لميس فرحات: انخفضت الليرة السورية إلى أدنى مستوى مقابل الدولار حتى الآن، منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مارس/آذار.

منذ تسعة أشهر، كان الدولار يساوي 47.5 ليرة سورية في السوق السوداء، والآن يقال إن الدولار الواحد يساوي 60 ليرة سورية أو أكثر.
وتخضع عملة الدولار المتداولة من خلال القنوات الرسمية الآن لرقابة مشددة، لكن معظم تداولات هذه العملة تتم من خلال السوق السوداء.
وانخفضت المعدلات الرسمية للبنك المركزي من 51 ليرة سوري مقابل الدولار الواحد إلى نحو 54 ليرة سورية، في ظل تشديد العقوبات الاقتصادية، وتركيز السوريين على شراء العملات الأجنبية وسط مخاوف من تصاعد العنف.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;فاينانشال تايمزquot; أن هبوط قيمة الليرة السورية في الأسابيع الأخيرة يؤشر إلى ارتفاع المخاطر على المستوى الداخلي في البلاد، ويدل على أولويات الإنفاق للنظام السوري، الذي يخضع لضغوط متزايدة من الناحية المالية.

تعرّضت الليرة السورية لهذا النوع من الضغط في شهر أبريل/نيسان الماضي، عندما انخفضت قيمتها بنسبة 15 % مقابل الدولار في السوق السوداء، حيث أصبحت خطورة الأزمة أكثر وضوحاً.

لكن الحكومة السورية نجحت في ذلك الوقت بتحقيق استقرار العملة، من خلال تشديد الضوابط على رأس المال، ورفع أسعار الفائدة، وضخّ العملة الأجنبية. وقال محافظ البنك المركزي أديب ميالة، في أكتوبر/تشرين الأول إن المصرف أنفق 3 مليار دولار لحماية مركز الليرة السورية وتمويل التجارة منذ بدء الاضطرابات.

لكن منذ بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، تراجعت قيمة الليرة السورية بنحو 14 % مقابل الدولار في السوق السوداء، وليس هناك أي مؤشر على تدخل الحكومة. ووفقاً لتقرير صادر من الحكومة السورية، تعتزم دمشق إلغاء مخططات مزادات العملات الأجنبية.

يقول ميالة إن سوريا ما زالت تملك 18 مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية، لكن المحللين يعتقدون أن الرقم الحقيقي قد يكون أقل من ذلك، كما حظر الاتحاد الأوروبي أخيرًا شراء النفط الخام السوري، في ظل تراجع مردود قطاع السياسة، الذي يشهد حال من الشلل بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد.

ونقلت الصحيفة عن كريستوفر فيليبس من وحدة الاستخبارات الاقتصادية قوله: quot;حقيقة إن الحكومة السورية لم تفعل شيئاً حتى الآن يشير إلى أنها قررت الإبقاء على هذه الاحتياطيات لأنها تحتاجه في مكان آخرquot;، مضيفاً: quot;لا أعتقد أن الحكومة تريد أن تنفق الأموال للدفاع عن الليرة في هذه المرحلةquot;.

من جهته، يقول أيهم كامل من quot;أوراسياquot;، وهي مجموعة استشارية، إلى أن وصول قيمة الدولار إلى 60 ليرة سورية، في ظل رفع أسعار السلع المستوردة، ليس من المرجّح أن يُعتبر نسبة مرتفعة بشكل غير مقبول من قبل النظام. ويشير كامل إلى حقيقة أن العملة السورية انخفضت في السابق، حيث كان الدولار يساوي 60 ليرة سورية، عندما كانت سوريا تحت ضغوط دولية مكثفة في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005.

وأضاف quot;هذا ضمن نطاق المعقول، نظرًا إلى الضغوطات التي تمارَس على سوريا. من وجهة نظرهم، يكمن التحدي على المدى الطويل، لذلك ترغب الحكومة في الحفاظ على احتياطي العملات الأجنبية والتدخل في وقت لاحقquot;.

وعلى الرغم من قول المحللين إن انخفاض قيمة الليرة لم يصبح ظاهرة خطرة حتى الساعة، إلا أنهم يتوقعون أن تستمر قيمة الليرة السورية بالإنخفاض على مدى الأيام الآتية.

يشار إلى أن الليرة السورية لا يتم تداولها بقيمة كبيرة خارج سوريا، على الرغم من الضغوط الاقتصادية المفروضة على البلاد. وخفضت وكالة quot;موديزquot; للتصنيف الائتماني نظرتها تجاه القطاع المصرفي اللبناني، ووضعت قيمته الائتمانية تحت خانة quot;المؤشر السلبيquot; بسبب تأثيرات سوريا وغيرها من الأسواق المتضررة بسبب انعدام الاستقرار الإقليمي.