حملت معظم الإماراتيات سبب بطالتهن لأسباب اجتماعية، أهمها quot;العنوسةquot;، إذ أعرب معظمهن عن أن سبب بحثهن عن عمل ليس بسبب حاجة مادية أو الرغبة بالعمل، بل لملأ وقت الفراغ بالدرجة الأولى.


أبوظبي: كشف معرض quot;توظيف 2011 الذي اختتم أعماله في أبوظبي عن عمق الأزمة التي يعيشها الباحثون عن فرص عمل، بينما أقدمت الجهات المشاركة على عرض شواغرها الوظيفية وتلقي الطلبات. فشكلت الإناث 60% من الباحثين عن فرص عمل، وينافسن الذكور على الشواغر الإدارية.

وذلك في وقت تشهد فيه دولة الإمارات تغييرًا جذريًا في بنيتها الاجتماعية، لا سيما مع تأخر سنّ الزواج وزيادة نسبة العنوسة لتتجاوز 50%، وتغيير مفاهيم الإنفاق الأسري، حيث أصبحت المرأة أكثر اعتمادًا على نفسها اقتصاديًا، في وقت حمل فيه الشباب الذكور مسؤولية بطالتهم للجهات المعنية.

متخرّجو الدراسات الإنسانية عرضة للبطالة
وفق البيانات الصادرة من المعرض، فإن المعدل الوسطي لعدد الطلبات التي تلقتها الشركات من قبل مواطنين تراوح بين 120 إلى 150 طلباً للجهة الواحدة، فيما شكلت الإناث نحو 60% من الطلبات المقدمة، وشكل الحاصلون على مؤهل علمي دون جامعي نسبة النصف أي 50% من إجمالي المتقدمين للعمل، وحملة الماجستير 1%، و49% لمتخرجي الجامعات، منهم 80% من المتخصصين في الدراسات الإنسانية والأدبية والشرعية والاجتماعية، و20% من التعليم الجامعي الفني المتخصص.

في وقت قدم المعرض الوظائف المتخصصة بنسبة 80% من فرص العمل المتوافرة، فيما تشكل الوظائف الإدارية نحو 1% والوظائف دون التخصصية نحو 19%.

نسبة الباحثين عن عمل تراوحت بين 20 إلى 30%، وذلك وفقاً لبيانات المتقدمين للعمل خلال المعرض. إذن فإن الإحصاءات تشير بسهولة الى تفاوت صارخ بين حاجات سوق العمل وتخصصات الباحثين عن عمل، لا سيما لدى الإناث اللواتي يقمن باختيار تخصصات في العلوم الإنسانية عادة، ويرغبن في الوقت عينه ان يحظين بوظائف إدارية تتطلب مهارات quot;تخصصية وفنية مختلفة، كما تتطلب موظفين ميدانيين وأكثر حركة في عصر تراجعت فيه quot;الأعمال المكتبية التقليديةquot; مع تنامي الاتصالات ليصبح عمل المؤسسات مرتبطًا بالحركة والإبداع والمشاريع والمكننة والخدمات أكثر مما تطلب نمطًا بيروقراطيًا مملاً.

إماراتيات: العنوسة سبب بحثنا عن العمل
quot;إيلافquot; واكبت معرض quot;توظيف 2011quot; على مدى 3 أيام، ورصدت آراء بعض الباجثين والباحثات عن فرص عمل، حيث حملت معظم الفتيات سبب بطالتهن لأسباب اجتماعية، أهمها quot;العنوسةquot;، إذ أعربت معظمهن عن أن سبب بحثهن عن عمل ليس بسبب حاجة مادية أو الرغبة بالعمل، بل لملأ وقت الفراغ بالدرجة الأولى، والخروج من المنزل، لا سيما مع ندرة فرص تأسيس أسرة.

أما الذكور فاعتبروا أن سبب بطالتهم هو سوء إرشادهم من البداية إلى تخصصات يحتاجها سوق العمل وتفاوت فرص العمل والرواتب بين القطاع العام والخاص ومنافسة الإناث لهم في الشواغر الوظيفية وعدم تقدير المجتمع للوظائف الفنية أو البسيطة، حيث يرغب الجميع في احتلال أعلى المناصب بأقصر الطرق وأسرع وقت.

موزة الرميثي متخرجة جامعة الإمارات أشارت إلى أنها تعيش في منطقة نائية بعيدة عن أبوظبي، وهي تبحث عن عمل لأنها quot;ملّت الجلوس في البيت عقب تخرجهاquot;، مؤكدة أنها لن تقبل بوظيفة quot;تعكّر لها حياتها أو ترهقها لأن أسرتها ميسورةquot;، ولكنها ترغب بوظيفة quot;إدارية مكتبية بدوام مريحquot;، بحيث تملأ وقت فراغها. موزة قالت إنها ستتفرغ لعائلتها إذا تزوجت، موضحة أن quot;العنوسة مشكلة مشاكل الإناث في الإماراتquot;، لافتة إلى أن معظم صديقاتها يعانين الأمر نفسه، وأن سبب بحثهن عن عمل يعود إلى أنهن لم يتزوجن.

