بغضّ النظر عن الرابح والخاسر في ليبيا، فإن التوترات الجيوسياسية في أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط كافية لرفع سعر برميل النفط الذي لم يصل بعد إلى خطه الأحمر.


طلال سلامة من برن: يعجز الخبراء الغربيون عن تحديد من يربح الحرب الليبية ومن يخسرها حالياً. فالأمور بالنسبة إلى بعض الدول تجري رياحها عكس ما تشتهيه بوارجها الحربية وحاملات طائراتها.

وبغضّ النظر عن الرابح والخاسر، فإن التوترات الجيوسياسية في أفريقيا الشمالية ومنطقة الشرق الأوسط كافية لرفع سعر برميل النفط الذي لم يصل بعد إلى خطه الأحمر. ومقارنة بالمستوى القياسي الذي وصل إليه هذا السعر في صيف عام 2008 عند 150 دولار أميركي، فإن الجميع لم يطلق بعد، وفق السعر الحالي، جرس الإنذار. علماً أن النفط كان دوماً مسؤولاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عن اندلاع الأزمات الاقتصادية العالمية.

في الحقيقة، فإن سوريا لا تزال بعيدة عن مرمى التحليلات النفطية المقبلة حتى الآن. ولو نظرنا إلى مسار أسعار النفط، منذ مطلع العام، لرصدنا طبيعة متقلبة جداً رمت أسعار النفط من 93 إلى 95 دولار في مطلع العام الحالي إلى 120 دولار في نهاية فبراير(شباط) الماضي، نزولاً إلى 114 وإلى 115 دولار أخيراً.

لكن، وفي حال امتدت الاضطرابات إلى سوريا، بصورة مشابهة لما جرى في مصر مثلاً، فإن العديد من تجار النفط سيبتعدون عن خططهم الحالية لرسم خرائط أخرى، جديدة، بحثاً عن بدائل مضمونة بأي سعر كان. هنا، يؤمن الخبراء السويسريون بأن الشركات النفطية الفرنسية والإيطالية، ستستفيد من فرص عدة، ستكون موضوعة تحت تصرفها، وخاصة بخرائط التجهيزات النفطية الجديدة، على حساب الشركات الصينية والروسية.

أما الشركات النفطية الأميركية، فإن أنشطتها في منطقة quot;ايمياquot;، أي الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية، ستكون غير مرئية، إنما مربحة، بدعم من طابور دولي من المشغلين المضاربين.

في هذا الصدد، يشير الخبير جورج ماسكيروني لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية زاد درجة الضبابية في الرؤية لدى المستثمرين القلقين من سلوكيات المصارف المركزية التي لا تجاري أبداً إشارات التضخم المالي المتعاظمة. في الوقت الراهن، ينوه الخبير ماسكيروني بأن النفط بين المواد الأولية الأكثر تعرضاً للمضاربات، فإن ثقل المضاربات على كل برميل نفط لا يقل عن 10 دولار أميركي وصولاً إلى 20 إلى 25 دولاراً، اعتماداً على تصريح هذا الخبير.

علاوة على ذلك، يتوقف الخبير النفطي للإشارة إلى أن سعر برميل النفط، في الشهور الـ 6 إلى الـ 12 المقبلة، من المتوقع أن يرسو على 105 إلى 106 دولار أميركي. لكن، وفي حال امتدت الثورات العربية زمنياً أو توسعت جغرافياً كي تشمل سوريا (وغيرها)، فإن هذا السيناريو التفاؤلي، المتعلق بسعر برميل النفط، سينقلب رأساً على عقب.