يؤكد خبراء اقتصاديّون إسبان لـ(إيلاف) أنّ من بين أولويات الحكومة الاشتراكيّة الحالية، إقناع المستثمرين العرب عمومًا والخليجيين خصوصا بمتانة السوق الاسبانية، رغم اشتداد الأزمة المالية والاقتصادية التي تشهدها مدريد التي تتوقع أن تساهم عائدات النفط الخليجيّ في تجاوزها.


من الزيارة الأخيرة لأمير قطر إلى إسبانيا

مدريد: اشتداد الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجهها إسبانيا اضطرت حكومة الحزب الاشتراكي إلى الانفتاح وبسرعة خاطفة إلى استقطاب رأس المال الأجنبي من أجل سد نزيف السيولة المالية والديون التي تتخبط فيها الحكومة والبنوك الإسبانية وصناديق الادخار المفلسة.

وتتضمن خطة الحكومة الإسبانية مشروع استقطاب ما يعرفبالبترو دولار، وهو رأس مال تتحكم فيه دول الخليج العربي.

وأكد خبراء في الاقتصاد الإسباني لـ إيلاف أن من بين أولويات الحكومة الإسبانية منذ اشهر عدة هو السعي إلى إقناع المستثمرين العرب بمتانة السوق الإسبانية وعدم تعرض رأس مالهم لمخاطر مالية محتملة.

شهدت أخيرامشاريع إسبانية عدة، استثمارات مصدرها دول الخليج، وعلى رأسها قطر والإمارات العربية المتحدة، رغم أن كل المؤشرات السياسية توحي بأن حكومة الحزب الإشتراكي بزعامة رئيس الوزراء خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو على وشك السقوط امام حزب الشعب المعارض والمتقدم نحو الرئاسة، إلا أن هذا التحرك السياسي المحتمل لا يثير أي تخوف لدى المستثمرين العرب الذين يراقبون عن كثب تطور الوضع الإقتصاديفي إسبانيا.

يرى الدكتور غريغوريو إثكيردو مدير مصلحة الدراسات في معهد الدراسات الإقتصادية الإسباني أن الوضع الإقتصادي المتأزم الذي تجتازه إسبانيا دفع بالحكومة إلى البحث عن رؤوس أموال أجنبية من اجل ضخ سيولة مالية داخلية. ويعتبر أن فرص الاستثمار العربي في إسبانيا جد متنوعة ومثيرة للمتابعة، ولا يمكن أن تقتصر على مجال البترول فقط.

ويؤكد المدير في معهد الدراسات الاقتصادية في حديثه لـ(إيلاف) أن هناك تنافسًا قويًا بين رجال الأعمال من دول متعددة، أهمها الصين، ودول الخليج العربي ابدت إهتماما كبيرا للاستثمار في إسبانيا التي تعيش أزمة مالية وإقتصادية، قد تكون ذات أرباح بالنسبة إلى الرأس المال الاجنبي.

لا يرى غريغوريو إثكيردو مدير مصلحة الدراسات بمعهد IEE أي خطر على المال العربي إعتبارًا للتغيرات السياسية المرتقبة، والتي ستحدث في البلاد على أعقاب الإنتخابات العامة، رغم تخوف بعض المستثمرين الأجانب من ذلك.

حول حجم الاستثمارات العربية المتوقعة في إسبانيا، يقول إثكيردو إنه حاليًا لا يمكن تحديد كم أو حجم هذه المشاريع بصورة واضحة لأننا نمر بمرحلة عرض وبحث عن رؤوس أموال خارجية وعربية، لكن هناك تبادلاً اقتصاديًا وتجاريًا مهم مع دول عربية.

ويضيف قائلا quot;تابعنا زيارة أمير دولة قطر إلى إسبانيا، والتي قدمت فيها وعودًا بضخ نحو 300 مليار يورو، ضف على ذلك أن الحكومة الإسبانية صرحت بأنها ستستقطب رأس مال عربي لإتمام مشاريع متعطلة عدةبسبب ازمة القروض البنكية وضعف السيولة المالية التي نعيشها في البلادquot;.