أما شمسة الحميري فلم توافق صديقتها، بل أشارت إلى أنه quot;من المفيد للمرأة العمل، سواء تزوجت أم لم تتزوج، لارتفاع تكاليف الحياةquot;، مشيرة إلى أن مصروفها الشخصي الذي تحتاجه للكماليات فقط من زينة وملابس وسياحة يتجاوز6000 درهم شهريًا، وهو ما لم تحتاجه المرأة سابقًا، مؤكدة أن quot;معظم رجال اليوم يتنصلون من مهمة الإنفاق على المرأة، لا سيما في الكماليات التي تعتبرها المرأة أساسية، ويعتبرها الرجل من باب التبذير.

حمدة علي متخرجة شريعة إسلامية بدورها تتسائل quot;ماذا يمكنني أن أعمل غير مهنة التدريس؟quot;. وتقول quot;أبحث عن وظيفة إدارية في مكتبة عامة أو مركز ثقافي، لكن للأسف معظم الشواغر هي في تخصصات تتعلق بالهندسة والأعمال والطب وغيرها من التخصصاتquot;.

وأشارت إلى أن معظم الوظائف تفضل غير quot;المنقبةquot;، وهي بحكم نقابها فإنها فوتت على نفسها العديد من الفرص. وردًا على سؤالنا حول إمكانية خلعها للنقاب حال اشتراط مكان عملها ذلك، قالت quot;هم عادة لا يجرأون على وضع هذا الشرط، بل يكتفون بالاعتذار لأسباب غير معلنةquot;، مؤكدة أن معظم المواطنات لا يمكنهن العمل quot;كمضيفة في طائرةquot; أو quot;عاملة استقبال في فندق quot; أو أي مهنة تتطلب ما يخرج عن تقاليد القبائل.

من جانبه أشار سعيد الحوسني متخرج من جامعة زايد إلى أنه يبحث عن عمل، ولكنه غير قلق لأن quot;المسؤولين والشيوخ ما يقصرونquot;، ولن يتركوا quot;أبناءهم من دون وظائفquot;، ولكنه لفت إلى أن quot;المنافسة حادة مع الإناث في الشواغر الوظيفيةquot;، مشيرًا إلى ضرورة تفضيل الذكور على الإناث في أولوية التوظيف للمسؤولية التي تلقى على عاتق الرجل في حياته، قائلاً quot;الحرمة تعمل كي تتجملquot;، والرجل يعمل كي يطعم quot;عيالهquot;، ولابد أخذ ذلك في عين الاعتبار من قبل المسؤولين.

أما أحمد السويدي فرفض أن يعتبر نفسه quot;عاطلاً عن العملquot;، بل هو quot;باحث عن فرصة عملquot;، مؤكدًا أن سبب ما يحصل هو quot;سوء في الإرشاد المهني ونقص تعليم اللغات في المدارس الحكوميةquot;، مشيرًا إلى أن quot;العمل متوافر لمن يريدquot;، ولكن quot;الشباب يرفضون العمل في الأعمال quot;العاديةquot;. فلا أحد من المواطنين يرغب أن يعمل مثلاً quot;كهربائيًاquot; أو quot;نجارًاquot; أو quot;فني محركاتquot; أو أي مهنة حرفية وإن كان دخلها مرتفعًا، مشيرًا إلى أن بعض quot;الشباب يرغب في الحصول على دخل يتجاوز 15 ألف درهم، كي يغطي مصاريف quot;تغيير سيارتهquot;، ويتساءل quot;هل الباحث عن عمل من أجل شراء quot;فيراريquot; يعد عاطلاً عن العمل؟.

غير أن أحمد يؤكد في الوقت عينه أن هناك باحثيين حقيقيين عن عمل، وهم فعلاً يرغبون في العمل من أجل إعالة عائلاتهم، وبناء استثمارات آمنة، وبناء أسرة متماسكة، داعيًا المعنيين إلى حل المشاكل الاجتماعية قبل الاقتصادية وترشيد الاختصاصات بما يتلاءم مع حاجة السوق.

الجدير ذكره أن الدورة الحالية من معرض توظيف أبوظبي 2011 تسعى إلى مطابقة كفاءات الزوار من الباحثين عن عمل مع الشواغر المتاحة خلال المعرض، كما تهدف إلى تحفيز التوطين ضمن بيئة ديناميكية ضمن الهيئات الحكومية وشبه الحكومية، إضافة إلى شركات القطاع الخاص.

وتشكل أزمة البطالة بين صفوف المواطنين في الإمارات مصدر قلق للمسؤولين، بعدما قاربت نسبتها 15% استنادًا إلى إحصائيات وزارة الاقتصاد، في وقت تسعى فيه الجهات الحكومية والاتحادية إلى توطين الوظائف وإلزام الشركات الخاصة به.

كما تشكل المرأة الإماراتية حوالي 50 % من القوى المحلية العاملة، وأن نسبة الابتعاث إلى الخارج تجاوزت نسبة الذكور بأكثر من 30% عن الشباب. ويرى البعض أن في ذلك مؤشر إيجابي يوحي بطموح المرأة ورغبتها في التطور والإنجاز، بينما يراه البعض الآخر مرآة لحالة اجتماعية في ظل تزايد عدد الإناث غير المتزوجات.