أصبحت تركيا بديلاً من الإمارات في التجارة مع إيران بعد قرار مجلس الأمن بتشديد العقوبات عليها.


دبي: بعد قيام مجلس الأمن الدولي بتضييق الخناق على إيران عبر فرض مجموعة رابعة من العقوبات الدولية عليها، والتزام الإمارات بقرارات مجلس الأمن في تطبيق تلك العقوبات، من خلال توقف غالبية المصارف الموجودة فيها عن تحويل الأموال إلى إيران، وكذلك التدقيق الشديد على كل العمليات المصرفية التي يجريها العملاء الإيرانيون في هذه المصارف... سعت طهران إلى وجود شريك تجاري آخر لها، ليحل بديلا من الإمارات، حتى يمكنها الخروج من المأزق، بعد شل حركة تجارتها الخارجية، وكان هذا البديل هو تركيا.

من جهته أوضح عبد الله سهرابي السفير الإيراني في قطر أخيرًا أن طهران قررت تغيير الشريك التجاري الأكبر لها في منطقة الخليج بسحب رؤوس الأموال الموجودة في الإمارات وتحويل الاستثمارات الموجودة فيها إلى أماكن أخرى في المنطقة. مشيرًا إلى أن التدفقات النقدية لرجال الأعمال الإيرانيين ورؤوس الأموال كانت قد أنشأت هيكلاً في الإمارات، التي اعتبرت شريكًا تجاريًا مهمًا لطهران في المنطقة، لكنه لفت إلى أن الإمارات أصبحت غير مهتمة بالمصالح الإيرانية، مضيفًا أن ذلك هو ما دفعهم إلى تغيير ذلك الشريك التجاري، رغم أهميته بالنسبة إلى طهران.

وتعد إيران شريكًا تجاريًا مهمًا للإمارات، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم التجارة بين إيران وإمارة دبي وحدها يصل إلى حوالي 10 مليارات دولار سنويًا. وقد أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن إيران تخطط لوقف تدفق رؤوس أموالها إلى الإمارات وتعيد توجيه استثماراتها إلى تركيا أو دول أخرى في المنطقة. وقامت الإمارات بتقليص تعاونها مع طهران تطبيقًا للعقوبات الدولية التي فرضت على الجمهورية الإسلامية بسبب برنامجها النووي.

حيث أوقفت الإمارات منذ بداية يوليو/تموز الماضي كل التحويلات إلى إيران بكل أنواع العملات. وأكد مصرفي إماراتي أن التحويلات إلى إيران باتت محظورة بعملتي الدولار واليورو، وأصبحت بالغة الصعوبة، وتكاد تكون مستحيلة بالدرهم الإماراتي، مشيرًا إلى أن التحويلات التي يقوم بها العملاء الإيرانيون باتت تخضع للرقابة، وأن بعض التحويلات التي يقومون بها إلى دول آسيوية لدفع ثمن بضائع هناك يتم منعها في بعض الأحيان.

وكانت أبوظبي قد أكدت في أغسطس/آب الماضي أنها تلتزم بتطبيق العقوبات الدولية المفروضة على إيران، على الرغم من الخسائر التي ستلحق بالاقتصاد الإماراتي من جراء هذا الأمر. وتطبيقًا لهذه العقوبات، أصدر المصرف المركزي الإماراتي في يونيو/حزيران الماضي قرارًا، أمر فيه المؤسسات المالية في البلاد بتجميد 41 حسابًا مصرفيًا، وفي حينه أغلقت دبي مكاتب 40 شركة يشتبه في انتهاكها قرار العقوبات.

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين إيران ودولة الإمارات نحو 7 - 8 مليارات دولار، ويرى المحللون أن الإمارات ستكون البلد الأكثر تضررًا جراء العقوبات على إيران، مقارنة بدول أخرى لها تعاملات مع طهران.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر في التاسع من يونيو الماضي القرار رقم 1929، الذي نص على فرض حزمة رابعة من العقوبات على طهران، تضمنت توسيع لائحة المصارف المشمولة بالعقوبات، إضافة إلى عقوبات عدة، أدت الى شلل حركة التجارة وتدفق رؤوس الأموال من وإلى طهران.

وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض من جانبه عقوبات خاصة على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، إذ ترتاب الدول الغربية في أن البرنامج له أهداف عسكرية، بينما تؤكد السلطات الإيرانية أن أغراض البرنامج سلمية ولإنتاج الطاقة. وبينما استهدفت العقوبات الأوروبية قطاع الطاقة الإيراني، فرضت الولايات المتحدة عقوبات أحادية استهدفت المصارف والشركات ذات الصلة بإيران، وكذلك الشركات التي تتعامل مع السلطات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني.

وكان وفد من وزارة الخزانة الأميركية قد قام في أغسطس الماضي بجولة شملت ثماني دول للدفع باتجاه تطبيق عقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وقالت مصادر مطلعة إن الوفد الأميركي حذّر من وضع شركات ومصارف تابعة لتلك الدول في القائمة السوداء، وبالتالي شمولها بالعقوبات في حال استمرار تعاملاتها مع ايران.

وأشارت وزارة الخزانة الأميركية في بيان لها إلى أن المسؤولين زاروا في هذا الإطار البحرين والبرازيل والإكوادور واليابان ولبنان وكوريا الجنوبية وتركيا والإمارات. وقد أكدوا في محادثاتهم أن المصارف الأجنبية قد تفقد إمكانية الدخول إلى النظام المالي الأميركي، إذا واصلت تعاملاتها مع المصارف المدرجة على اللائحة السوداء المتعلقة بالقضية الإيرانية.

من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة تهدف إلى زيادة قيمة التبادل التجاري مع طهران بثلاثة أضعاف حتى عام 2015. مضيفًا أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإيران يبلغ حاليًا 9 مليارات دولار.

ويستغرب بعض المحللين من أن الولايات المتحدة الأميركية تغض الطرف عن تنامي العلاقات التجارية الإيرانية التركية، رغم أن تركيا حليف لواشنطن في حلف الأطلسي، مشيرين إلى أن أنقرة تحاول تبوء مكانة القوى الكبرى نفسها في العالم، مثل روسيا والصين، في علاقتهم مع طهران، دون النظر إلى ما تؤيّده أو تعارضه واشنطن.

أما بعض المحللين الآخرين فيرون أن تنامي العلاقات التجارية بين تركيا وإيران لن يدوم طويلاً، حيث إن الولايات المتحدة قد تستهدف الشركات التركية التي تتعاون مع إيران، إذا فشلت المساعي الدبلوماسية مع طهران في حثّها على التراجع عن تخصيب اليورانيوم.