بسبب ارتفاع عدد الفقراء في ألمانيا، أنشأت جميعات إنسانية ما يسمّى بالمطبخ المتحرك الذي يقدم وجبات طعام للفقراء، وأصبح هناك أكثر من ألف مركز يحضّر وجبات ساخنة لما يقرب من مليون ونصف مليون شخص يوميًا، وتعمل هذه المطاعم تحت شعار أعط الطعام لمن يحتاجه فمصيره ليس حاويات النفايات.


البحث عن طعام غير مستهلك في مستوعبات القمامة ظاهرة منتشرة في ألمانيا

اعتدال سلامه من برلين: تشهد المانيا، التي تعتبر من البلدان الغنية في العالم، منذ فترة ظاهرة غير عادية، وهي وجود اناس من كل الاعمار يستغلون ظلام الليل من اجل البحث في حاويات النفايات في الفناء الخلفي للمباني، حيث المساكن والمحال التجارية، يعبأونها في اكياس بهدف اكلها بسبب تردي اوضاعهم الاقتصادية، وهذا منتشر ايضًا بين الطلاب من عوائل فقيرة.

في الوقت الذي أقرّت فيه الأمم المتحدة أن الألفية الثالثة سوف تسعى إلى محاربة الفقر وتقليصه حتى النصف، يزداد عدد الفقراء والمعدومين والذين بحاجة إلى ما يسدّ جوعهم، والأسباب وراء ذلك كثيرة.

المشكلة الكبيرة أنه وفي الوقت الذي ينام أطفال في بلدان فقيرة جياعًا لعدم توافر المال من أجل شراء الطعام، يرمي مواطنون في بلدان كألمانيا أطنانًا من المواد الغذائية الصالحة للأكل في حاويات النفايات.

وحسب تقدير المنظمة الاتحادية لحماية المواطن، يتم في البلدان الصناعية رمي أكثر من 220 مليون طن من المواد الغذائية الصالحة للأكل سنويًا، وفي المانيا وحدها يكون مصير 20 مليون طن اي ما يعادل حمولة 170 الف شاحنة، مصيرها القمامة، ما دفع بالكثير من جمعيات حقوق الإنسان والسياسيين للتفكير الجدي من أجل إيجاد وسائل للاستفادة من هذه الأطنان، وهذا كان هدف مؤتمر quot;انقاذ الطعامquot;، الذي عقد أخيرًا في مدينة دوسلدوف الألمانية، وناقش امكانيات التقليل من هذه الخسائر التي تعود بالفائدة الكبيرة على الملايين من الجياع في العالم.

من الافكار التي نوقشت في المؤتمر أيضًا مطالبة مصانع انتاج المواد الغذائية تغليف الأطعمة التي تباع في المحال بشكل يمكن حفظها لفترة طويلة كي لا تفسد، وشحنها بعد ذلك عند التبرع بها الى البلدان المحتاجة، ايضًا السبل الكفيلة بإيصال هذه الكميات من الغذاء الى المحتاجين في العالم وعدم وقوعها في ايدي التجار، كما هو الحال مع الثياب القديمة المستعملة التي اصبحت تجارة مربحة بدلاً من توزيعها على الفقراء.

ويقول تقرير لمنظمة حماية المستهلك إنه يوجد في العالم مليار انسان جائع، في الوقت نفسه فإن ثلث المواد الغذائية التي تنتج وتباع تؤكل، والثلث الباقي يكون مصيره صناديق النفايات، لذا حان الوقت كي يفكر العالم بشكل جدي بالأمر، وإلا سوف ينشأ خلال أقل من ثلاثين عامًا جيش من الفقراء يغزو العالم، ويسبب مشاكل اجتماعية وغذائية واخلاقية وصحية.

ويضيف التقرير إن ما يسبب الحزن في النفوس وجود مواد غذائية مازالت صالحة للاكل ومغلفة ترمى، لكن المشكلة ان الجمعيات الانسانية التي تطالب بالتبرع بهذه الاطعمة لا تقدم حلولاً يمكن للمواطن العادي اللجوء اليها مثل تخصيص مراكز للتبرع بالمواد الغذائية وتأمين وصولها الى المحتاجين.

وحسب استقراء للرأيه اجرته مؤسسة فورسا يرمي 84 % من الالمان مواد غذائية. إما لانها قد فسدت أو لان مدة الاحتفاظ بها قد اقتربت من الانتهاء، لكن 20 % يرمون مواد غذائية لأنهم اشتروا كميات كبيرة منها. والمواد الغذائية لا يرميها المواطن فقط، بل ايضا المحال، بهدف التخلص منها من أجل عرض سلع اخرى، خصوصًا المحال التجارية الكبيرة.