منذ مطلع العام قفزت أسعار المواد الغذائية، حول العالم، الى مستويات قياسية تذكرنا بما حدث من غلاء غذائي مرعب، في عام 2008. بالطبع، فان المستهلكين، حول العالم، لا سيما في الدول الفقيرة، هم أكثر المتضررين من ارتفاع السلع الغذائية. فشراء الطعام، هناك، يمتص أكثر من 80 في المئة من الموازنات العائلية. وبالنسبة للمزارعين، فان تقلبات أسعار هذه السلع، المشابهة تماماً لتقلبات الأسواق المالية، ينبغي الحد منها عن طريق التوصل الى تثبيت أسعارها، تدريجياً. اذ ان السنوات الخمس الأخيرة لم تكن مزينة بالأفراح بالنسبة لتطلعات هؤلاء المزارعين.
برن:يرى الخبراء السويسريون أن أن عدة مصارف مركزية، حول العالم، واجهت ارتفاع أسعار المواد الأولية عن طريق تحصين سياساتها المالية. أوتوماتيكياً، فان عملات الدول، الممثلة بهذه المصارف، توطدت الى حد أبعد، لناحية القيمة في أسواق الصرف. بيد أن الأمر كان له تأثير على مستوى التبادلات التجارية التي ينبغي تصحيحها من دون اللجوء الى ملفات جديدة من نظريات متعلقة بسياسات مالية حكومية غير مجدية، لليوم.
في سياق متصل، يشير الخبير جيفري فرانكل الى أن المستودعات والاحتياطات الغذائية، لدى كافة دول العالم، قادرة، نظرياً، على تثبيت أسعار المواد الغذائية والاطاحة، نهائياً، بالمضاربات المحيطة بها. بيد أن الأمر، يتعلق رئيسياً بكيفية ادارة هكذا احتياطات! في مطلق الأحوال، فان المعطيات التاريخية غير مشجعة أبداً.
في ما يتعلق بالدول الغنية، فان القطاع الزراعي الانتاجي يتمتع بنفوذ سياسي. ما يعني، وفق رأي هذا الخبير، أن الاحتياطات الغذائية يجري استغلالها وسيلة للابقاء على أسعار عالية. أما في الدول الفقيرة، فان المزارعين يفتقرون الى أي نفوذ سياسي! علاوة على ذلك، فان الدول الأفريقية نجحت في تأسيس منظمات تشرف على مراقبة المنتجات الزراعية وتسويقها لصالح المزارعين. كما كانت هذه المنظمات تقرر أسعار القهوة والكاكاو، مثلاً. هذا وتمحورت الاستراتيجية الأفريقية حول خزن الفائض الزراعي، عندما تسنح الفرصة، لبيعه عندما يكون الناتج الزراعي قليل. هكذا، فان السيطرة على تقلبات الأسعار ممكنة جداً.
على الصعيد السويسري، لا يوجد مثيل لهذه الاستراتيجية الأفريقية. ما يعني أن الأسعار الغذائية بعيدة كل البعد عن مرحلة الاستقرار. مع ذلك، تحاول المراكز التجارية الكبيرة مكافحة هذا الغلاء عن طريق الترويج لبضائع مخفضة السعر لجذب المستهلكين اليها.
التعليقات