يعمل في الإمارات أكثر من مليوني ونصف مليون عامل في قطاعات البناء والتشييد وخدمات الإصلاح، حيث تتطلب هذه الأشغال العمل في الأماكن المكشوفة وتحت أشعة الشمس المباشرة، في دولة تتجاوز درجة الحرارة فيها صيفًا الـ45 درجة مئوية، بينما تصل وقت الظهيرة في الأماكن المكشوفة الصحراوية إلى ما فوق 50 درجة مئوية، الأمر الذي يعرّض حياة العمال للخطر الشديد.


دبي: في حين تعمل وزارة العمل الإماراتية على تشديد القوانين الرادعة لإلزام الشركات quot;الخاصةquot; وأرباب العمل بتطبيق القرارات بحظر العمل وقت الظهيرة في الفترة الممتدة ما بين أواسط يونيو/ حزيران وحتى أواسط سبتمبر/أيلول، وتعمل على تنفيذ حملات تفتيش على كبرى منشآت القطاع الخاص، تبقى بعض الشركات الصغيرة ذات العدد المحدود من العمال خارج الرقابة في معظم الأحيان. كما إن القرار يستثني الأعمال التي يتطلب تنفيذها quot;تصريحاً من جهة حكومية مختصةquot;.

القرار يطال القطاع الخاص ويستثني الأعمال التي يتطلب تنفيذها تصريحاً حكوميًا
أعلن مسؤولو وزارة العمل خلال اجتماعهم بمندوبي الشركات، حضره ماهر العوبد وكيل الوزارة، أن 99% من المنشآت المسجلة لديهم تلتزم بتطبيق قرار حظر العمل وقت الظهيرة، مشيرين إلى أن الوزارة تستهدف الالتزام الكامل للمؤسسات بالقرار، وتحقيق معدل quot;صفرquot; لمخالفات قرار حظر العمل وقت الظهيرة. في إشارة إلى أن مفتشي الوزارة سيقومون هذا العام بـ 60 ألف جولة تفتيشية على المنشآت للتأكد من تطبيقها للقرار، وتوقيع العقوبات المقررة على المنشآت المخالفة، عن طريق 19 فريق عمل.

ويقضي القرار بالتوقف عن العمل تحت أشعة الشمس المباشرة من الساعة 12:30 إلى الساعة 3 بعد الظهر، حيث حددت وزارة العمل مجموعة من الشروط الواجب توافرها عند التعرض لأشعة الشمس المباشرة.

وفيما تقوم وزارة العمل بمتابعة الشركات الكبيرة الخاصة التي تعنى بقطاع البناء والتشييد، التي يعمل لديها عمال بالآلاف، وهي غالبًا ما تلتزم بالقرارات الرسمية والالتزام بالشروط القانونية وقيود السلامة الصحية، لا تزال الشركات الصغيرة أو أصحاب العمل الفرديون بعيدين عن أعين الوزارة ومفتشيها لاستحالة متابعة الحالات الفردية من جهة، والتي تعتمد في كثير من الأحيان على ضمير رب العمل او المدير المباشر، علاوة على ان القرار المذكور لا يأتي على ذكر quot;مؤسسات القطاع الحكومي، quot;كما تستثني من القرار ما اعتبرته الأعمال التي يتطلب تنفيذها تصريحاً من جهة حكومية مختصةquot;.

شهادات تؤكد عدم التزام البعض بالقرار والعقوبات تصل إلى إغلاق المنشأة
إيلاف التقت بعض العمال وسألتهم عن أوضاعهم وعن شروط عملهم، راجيش سالش موظف هندي يقوم بتوصيل طلبات الزبائن على الدراجة، أشار إلى انه على الرغم من حبه الشديد لعمله، إلا أن قيادة الدراجة ما بين الساعة الثانية عشرة والثانية بعد الظهر تكاد تكون مستحيلة، وانه طالب مديره بضرورة اقتناء سيارة صغيرة للتوصيلات خلال الصيف، إلا انه رفض متذرعًا بأن إمكانية محله التجاري لا تسمح بذلك.

راجيش أكد أنه يحمل معه بشكل دائم زجاجة ماء مثلجة، ويحاول قدر الإمكان تفادي التعرض للشمس، مشيرًا إلى انه تعرض للإغماء وضربة شمس حادة، أدت به إلى دخول المستشفى في إحدى المرات. لقماني إدريس من الجنسية البنغالية يعمل في إحدى كبرى شركات البناء والإعمار، قال إن شركته توقف العمل ما بين الواحدة والرابعة خلال الظهيرة، وان العمال يُعاملون بالتساوي في ما يخص العمل في الحر الشديد أو عند التعرض للحوادث الصحية.

