جاء الامر الملكي السعودي بمثابة خطة علاجية لمعضلة البطالة التي يعاني منها سوق العمل السعودي منذ عدة سنوات بعد الاكتفاء من طرق ابواب لحلول عديدة لم تأت نتائجها السليمة ، خصوصا فيما يتعلق بسياسة وزارة العمل وخطط السعودة والقضاء على المعدلات العالية للعمالة الاجنبية في الوظائف التي من الممكن شغلها بالكوادر السعودية.

الرياض: ازداد الامر سوءا بعد تخطي نسبة البطالة النسائية تحديدا حاجز ال40 % بالسعودية في تقرير مؤسسة النقد للعام الماضي ، وذهل المجتمع والخبراء والاقتصاديين من تجاوز نسبة الجامعيات منهم 78 % ، وهو رقم يعتبر كبير في بلد يشهد انتعاشا اقتصاديا ونموا ملحوظا في مؤشراته المختلفة خلال الاعوام الماضية .
ورغم ذلك, ازداد الجدل واحتدم النقاش في كافة وسائل الاعلام بين المؤيدين والمعارضين لعمل المرأة تحديدا ، نابعة من اختلاف الايديلوجيات والثقافات والتوجهات المختلفة ، فالتيار الديني يرفض عمل المرأة في الاماكن التي من الممكن ان تثير الفتن وتجعلها تتعرض الخلوة بالرجال من وجهة نظرهم ، وخير دليل على ذلك الرفض القاطع لعمل المرأة في محلات بيع المستلزمات النسائية ، والطرف الاخر يرى أن مشكلة البطالة في السوق النسائي يجب ان يتم حلها بغض النظر عن التوجهات المختلفة فنحن في عصر التقدم والنهضة ولا حاجة للتحدث في مثل هذه المواضيع .
في ظل هذه الاختلافات والتوجهات ونسب البطالة العالية ، كان لابد من تدخل الحكومة وعلى مستوى عال ، وجاء هذا التدخل من اعلى سلطة في الدولة من خلال الامر الملكي الصادر يوم امس ، دون النظر في اي اختلافات او توجهات ، ودون تأييد لاشخاص دون اخرين ، وهذا ما تقتضيه المصلحة العامة في بعض الاحيان تتمخض عنها ثمرات التدخل المشروع للدولة .
تقول احدى العاطلات عن العمل ، نوف عبدالرحمن ، وهي خريجة كلية العلوم منذ 5 سنوات ولم تحصل على وظيفة ، اعتبر نفسي ضحية القطاع الخاص حيث تنقلت في اكثر من مكان من مدرسة اهلية لاخرى وبراتب لا يتجاوز 1500 ريال من دون اي مميزات ، وبضغط عمل لا يوازي المرتب الذي اتقاضاه ،فضلا عن بعض السلوكيات الغير ادارية من قبل المسئولات سواء من قبل ادارات التعليم او حتى المسئولات في المدرسة اللاتي غالبيتهن من جنسيات اخرى ، وعن القرارات التي صدرت يوم امس تقول نوف ، انها تتمنى ان تحصل على وظيفة تواكب شهادتها الجامعية وقدراتها المكبوتة على حد قولها ، بالرغم من محاولاتها الكبيرة خلال السنوات الماضية في الحصول على وظيفة او حتى مقعد في الدراسات العليا في احدى الجامعات .
وتقول ايضا ، هند عبدالله ، وهي خريجة ايضا عاطلة عن العمل منذ فترة ، انها غير متفائلة من الية التطبيق من قبل الاجهزة الحكومية ، حيث اعتدنا في كثير من الاحيان ان نسمع قرارات تصب في مصلحة المواطن ولكن نتفاجأ في التطبيق اما ان يكون متأخرا وبشدة او ان يكون مختلفا ومحورا عما ذكر في القرار !
من جهة اخرى, يقول الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية السعودية للادارة خضر المرهون ان القرارات الحكومية جاءت مناسبة للاوضاع الحالية لسوق العمل السعودي خصوصا فيما يتعلق بالبطالة وتحديد حد ادنى للاجور ، وان الحكومة وليس وزارة العمل هي المسئولة عن توفير فرص العيش الكريم والوظائف المناسبة لأبناء المجتمع، وعلى بعض المسئولين القابعين في الابراج العليا النزول قليلا الى الشارع لمعرفة حقائق الامور ومن ثم وضع الحلول المناسبة لها.
ويضيف ايضا انه للاسف الشديد لا توجد اي انظمة مفعلة تحمي اجور المواطنين، والأولى ان يتم تحديد حد ادنى لأجور العاملين السعوديين بما يتناسب والتركيبة الاجتماعية التي يعتبر فيها رب الاسرة الكيان الاقتصادي الاساسي والمورد المالي الاول، من حق العاملين السعوديين ان يطالبوا بحدود دنيا للاجور لا تقل عن خمسة الاف ريال للمتزوجين واربعة الاف ريال لغير المتزوجين، وهذا الرقم روعي فيه التضخم المتنامي سنويا والتركيبة الاجتماعية والاسرية في المجتمع السعودي .
المفارقة العجيبة الاخرى ان الحد الادنى لأجور العاملات المنزليات اللاتي يعملن بنظام التأجير هو 20 ريال للساعة، في حين لا تزيد هذه الاجور لدى مؤسسات القطاع الخاص على 10 ريال في اغلب الاحيان مما يعني ان متوسط الاجر الشهري هو 1500 ريال، وهو مبلغ يبقي صاحبه تحت عتبة الفقر خاصة اذا كان رب اسرة .