أثبتت الصين - بخليط من الاقتصادين الاشتراكي والحر - أنها الجهة الوحيدة القادرة في الوقت الحالي على مد يد العون لحكومات الغرب في هذا الزمن العسير.


لندن: قررت الصين استثمار قدر من أموال صندوقها السيادي laquo;تشاينا إنفسمنت كوربraquo; بغرض صيانة الطرق المهملة لوقت طويل إضافة الى طائفة من البنى التحتية في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة. وقال رئيس مجلس إدارة الصندوق، لو جيوي، إن الغرض من هذا هو laquo;إنعاش النمو الاقتصادي العالمي في هذه الأزمنة الصعبةraquo;.

ونقلت صحيفة laquo;فاينانشيال تايمزraquo; البريطانية قول عدد من المحللين إن هذا القرار laquo;يشكل تحولا في استراتيجية الصندوق الصينيraquo; الذي أسسته حكومة بكين في 2007 برأسمال يعادل نحو 410 مليارات دولار. فقد كانت استثماراته الدولية تتسم بالكثير من laquo;الحياء والوجلraquo; إذ كان يكتفي بشراء أسهم محدودة العدد وفقط في الشركات الغربية المعوَّمة على البورصة. وكان السبب في هذا هو محاولة تفادي الاعتراضات السياسية المحتملة.

وتنوي الصين الآن بدء مشاريعها بإصلاح الطرق في بريطانيا إما بالتضافر مع مؤسسات استثمارية حكومية أو خاصة محلية أو، في حال تلقيها الضوء الأخضر، الاضطلاع بالمهمة منفردة. وقال لو جيوي في مقال على الصحيفة المعنية بالشؤون المالية إن صندوقه laquo;يتطلع الى العناية بالبنى التحتية الأوروبية والأميركية التي تعاني حاجة ملحة الى الصيانةraquo;. وذكر، كأمثلة على هذه البنى، قطاعات المواصلات والطاقة والمياه والاتصالات الرقمية والتخلص من النفايات.

ورغم ان لو لم يحدد حجم الأموال التي يمكن ان تستثمرها بلاده في هذه المشاريع الضخمة، فإن بعض المحللين يقولون إنها laquo;لن تبخل بالمال في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الحكومات الغربية بالنظر الى المكاسب السياسية والتجارية الهائلة التي ستحققها من وراء ذلكraquo;.

يذكر أن الحكومة الصينية صارت تشجع الشركات المحلية على توسيع رقعة نشاطاتها بالخارج سعيا وراء تنويع اقتصاد البلاد الذي يعتمد رئيسيا على الصادرات والاستثمارات. وقد أنشأت صندوقها السيادي laquo;تشاينا إنفسمنت كوربraquo; من أجل الاستثمار الخارجي على أمل زيادة عائدات البلاد من احتياطياتها الخارجية ومعظمها عبارة عن سندات حكومية في اوروبا والولايات المتحدة. وهي تقول إن هذه الاستثمارات تجارية بحت، ولكن لا يخفى على أحد الأهداف السياسية المهمة وراءها.

يذكر أن عددا من خبراء المال الصينيين دعوا حكومتهم لخفض مستوى التزاماتها الخارجية الممثلة في تلك السندات بسبب الأزمة المالية العميقة التي تكتسح الغرب. ويشير هؤلاء الخبراء، على سبيل المثال، الى أن بكين هي أكبر المستثمرين في السندات الحكومية الأميركية رغم أن عجز الخزانة الأميركية بلغ 1.15 ترليون دولار في سبتمبر / ايلول الماضي.

ويبدو الآن أن اتجاه laquo;تشاينا إنفسمنت كوربraquo; للاضطلاع بمهام إصلاح البنى التحتية في الدول الغربية يتخذ من هذه النصيحة منطلقا له. فبالإضافة الى الأرباح المالية، هناك أيضا الإيفاء بتنويع الاستثمار الخارجي ووضع البيض في أكثر من سلة واحدة.

وبالطبع فهناك الاعتبارات السياسية الأخرى التي تشمل التأكيد على أن الصين قاربت إكمال الطريق نحو التمتع بصفة دولة عظمى مؤثرة بشكل فعال ومباشر في حالة الاقتصاد العالمية.

ففي مجرد تقدمها لإنقاذ البنى التحتية للدول الغربية رسالة تفيد أن انتهاجها خليطا من الاشتراكية والاقتصاد الحر هو السبيل الفضلى نحو ازدهار الصين ومن ورائها بقية العالم.