مشيرا إلى انه تعرض لإصابة في يده خلال تشييد احد الأبراج، وانه تلقى العناية الطبية اللازمة، كما حصل على إجازة مرضية. وأضاف انه لولا الفقر المدقع الشديد السوء في بلاده والبطالة، لما اضطر إلى مغادرتها، والعمل في بلد آخر، متمنيًا أن يعمل يومًا ما في وظيفة مكتبية كخادم.

حنيف راهوجين يعمل في مواقف احد الأبنية، قال إن عمله يتطلب الوقوف وقتًا طويلاً تحت أشعة الشمس، مشيرا إلى أن صاحب البناء لا يلتزم بقرار حظر العمل وقت الظهيرة، كما إن الموقف الذي يعمل فيه غير مظلل، ما يعرضه لأشعة الشمس المباشرة، غير أن حنيف يستخدم مظلة اشتراها ليستظل بها وقت الظهيرة، معربًا عن أمله في أن ينتقل للعمل في مكان يحظى بالتكييف، كالخدمة داخل المبنى بدلاً من الموقف الخارجي.

عن العقوبات الجزائية التي تطال المخالفين، قال مدير إدارة التوجيه في الوزارة قاسم محمد جميل quot;إن المخالفة في المرة الأولى تضم غرامة بـ 10 آلاف درهم، وتنقل المنشأة إلى المستوى الأدنى، وإذا كانت المنشأة فئة ثالثة، يتم وقف نشاطها لمدة 6 أشهر، وفي المرة الثانية تفرض غرامة 15 ألف درهم، ونقل المنشأة للمستوى الأدنى، فإن كانت المنشأة فئة ثالثة يتم وقفها لمدة 9 أشهر، وفي المرة الثالثة تفرض غرامة 20 ألف درهم وتنقل للمستوى الأدنى، فإن كانت المنشأة فئة ثالثة يتم وقفها مدة لا تقل عن عامquot;.

المنظمات الحقوقية تدعو إلى حماية صحة العمال من الإنهاك الحراري
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد أبدت في تقاريرها الصادرة خلال الأعوام المنصرمة قلقها حيال العمالة في دول الخليج، مطالبة دول المنطقة بتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بشروط العمل من اجل التصدي للمخاوف الجسيمة الخاصة بصحة وسلامة العمال، والتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 155 الخاصة بالصحة والسلامة المعنية للعمال. ومنها ضمان quot;النشر السنوي للمعلومات الخاصة بالحوادث أثناء العمل، والأمراض في موقع العمل وغيرها من الإصابات الصحية التي تظهر في معرض العمل أو على صلة بهquot;.

ماهر العويد من جانبه أشار إلى هذه النقطة، موضحًا أن فوائد تطبيق قرار حظر العمل فترة الظهيرة تتمثل في زيادة الإنتاج والتقليل من حوادث الإنهاك الحراري التي تصيب العمال، ورفع أسهم الدولة لدى المؤسسات الدولية العمالية والحقوقية. الجدير ذكره ان الوزارة حددت الأعمال المستثناة من قرار الحظر لتشمل فرش الخلطة الإسفلتية وصب الخرسانات، إذا كان يستحيل تنفيذها أو تكملتها خلال فترة ما بعد الحظر، والأعمال اللازمة لدرء خطر أو أضرار أو أعطال أو خسائر عرضية طارئة، وتشمل قطع خطوط تغذية المياه والمجاري والتيار الكهربائي وغيرها، إلى جانب الأعمال التي يتطلب تنفيذها تصريحاً من جهة حكومية مختصة.

أرقام وإحصائيات
يبلغ عدد العمال المسجلين في وزارة العمل بحسب النشاط الاقتصادي، الذي يتطلب العمل في العراء، ما يقارب مليوني ونصف مليون، منهم مليون ونصف مليون عامل تقريبًا في قطاع البناء والتشييد حوالى 40 %، بينما يبلغ عدد العمال في خدمات الإصلاح حوالى 850 ألف بنسبة 22 %.

واوضحت إحصائية فترة الظهيرة، التي أعدتها وزارة العمل بشأن المنشآت التي يخاطبها القرار الوزاري بمنع العمل في هذا الوقت، وذلك خلال الفترة من عام 2006 حتى 2009، ان عدد المنشآت التي خاطبها قرار حظر العمل خلال فترة الظهيرة، وصل في عام 2009 إلى 83377 منشأة، التزمت منها76511 بنسبة التزام وصلت إلى نحو 99%، في حين بلغ عدد المنشآت المخالفة إلى 680، مشيرة في بياناتها إلى أن عدد الزيارات التوجيهية التي تمت خلال هذه الفترة بلغ 6186 زيارة. أما الغرامات المقررة فقد وصلت إلى 6.9 ملايين درهم.