وحول الحراك السياسي التي تشهده إسبانيا، وأثره على استقطاب الاستثمارات العربية، يرى مسؤول المعهد الاقتصادي الإسباني أن إسبانيا تشهد استقرارا سياسيًا، ولا نرى أن إقتراب موعد الإنتخابات المحلية والعامة خلال 2012 سيحد من تفاعل المستثمر العربي او الاجنبي لدخوله السوق الإسبانية، رغم ان مؤشرات وتحاليل عدة رأت أن الإقتصاد الإسباني سيمر بمرحلة نمو بطيئة، لكن الأمر مختلف تمامًا على مستوى الإستثمار وضخ الأموال الأجنبية.

ويقول إنّ هناك اهتمامًارسميًا بتوسيع التعاون في مجال المحروقات والغاز، وهذا أمر إستراتيجي بالنسبة إلى أسبانيا، كما إن هناك مشاريع تنموية مفتوحة على مستوى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجالات عدة،وهذا يثير اهتمام رجال أعمال أجانب عدة، بما فيهم العرب من دول الخليج، ويعتقد أنه مادام الاقتصاد الإسباني يواجه أزمة سيولة، فإن رأس المال العربي مرحب به في كل القطاعات لانها تمثل فائدة مالية لكلا الطرفين.

من جانبه يؤكد رئيس غرفة التجارة الإسبانية ورئيس هيئة رجال الأعمال quot;أرتورو فيرنانديثquot; في حديثه لـquot;إيلافquot; نه لا يمكن إخفاء إهتمام الحكومة ورجال الأعمال الأسبان بجلب رؤوس اموال المستثمرين العرب من أجل إنعاش الاقتصاد الإسباني وضخ سيولة مالية من شأنها، كما يقول، أن تجسد مشاريع إقتصادية متعطلة عدة بسبب الازمة الاقتصادية التي تواجهها مدريد خلال السنوات الأخيرة.

ويرى رئيس غرفة التجارة أن الإستثنمارات العربية، خاصة تلك الوافدة من دول الخليج العربي، قد شهدت نموًا خلال السنوات الأخيرة كما إن مختلف الغرف التجارية الإسبانية في أقاليم عدة، كانت قد بادرت أخيرًا بعقد اجتماعات مع أعضاء ومسؤولين من غرف تجارية عربية بهدف بحث توسيع الشراكة الإقتصادية ورفع حجم التبادل التجاري مع هذه الدول.

ويرى المتخصص الإسباني في الاقتصاد التطبيقي الدكتور خوان كارلوس خيلفي إفادات لـ(إيلاف) أن اهتمام إسبانيا اليوم بالرأس المال الخليجي قد ينبع من حلقة اليأس السياسي والإقتصادي، الذي تحاول حكومة الحزب الإشتراكي الإسباني التخلص منه مع إنتهاء عهدتها ومع إشتداد الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تواجهها.

ويقول الخبير الإسباني إنّ توسيع رقعة التعاون الاقتصادي مع الدول العربية، وعلى رأسها قطر والإمارات والكويت والسعودية، يندرج ضمن مساعي حكومة ثاباتيرو على الصعيد الدولي إلى البحث عن فرص شراكة إقتصادية مع الدول العربية من أجل تخفف حدة الأزمة الإقتصادية والمالية التي تعانيها البلاد، خاصة وان الحكومة الإسبانية كانت قد فتحت الباب أمام شركاء دوليين، مثل روسيا والصين، خلال المرحلة الأخيرة.

ويقول محدثنا إنّ فرص الاستثمارات مع الدول العربية تبقى في إطار وعود غير ثابثة، وليست محددة اليوم فقط في مجال الطاقة، بل يمكن توسيعها لتشمل مجالات متعددة، ولتتوسع إلى المؤسسات الإسبانية الصغيرة والمتوسطة، كما إن اهتمام الحكومة الإسبانية موجّه على المدى البعيد والمتوسط.

