لا يستبعد الخبراء السويسريون احتمال مراهنة الاقتصاديات الغربية، بشدة، على المرحلة التي ستلي انتهاء الثورات في عدد من الدول العربية. كما لا يستبعد هؤلاء الخبراء أن تشهد منطقة البحر الأبيض المتوسط ما عاشته أوروبا في عام 1989 عندما سقط، فجأة، جدار برلين الذي قسم أوروبا الى شطرين. في باديء الأمر، أصيبت دول أوروبا الغربية بالشلل من جراء المخاوف حول هجرة الأوروبيين الشرقيين اليها. انما سرعان ما تحول هذا الخوف الى احترام وتقدير لعمال أوروبا الشرقيين. واضافة الى المساعدات، المالية والتقنية، خاضت دول أوروبا الغربية مفاوضات تجارية آلت الى توسيع الاتحاد الأوروبي شرقاً.


برن: يستاءل خبراء الاقتصاد، هنا، ان كانت قصة توحيد أوروبا، سياسياً واقتصادياً، سيكون لها حليفة جديدة في حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يتألق، العام، بربيعه العربي حول العالم. فمقابل 500 مليون مواطن أوروبي، نجد على الشاطيء الآخر(العربي) 170 مليون مواطن، منتشرون بين أغادير(المغرب)، في الجزء الغربي من أفريقيا الشمالية الى بور سعيد(مصر) في الجزء الشرقي. مما لا شك فيه أن عمال أفريقيا الشمالية، من تونس الى المغرب ومصر، يريدون الحصول على ضمانات استقرار، متوافرة أوروبياً وسويسرياً. وأول ما يشد انتباه الخبراء السويسريين هو عزم هؤلاء العمال العرب على استثمار طاقاتهم الجسدية لاعادة اعمار دولهم الأم، حصراً. لكن، وفي حال عادت الى هذه الدول العربية نفس الطبقة السياسية القديمة، أو ما يشابهها، فان صرخة الحرية، لدى العمال العرب، ستتحول الى يأس عميق!

في سياق متصل، يشير الخبير كريستوف غوبسر الى أن البطالة سبباً رئيسياً في اندلاع الثورات العربية. في السنوات الأخيرة، انتشرت في كل من مصر وتونس ظاهرة المعاشات quot;تافهة الوزنquot; التي لا تسمح للطبقات العمالية العيش على النحو الانساني المطلوب. كما أن نسبة البطالة، في بعض الدول العربية، وصلت الى أكثر من 30 في المئة. ما يعني، وفق رأي هذا الخبير، أن الاقتصاديات العربية عاجزة عن استيعاب الانفجار الديموغرافي، داخلها. اذ ان نسبة نمو السكان، في كل من مصر وتونس وليبيا والمغرب، تتجاوز 6 في المئة سنوياً. ومن دون توفير فرص عمل جديدة، فان أوضاع أسواق العمل هناك، اعتماداً على تصريح هذا الخبير، سيكون ميئوس منها.

علاوة على ذلك، ينوه الخبير غوبسر بأنه يتوجب على حكومات منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط زيادة الاستثمار في القطاع التربوي(التعليم)، في المقام الأول. فالأموال متوافرة، وستحظى هذه الخطوة العربية الثورية بتشكيلة واسعة من الدعم والمساعدات من الدول الغربية. للأسف الشديد، فان هذه الرغبة في تخصيص الأموال، لارضاء شعوب المنطقة العربية، ما تزال تتخبط في قرارات عربية، لا قاع لها.