لا يبدو أن الاتفاق على رفع سقف الدين الذي تم التوصل اليه أمس سيحصل بسهولة على إقرار البرلمان.
واشنطن: لا يبدو أن الاتفاق على رفع سقف الدين الذي تم التوصل اليه في اخر لحظة مساء الاحد بين البيت الابيض وزعماء الكونغرس سيحصل بسهولة الاثنين على اقرار البرلمان الذي يشعر عدد من نوابه بالاستياء من هذه الخطة.
وبعد عودة التفاؤل الى الاسواق مع الاعلان عن التوصل الى هذه التسوية ما لبثت حالة الحماسة ان خفت سريعا واغلقت العديد من البورصات الاوروبية على خسائر.
فقد اغلقت بورصة باريس على انخفاض بنسبة 2,27% وهو ادنى مستوى لها منذ اب/اغسطس 2010 في حين سجلت بورصة ميلانو انخفاضا بنسبة 3,87% وبورصة فرانكفورت 2,86% ولندن بنسبة 0,70%. وفي الولايات المتحدة خسرت وول ستريت 0,31% عند منتصف النهار.
ومن المقرر ان يجتمع حزبا البرلمان الاثنين لمناقشة اقرار الاتفاق اذا امكن قبل منتصف ليل الثلاثاء (4,00 الاربعاء ت غ). ومن المقرر ان يحضر نائب الرئيس الاميركي جو بايدن اجتماع المجموعة الديموقراطية في مجلس الشيوخ ظهر اليوم.
ويتوقع ان يخيم التوتر على هذه المباحثات نظرا لان التسوية التي اقرت تثير الاستياء لدى عدد من نواب من الحزبين.
وبعد الاصرار طويلا على ضم العائدات الضريبية الجديدة الى الخطة وخاصة من خلال زيادة الضرائب على الاميركيين الاكثر ثراء اضطر الرئيس باراك اوباما في النهاية التخلي عن هذا المطلب امام اصرار الجمهوريين برفضه.
وبذلك لا يشمل الاتفاق الذي تم التوصل اليه الاحد اي زيادة ضريبية تحت اي شكل كان الامر الذي قد يثير اعتراض الجناح اليساري للحزب الديموقراطي.
وقال النائب ايمانويل كليفر رئيس مجموعة النواب السود في المجلس في حسابه على موقع تويتر الاثنين ان quot;هذا الاتفاق شطيرة من فعل الشيطان مغلفة بالسكر اذا نزعتم الخبز لن تحبوا ما سترونهquot;.
وكان راول غريخالفا رئيس مجموعة النواب الديموقراطيين quot;التقدميينquot; في المجلس صرح منذ الاحد بانه quot;سيناضل ضد اقرارquot; الاتفاق.
كما ابدت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي تحفظا الاحد وقالت انها سترى quot;كيف يمكن ان نساعدquot; في اقرار الخطة.
وفي الجانب اليميني يثير الاتفاق حفيظة النواب المقربين من تيار quot;حزب الشايquot; المحافظ جدا الذي يطالب باستقطاعات ضخمة من نفقات الدولة الفدرالية والذين يعارض بعضهم حتى اي رفع لسقف الدين.
ونددت النائبة ميشال باكمان التي اعلنت خوضها الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لاختيار مرشحه للرئاسة تحت راية quot;حزب الشايquot; بهذه التسوية وقالت انها تتضمن quot;نفقات كثيرة واستقطاعات غير كافيةquot; مضيفة quot;على احد ان يقول لا. وهذا ما سافعلهquot;.
واستنادا الى مصدر في الكونغرس فان مجلس النواب قد يصوت على النص اعتبارا من الاثنين.
وفي مجلس الشيوخ تبدو فرص اقرار النص اكبر. وقال زعيم الاغلبية الديموقراطية في المجلس هاري ريد انه يامل في اجراء التصويت اليوم.
واضاف quot;امام الكونغرس فرصة فريدة ليظهر للعالم ما نستطيع ان نحققه ليس رغم انقساماتنا وانما بفضل هذه الانقساماتquot;.
ويرفع الاتفاق سقف الدين العام الفدرالي بمقدار 2100 مليار دولار على الاقل ليتيح لوزارة الخزانة الاقتراض بعد الثاني من اب/اغسطس ويخفض النفقات بمقدار 2500 مليار على مرحلتين وفقا لمكتب الميزانية في الكونغرس وهو هيئة محايدة.
والمرحلة الاولى من خفض النفقات قيمتها الف مليار دولار على مدى عشر سنوات تبدأ فور اقرار الاتفاق وتشمل قطاع الدفاع وقطاعات اخرى، على ان تكون حصة نفقات الدفاع من هذا الخفض بمقدار 350 مليار دولار على عشر سنوات.
والمرحلة الثانية قيمتها 1500 مليار دولار على مدى عشر سنوات ايضا، وستتولاها لجنة خاصة في الكونغرس مؤلفة من عدد متساو من اعضائه الديموقراطيين والجمهوريين تكون مهمتها تحديد اوجه الانفاق التي ستشملها الاستقطاعات الاضافية قبل عيد الشكر في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وفي حال عدم الاتفاق على هذه التخفيضات يتم تفعيل آلية ملزمة تفرض تلقائيا عددا من الاستقطاعات في الميزانية.
الا ان مسؤولا في البيت الابيض اوضح ان هذه الاستقطاعات التلقائية لن تمس الضمان الاجتماعي او برنامج ميدكير الصحي للمسنين.
واكد اوباما ان الاتفاق سيعيد النفقات الفدرالية الى ادنى مستوى لها منذ 60 عاما لكنه تعهد بعدم تنفيذ ذلك بطريقة quot;فظةquot; في حين لا يزال معدل النمو الاميركي منخفضا (1,3%) ومعدل البطالة مرتفعا (9,2%).
وجاءت تعليقات الصحف الاميركية على الاتفاق غير حماسية واحيانا منتقدة. وعنونت نيويورك تايمز quot;اتفاق مفزع، لتفادي الفوضىquot; في حين ابدت شيكاغو تريبون خشيتها من ان لا يكون النص كافيا لquot;تمكين الولايات المتحدة من المحافظة على تصنيف دينها العامquot; وهو اعلى تصنيف ممكن حاليا (ايه.ايه.ايه).
كما اثارت الازمة انتقادات في الخارج.
فقد اتهم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة الاثنين بانها quot;تتطفلquot; على الاقتصاد العالمي من خلال تجميعها الديون الهائلة التي تهدد النظام المالي العالمي.
وقال بوتين امام تجمع شبابي مؤيد للكرملين في وسط روسيا ان الولايات المتحدة quot;بلد يعيش على الديون، ولا يعيش ضمن امكانياته، ويلقي بثقل المسؤولية على الدول الاخرى ويتصرف بشكل من الاشكال مثل الطفيلياتquot;.
والمح الى ان واشنطن ربما فكرت في اعلان التخلف عن السداد لاضعاف الدولار quot;وخلق ظروف افضل لتصدير بضائعهاquot;.
التعليقات