التي ينبغي إتباعها لتشكيل تلك المنطقة. ثم نوهت الصحيفة إلى أن حزب المستشارة الألمانية يركز حالياً على خطرين، أولهما هو أنه وبمجرد أن تُرفَع الضغوط عن الدول الضعيفة، فإنها ستوقف تغييرات صعبة لكنها حيوية على صعيد الاقتصاد والميزانية. وثانيهما، أن المواطنين الألمان يشعرون في الحقيقة أن المصرف المركزي الأوروبي يعد واحداً من آخر المؤسسات ذات المصداقية الباقية في الاتحاد الأوروبي.