لأنّها مهنة مربحة وتنطوي على عديد المزايا، يُقبل الجزائريون على ممارسة تجارة التحف الفنية التي تدّر مكاسب مهمّة على ممارسيها، وهو ما تسلط quot;إيلافquot; الضوء عليه في التحقيق الآتي.


تجارة التحف الفنية تزدهر في الجزائر وتدّر مكاسب

كامل الشيرازي من الجزائر: من خلال جولة قادتنا إلى quot;وادي كنيسquot;، quot;وتليمليquot;، وquot;ساحة الشهداءquot;، وquot;المدنيةquot;، وquot;بابا حسنquot; وغيرها من ضواحي الجزائر العاصمة، بدا جليًا أنّ الشباب هم العنصر الأكثر حضورًا بين تجار التحف الفنية، خلافًا لفترات ماضية كان فيها الوضع مختلفًا.

ونجد داخل هذه المحال لوحات زيتية وكتب وزرابي وأدوات مطبخ ومستلزمات الحمام وصينيات ومزهريات نحاسية لا يمكننا أن نعثر عليها في أي محل آخر.

ويقول شوقي الذي يدير متجرًا في الحي الشعبي باب الوادي، إنّه ورث المهنة عن والده مدفوعًا بحبه للتحف الفنية والأثرية وتعلقه الشديد بسائر اللوحات والفوانيس العتيقة، معتبرًا أنّ الخائض في هذا اللون التجاري مدعو إلى التحلي بالصبر والقدرة على إقناع الزبائن.

من جهته، يقرّ كريم، الذي يزاول المهنة منذ سبع سنوات، أنّه على منوال زملاء المهنة، عانى كثيرا في بداية مشواره، بيد أنّ تعلمه قواعد بيع القطع الفنية القديمة ذات القيمة التاريخية مكّنه من تذليل كل أنواع العقبات من طريقه، متخذًا شعارًا حياتيًا ''الجديد حبّوا، والقديم لا تفرط فيه''.
ويوضح عادل، الذي استهلك 13 سنة في المهنة، أنّ تجارة التحف تتطلب رؤوس أموال كبيرة، لشراء التحف والاعتناء بها وإعادة تصليحها، كما تقتضي المهنة من ممارسيها عناء متواصلاً قصد الحصول عليها من العائلات التي تحوزها وتدرك قيمتها الجمالية.

لا يخفي جمال أنّه استخدم عائداته من بيع الخردوات سابقًا، كأصول موّل بها تجارة التحف الفنية، مبرزًا تنقله المستمر إلى البيوت، حتى وإن كان ذلك يتطلب قطع آلاف الفراسخ، من أجل شراء مقتنيات نادرة لا يدرك قيمتها الثمينة سوى محترفو تجارة التحف، هؤلاء لا يتوانون عن الدخول في مزادات للظفر بتحف تعود في الغالب إلى زمن الوجود العثماني في الجزائر، إضافة إلى أفاريز أخرى مهرّبة من الحقبة الأندلسية وما كانت تزدان به كبرى العواصم الأوروبية وكذا الحواضر العربية.

ويشير مهدي، وكمال، وجازية وراضية وغيرهم من زبائن التحف القديمة، إلى أنّ الأشياء المعروضة تجذبهم بقوة وتدفعهم للإنفاق بغير حساب، خصوصًا أنها تجذب الزوار والزبائن على حد سواء بالنظر إلى التنسيق في رص الأثاث والأضواء المستعملة فيها.

ويكشف حسين عن هوسه بالديكور القديم الذي يجعله، كما قال يحلق وسط حكايا ألف ليلة وليلة، بينما تبدي سعيدة ابتهاجًا بباعة التحف الرائعة الذين يحسنون جذب الزبائن والفضوليين من عامة الناس، ويدعونهم إلى التفرّج على قطع قديمة وأثاث كان مستعملاً من قبل شخصيات لها وزنها في مسار حياة الأمم والتاريخ.

ويثمّن أنيس راهن تجارة التحف من حيث نجاح عرّابيها في امتصاص البطالة وتفعيل طاقات شبانية ظلّت معطّلة على غرار ياسين وفوزي وإبراهيم، الذين انقلبت حياتهم رأسًا على عقب، بعد انخراطهم في هذه المهنة، ما ساعدهم على تجاوز إخفاقاتهم بعد مغادرتهم مقاعد الدراسة في سن مبكرة.

ويؤكد فاروق أنّ بيع التحف يوفر مدخولاً كبيرًا للممارسين، بمعدل 110 آلاف دينار كل شهر (ما يقارب الألف يورو)، ويمكنه جني مائة ألف دينار كل عام (ما يربو عن العشرة آلاف يورو)، إذا ما كان الإقبال قياسيًا كما كان الحال في سنتي 2009 و2010. وتبرز الجدوى الاقتصادية لمهنة التحف الفنية التي لا تزال غير مؤطرّة بالشكل الكافي، رغم قدرتها على توفير مناصب الشغل وخلق ديناميكية، بما يمثل جرعة أمل لعديد العاطلين عن العمل ومنفذًا لتحجيم ظاهرة البطالة في مجتمع محلي يعاني احتباس القوى النشطة.