باريس: اعلنت فرنسا يوم الجمعة عن ارقام مخيبة للامال بالنسبة لنموها الاقتصادي الذي سجل مراوحة في الفصل الثاني من السنة، في ختام اسبوع اسود شهد تشكيكا في الاسواق حيال ادائها واستهدافا لقطاعها المصرفي.وافادت فرنسا عن انعدام نسبة النمو (0.0') في الفصل الثاني من السنة ما سيعقد جهود الحكومة للحد من عجزها المالي وتقليص ديونها في وقت باتت انظار المستثمرين متجهة الى ثاني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو.وتراجع النشاط الاقتصادي سيحد من العائدات الضريبية ما سيرغم الحكومة على البحث عن موارد جديدة او اجراء اقتطاعات جديدة في نفقاتها العامة.


ويردد الرئيس نيكولا ساركوزي، الذي يستقبل المستشارة انغيلا ميركل الثلاثاء المقبل في باريس لعقد قمة ازمة، ان اهداف خفض العجز 'ثابتة'.
وفرنسا حريصة على الحفاظ باي ثمة عن تصنيفها الائتماني الممتاز 'ايه.ايه.ايه' الذي تخص به وكالات التصنيف الائتماني الدول التي تتمتع باكبر ثقة على الصعيد المالي ما يسمح لها بالاقتراض بنسب فوائد متدنية في الاسواق.وقامت وكالة ستاندارد اند بورد مؤخرا بتخفيض تصنيف الولايات المتحدة درجة من 'ايه.ايه.ايه' الى 'ايه.ايه +'.واقر وزير المالية فرنسوا باروان الجمعة بان ركود اجمالي الناتج الداخلي في الفصل الثاني 'مخيب للامال بعض الشيء' لكنه كرر ثقته في الاقتصاد الفرنسي واكد على ان توقعات الحكومة للنمو عام 2011 تبقى بنسبة 2'.


وتجد فرنسا نفسها في الخطوط الامامية للازمة التي تهز منذ اشهر منطقة اليورو والتي ارغمت الاوروبيين على وضع خطط انقاذ لليونان وايرلندا والبرتغال.واعلن ساركوزي في هذا السياق للمستثمرين ان حكومته ستقدم في 24 اب/اغسطس اجراءات تقشف لميزانية 2012، مؤكدا على هدف خفض العجز المالي العام من 5.7' من اجمالي الناتج الداخلي هذه السنة الى 4.6' العام المقبل و3' عام 2013.وحذرت الحكومة من انها تعتزم الغاء بعض الاعفاءات الضريبية غير ان فرنسوا باروان استبعد الجمعة اي زيادة في ضريبة القيمة المضافة معتبرا ان ذلك سيكون بمثابة 'اختيار الوسيلة السهلة'.


ولفت بعض الخبراء الى ان الظروف الحالية حيث تستعد فرنسا لخوض انتخابات رئاسية في نيسان/ابريل وايار/مايو المقبلين، تعقد الوضع على ساركوزي.ورأت جينيفر ماكيون الخبيرة الاقتصادية في شركة كابيتال ايكونوميكس في لندن انه 'بعد مراوحة الاقتصاد ومع اقتراب الانتخابات في الربيع المقبل، سيكون من الصعب للغاية اقرار اجراءات تقشف صارمة هي ضرورية لاقناع الاسواق بان مالية الحكومة على السكة الصحيحة'.
واضافت ان ارقام النمو قد تزيد 'مخاوف المستثمرين حيال احتمال تخفيض تصنيف الدين السيادي الفرنسي' لا سيما وان الديون العامة تمثل 84,5' من اجمالي الناتج الداخلي الفرنسي.


على الصعيد الاوروبي، قال باروان ان فرنسا تامل في 'تسريع البحث' في مسالة الحكم في منطقة اليورو خلال القمة بين ساركوزي وميركل الثلاثاء.
وتبين ان الاجراءات التي اقرت في 21 تموز/يوليو في بروكسل خلال قمة لمنطقة اليورو، ومنها خطة جديدة لمساعدة اليونان وتليين شروط عمل الصندوق الاوروبي لارساء الاستقرار المالي، لم تكن كافية لارساء الاستقرار في الاسواق وتجنب انتشار عدوى ازمة الديون. وكانت الاسواق المالية اظهرت يوم الخميس ريبة متزايدة حيال فرنسا مع تعرض مصارفها الكبرى لهجمات شديدة من المضاربين وبث شائعات حول احتمال فقدان هذا البلد تصنيفه الائتماني الممتاز على خلفية تباطؤ نموه.


واضطر البنك المركزي الفرنسي الى اصدار موقف علني دفاعا عن 'متانة' المصارف الفرنسية وخصوصا مصرفي سوسيتيه جنرال وبي.ان.بي/باريبا، المصرف الاول في منطقة اليورو، لوقف انهيار اسهمهما في بورصة باريس.وقال حاكم البنك المركزي كريستيان نواييه ان 'التطورات الاخيرة في اسواق البورصات لا تؤثر على المتانة المالية للمصارف الفرنسية وقدرة الصمود التي اثبتتها منذ بدء الازمة'.غير ان الاسواق تعتبر ان المصارف الفرنسية منكشفة كثيرا على الديون السيادية للدول الهشة مثل اليونان او ايطاليا.وقال سيرغ ميتر الامين العام للجمعية الفرنسية لزبائن المصارف 'اننا نواجه ازمة اقتصادية تضع المصارف التي اقرضت دولا في مواجهة مخاطر التعثر في السداد'.


ويمكن لاي شائعة في ظل التوتر الشديد المخيم في الاسواق ان تتسبب بكارثة.واوضح فريديريك روزييه الذي يدير محفظات مالية لدى شركة ميسشارت انه 'بالنسبة لسوسيتيه جنرال، لا افهم كيف يمكن ان يخطر لاي كان ولو لثلاثين ثانية على ضوء نتائج المصرف وحصيلته، انه يمكن ان يواجه صعوبات'.لكن الواقع ان خسائر سهم سوسيتيه جنرال وصلت لفترة عابرة يوم الاربعاء الماضي الى 20' من قيمتها في السوق نتيجة شائعات افادت ان المصرف على شفير الافلاس.وعادت اسهم المصارف الى الارتفاع الخميس على غرار باقي الاسهم، في اعقاب الاعلان عن قمة فرنسية المانية الاسبوع المقبل.


غير ان الاقتصاد الفرنسي بمجمله هو الذي يثير الشكوك وكذلك المخاوف على منطقة اليورو برمتها التي تشكل فرنسا قوتها الاقتصادية الثانية.
وقال فريديريك روزييه ان خفض التصنيف الإئتماني للولايات المتحدة 'تفتح للاسف الباب على مصراعيه امام المضاربات على دول مثل فرنسا'.
وصدرت تصريحات نفي جديدة يومي الاربعاء والخميس قابلتها شكوك جديدة حيال هذه الدولة التي لم تقدم ميزانية متكافئة منذ اكثر من ثلاثين سنة ويوازي دينها العام 84.5' من اجمالي ناتجها الداخلي. ورأى تشارلز ويبلوز استاذ الاقتصاد متحدثا لصحيفة (لوموند) انه 'بات من المحتمل ان تنضم فرنسا اليونان والبرتغال وايرلندا وايطاليا واسبانيا الى نادي الدول التي تعتبر الاسواق المالية ديونها المسمومة، وهو ناد لا تحسد عليه'.