وعود استثمارية وأسهم لرجال الأعمال العرب

تستعد مدينة مورثيا جنوب إسبانيا إلى إحتضان أول مؤتمر للإستثمارات العربية ndash; الإسبانية أيام 28 و29 يونيو/حزيران في أوللقاء اقتصادي راق بين رجال أعمال عرب وأسبان.

وهذا المؤتمر يعد أول تحرك رسمي حكومي وخاص من الجانب الإسباني لدفع وترقية الاستثمارات العربية في البلاد، حيث سيشارك رجال أعمال من قطر والكويت والإمارات ولبنان، وهدفهم هو التعرف إلى فرص الإستثمار في إسبانيا في مختلف المجالات.

وتؤكد هيئة تنظيم هذا اللقاء الإستثماري الدولي أن نحو 70 % من المستثمرين العرب المعوّل عيلهم لإقتحام السوق الإسبانية سيحضرون هذا المؤتمر، وكلّ ذلك مؤشرات على سعي الحكومة الإسبانية إلى الاستنجاد بالرأس المال العربي والخليجي من أجل تخفيف حدة الأزمة المالية والإقتصادية التي تواجهها البلاد.

ومن بين أهم الوعود الإستثمارية التي تلقتها الحكومة الإسبانية نجد وعد أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي وعد بضخ نحو 300 مليون يورو في صناديق الإدخار الإسبانية، إلى جانب وعود بتعاون إقتصادي حجمه نحو 3 مليار يورو.

كما بادرت دول خليجية عدة، وعلى رأسها الإمارات إلى التفتح على الإستثمارات في إسبانيا نظرًا إلى مردودها في الوقت الراهن، حيث يستعد صندوق مبادلة لأبوظبي المتخصص في الإستثمارات التكنولوجية لعقد صفقة تقدر بـ 500 مليون يورو، وتتعلق بشراء الصندوق الإماراتي لنسبة 71% من أسهم أهمشركة إسبانية لصناعة الطائرات أيرونوفا، وسيتم توقيع الإتفاق خلال الأسابيع المقبلة، كما إن حجم المبادلات التجارية بين الإمارات وإسبانيا قد تجاوز 400 مليون يورو خلال السنوات الأخيرة.

من جهة أخرى، تهتم مؤسسات مالية خليجية عدة بالتحكم في اسهم شركات نفطية إسبانية، حيث نجحت قطر هولدينغ في كسب نسبة6.16 %من أسهم شركة الطاقة الإسبانية سبسا، وقد تنافسها IPIC أبوظبي، التي تسعى إلى كسب 53 % من اسهم شركة النفط و الطاقة الإسبانية، والسبب راجع إلى ارتفاع أسعار البترول، وحاجة شركات الطاقة الإسبانية إلى سيولة مالية.

عائدات النفط الخليجي تنقذ الأندية الاسبانيّة

وصفت وسائل الإعلام الإسبانية خلال الأشهر الأخيرة غزو مال شيوخ الخليج للأندية الإسبانية بـquot;موجة البترو دولار في الليغا الإسبانيةquot;.

كما إن هناك من جازف بالقول إن الدوري الإسباني quot;يتحدث العربيةquot;، وذلك بسبب امتلاك أثرياء عرب أندية إسبانية تلعب في الدور الأول من اللغيا الإسبانية، كنادي الخيتافي العاصمي، الذي اشترته مجموعة إماراتية، ونادي الملقا الذي يمتلكه الشيخ القطري عبد الله آل ثاني، وحتى نادي البرشلونة فسيحمل على قميصه دعاية مؤسسة قطر، وزنها يقدر بـ 165 مليون يورو على مدار المواسم الأربعةالمقبلة.

كلها أموال عربية خليجية، جاءت لتنقذ الأندية الإسبانية من مسلسل أزمات مالية رهيب، كاد أن يودي ببعضها إلى الإفلاس، او مغادرة الدرجة الأولى من دوري كرة القدم الإسبانية، غير أن اهتمام الأثرياء العرب بضخ مبالغ ضخمة في هذه الأندية يراه البعض quot;مجازفةquot;، غير ان هناك إجماعاً على أن الاستثمار الرياضي مربح جدًا.