لم يكن عيد العمال هذا العام حدثا عاديا في مصر ، فقد شهدت احتفالاته متناقضات وأحداث لم يسبق لها مثيل ، فقد مر مثلا دون خطبة الرئيس المعتادة والتي كان يحضرها عدد كبير من العمال الذين تم تلقينهم بالمطالب التي سوف يعرضونها عليه. و المطالب كانت روتينية تتكرر كل عام وبنفس الصيغة quot; المنحة يا ريسquot; ، لم يعد هناك مجال لهذه الجملة بعد ثورة يناير وبعد وعود الحكومة المؤقتة بوضع خارطة طريق لتحسين أوضاع العمالة وتحقيق العدالة الإجتماعية من خلال وضع هيكل جديد للأجور .


القاهرة: من بين ما شهده هذا اليوم من متناقضات هو انقسام صف العمال فمنهم من رأى أنه يوم مثالي للتعبير عن مشاكله الخاصة والعامة ومنهم من رأى أن الأفضل توفير هذا الجهد للعمل والانتاج وانتظار ما ستؤول إليه تحركات الحكومة المؤقتة وفي خضم الصخب الكائن قضت فئة من العمال هذا اليوم مواصلة إعتصام كان قد بدأ قبلاً .

يقول عماد رزق ndash; عامل بمصنع نسيج هناك إختلاف كبير بين عيد العمال اليوم وبين الأعوام السابقة فبعد خطبة الريس التي اعتدنا سماعها في مثل هذا اليوم لم يكن لأحد العمال فرصة لعرض مطالبه أو مظالمه فقد كانت تصريحات الرئيس الوردية لا تعطي فرصة لذلك ولم يكن ينتظر أحد العمال أي تحسن في الأوضاع سوى بضعة جنيهات قليلة لا تكفي لتغطية فروق الأسعار في الغذاء والمواد الاستهلاكية الأولية ، ويضيف عماد أن هذا العام شهد فوضى الحرية بين أطياف العمال المختلفة فبعد ما شهدوه من تغيير بفعل ثورة الخامس والعشرين من يناير قامت الأصوات الساكتة عن الظلم فهناك عشرات الآلاف من عمال مصر يعملون في ظروف مجحفة وبعقود لا تضمن لهم حقا ولا تحقق لهم سندا قانونيا إذا ما قرر صاحب العمل التخلي عنهم ، فقام هؤلاء وأعلنوا إحتجاجهم على الأوضاع الراهنة ولكن بصور خرجت عن المألوف فمنهم من تعمد الضرر العام ومنهم من نظر إلى مصلحته الشخصية فقط دون النظر للمنفعة العامة وهذه هي فوضى الحرية .

أما وجيه عبد الحميد ndash; أمين مخزن بشركة الأعمال المدنية المصرية فقال لـquot;إيلافquot; كنا ننوى (يقصد العاملين بالشركة ) أن نعتصم في ميدان التحرير في يوم عيد العمال ولكن هناك أصوات نادت بأن نجعل هذا الاعتصامقبل ذلك وبالفعل تم ذلك يوم الخميس الماضي وقدمنا طلبات محددة لمجلس الإدارة وهي إعادة تعيين العاملين بعقد محدد المدة و الذين أنتهت عقودهم وتم الإستغناء عنهم ، وكذلك طلبنا رفع قيمة مكافاءة الخروج إلى المعاش بعد أن وافقت عليها اللجنة النقابية أسوة بالشركات التابعة لها ، وكان الطلب الأكثر إلحاحا هو تثبيت العمالة المؤقتة بالشركة وذلك لضمان حقوق العاملين بعقود والذين يتعرضون للفصل التعسفي في أي لحظة ويضيف وجيه : لقد تغاضينا عن بعض المطالب الخاصة بالعدالة وتحسين الأجور وذلك انتظارا لقرار الحكومة ولكي لا نثل عبأ إضافيا وفي نفس الوقت نعمل في الشركة على مواصلة العطاء ومضاعفة المجهود لكي نتمكن من إسراع عجلة الإنتاج ويكون لكن كل الحق في مطالبنا .

أما الباحث الاقتصادي سيد سلامة قال لـquot;إيلافquot; إن مشكلات العمالة المصرية تراكمت على كاهل الحكومة المؤقتة فمنذ أن تولت الحكومة زمام السلطة والإضرابات والإحتجاجات تتوالى وتحمل هذه الإضرابات عدد من المطالب في مجملها تلخص مطالب ثورة يناير وهي وضع حد أدنى للأجور يضمن للعامل العيش الكريم وتثبيت العمالية المؤقتة والإنصاف والعدل في توزيع مكافآت الإنتاج وربط الحوافز بالإنتاجية وما إلى ذلك من مطالب مشروعة ، وفي المقابل يرى سلامة أن العمال أنفسهم يفتقدون لثقافة التغيير الذي قد طرأ على منظومة العمل في مصر بعد ثورة يناير فبدلا من الإتحاد تحت مظلة إتحاد العمال وإعادة هيكلة هذا الكيان ليكون منبرا للعمال قامت عدة مناوشات وأحداث من شأنها أن تضعف موقف العمال وتشتت مطالبهم خصوصا عمال القطاع الخاص الذين تنصب مطالبهن على العائد المادي ولا يوجد في مطالبهم ما يخص زيادة الإنتاج أو رفع الكفاءة والجودة ويرى سلامة ضرورة تحرك الحكومة بعمل مراكز تأهيل لتثقيف العمال بمتطلبات الفترة القادمة وسرعة إنجاز المشروع المزمع بشأن هيكلة الأجور لأن ذلك من شأنه الحد من إضرابات العمال والتركيز في زيادة الإنتاج .