لا يمكن مطلقًا أن تمر الأزمة المصرية حاليًا من دون أن تخلّف أضرارًا مباشرة على المستثمر السعودي فيها، خصوصًا إذا نظرنا إلى كمية الاستثمارات الضخمة التي أودعها رجال أعمال سعوديون في القاهرة، سواء أكانت زراعيّة أو صناعيّة أو تجاريّة أم حتى ماليّة.


الرياض: خلال العقود الماضية أصبحت مصر وجهة اقتصادية واستثمارية خصبة للخليجيين، خصوصًا السعوديين منهم، على كل الأصعدة، ولم يخطر في بال أي شخص أن تحدث مثل هذه التظاهرات خلال تلك السنين، وتلحق أضرارًا سلبية على هذه الاستثمارات التي تقدر بحوالى 12 مليار جنيه، وفي ازدياد مستمر على مدى الأعوام الماضية.

وعادة ما تؤثّر الأحداث السياسية في الاقتصاد بشكل سلبي، ولكن ما يحدث حاليًا هو شلل شبه كامل في عملية الإنتاج، وبالتالي يصبح من المنطقي القول إن تلك الاستثمارات في خطر التوقف عن العمل مستقبلاً، في حال عدم الاستقرار السياسي، وهذا يعني خسارة الأطراف كافة، المصرية والسعودية.

وقدر مسؤول في إحدى الشركات الزراعية السعودية أن مجموع استثمارات الشركة في مصر بحوالى 250 مليون ريال، وهي تعاني حاليًا نقصًا حادًا في مبيعات منتجاتها، وتحاول الشركة حاليًا تدارك الوضع، وإن لزم الأمر يصبح التدخل الحكومي أمرًا ضروريًا للحفاظ على الأقل على أصول الشركة من الضياع أو السرقة والنهب.

في ظل الانخفاض الكبير في البورصة المصرية وتوقفها عن التداول، يظهر خطر آخر لعدد من رجال الأعمال المستثمرين في مصر، الذين لديهم أصول في شركات مساهمة مصرية أو أسهم متداولة أو ممن يضاربون في الأسهم المصرية، التي فقدت مليارات الجنيهات في أيام معدودة منذ نشوء الأزمة، وبالتالي تعيد لنا ما حدث في وول ستريت إبان أحداث سبتمبر/أيلول والأزمة المالية العالمية، خصوصًا بعد تصريح وزير المالية المصري، الذي أكد أن خسائر البورصة المصرية حاليًا تفوق خسائرها خلال الأزمة المالية في العام 2008.

على صعيد العقارات والأملاك، وفي ظل انخفاض أسعار الشقق والفلل، والخوف المصاحب لإغلاق المحاكم والشهر العقاري، إضافة إلى انخفاض كبير في عدد سياح مصر، يساور القلق عددًا كبيرًا من العقاريين السعوديين الذين لديهم أملاك في القاهرة جراء انخفاض الأسعار والتكهنات في بطء وتيرة عودتها للأسعار السابقة خلال الأعوام المقبلة حتى بعد هدوء الأوضاع نظرًا إلى عدم وضوح الرؤية سياسيًا حتى الآن.

يقول أحد المستثمرين السعوديين، الذي يملك 30 شقة في مصر، إن الموسم الحالي كان يعتبر من أهم المواسم السياحية لدينا، نظرًا إلى أن نسبة الإشغال تقارب الـ100 %، وحاليًا وسط هذه الأزمة لا يوجد أي شقة مشغولة الآن، نظرًا إلى عدم وجود سياح حاليًا، مما يفقدنا آلاف الجنيهات الآن.

ومستقبلاً تمنّى ألا تستمر الأزمة، وإلا فالخسارة الآتية أشد وطأة من الحالية، مما يدفعنا للخروج إذا زادت التكاليف التشغيلية لهذه الشقق، وأصبح من الصعب علينا الاستمرار.

وأوضح أن الثورة التي تعيشها مصر من الناحية السياسية ربما تكون في نظر البعض جيدة ومرغوبة، وذلك لحاجة الناس للتغيير والنهوض بأمر الشعب والتعبير عن رأيه، لكنها من الناحية الاقتصادية تعدّ مشكلة كبيرة، تنتج منها خسائر فادحة للمصريين وغيرهم، فما ذكرناه سابقًا يتعلق بالمستثمرين السعوديين فقط، ينعكس ذلك سلبًا على التشغيل من قبل المصريين، فترتفع نسبة البطالة، وينخفض الدخل لعدد كبير من الأفراد، ويصبح من الصعب تدارك الوضع اقتصاديًا، إلا في حالة الاستقرار السياسي مستقبلاً.