يرى مراقبون أن المغرب لم يستفد كثيرًا على المستوى السياحي من ثورتي مصر وتونس، إذ إن المملكة فقدت بعض أسواقها الكلاسيكية، التي كانت، في الأمس القريب، مفتاح ارتفاع المداخيل السياحية.


المغرب الوجهة السياحية الوحيدة في المنطقة التي استطاعت الصمود طوال 2011

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: رغم تأكيد ياسر الزناكي، وزير السياحة المغربي، أخيرًا، أن المغرب الوجهة السياحية الوحيدة في المنطقة التي استطاعت الصمود طوال سنة 2011، في ظل الظروف الصعبة، التي تتميزخصوصًا بالثورات العربية، إلا أن المملكة فقدت بعض أسواقها الكلاسيكية، خاصة الفرنسية والإسبانية.

وقال سعيد الطاهري، مدير عام الفدرالية الوطنية للسياحة في المغرب، quot;نلاحظ تراجعًا في الأسواق الكلاسيكية للمغرب، خاصة الفرنسية والإسبانية، غير أن ما يلفت الانتباه هو نمو السوق البريطانيةquot;.

وأوضح سعيد الطاهري، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن المداخيل السياحية، منذ بداية السنة الجارية إلى يوليو/تموز الماضي، حققت نموًا بلغ 9.6 % quot;، مشيرًا إلى أن عدد الوافدين وصل، في الفترة عينها، إلى 5.8 ملايين سائح.

وأضاف مدير عام الفدرالية الوطنية للسياحة quot;هذا مؤشر مهم، لكونه يظهر أنه رغم تراجع عدد من الوافدين، إلا أن نوعية السياح الذين يزورون المملكة هم من نوعية جيدة، ويساهمون في تحقيق مداخيل سياحية مهمة جدًاquot;.

غير أن سعيد الطاهري عاد ليؤكد تسجيل تراجع في عدد الوافدين، في شهر يوليو/تموز الماضي، ليصل إلى 3.7 %، مبرزًا أن ليالي الإقامة تراجعت بناقص 2.4 %، في حين أن مبيتات السياح الداخليين نمت بحوالى 12.4 %.

كما أوضح مدير عام الفدرالية الوطنية للسياحة أن quot;مبيتات السياح الخارجيين تراجعت بـ ناقص 7.3quot;، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن quot;هذا راجع بالأساس إلى الآثار السلبية لما يسمّى بالربيع العربي، الذي انعكس أساسًا على الوجهة السياحية للمملكةquot;. وذكر سعيد الطاهري أنه quot;جرى الحدّ من الآثار السلبيةquot;، متوقعًا عودة الرواج السياحي ابتداء من نهاية السنة الجارية.

حول البرامج المستقبلية لزيادة عدد السياح، قال مدير عام الفدرالية الوطنية للسياحة quot;سننظم أيامًا، من 7 إلى 9 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تستهدف الرحلات التي برمجتها الشركات الأجنبية للموظفين من أجل تنمية مردوديتهم، وزيادة مستوى الانسجام بينهمquot;، لافتًا إلى أنه quot;في 26 و27 من الشهر المقبل سيجري أيضًا تنظيم أول مناظرة كبرى دولية حول الاستثمار الفندقي في إفريقياquot;.

في ما يخص النظرة التفاؤلية للخطاب الرسمي، يرى لحسن الداودي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الرباط، أنها بعيدة عن الواقعquot;، مشيرًا إلى أنه quot;عندما تجري إضافة المغاربة المقيمين في الخارج إلى خانة السيّاح من أجل تضخيم الأرقام، فإن ذلك يكون غير صحيحquot;.

وأضاف لحسن الداودي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;نحن بعيدون عن التوقعات التي حددتها الوزارة الوصية، إذ كان من المفروض أن تصل المداخيل، في سنة 2010، إلى 80 مليار درهم، وفق ما جاء في قانون ميزانية 2009quot;.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه quot;من الطبيعي أن يكون هناك تراجع ونقص في السياحة، خاصة إذا تزامن ذلك مع تراجع الاستثمارات، والأزمة العالميةquot;، مؤكدًا أن quot;بعض المدن تتأثر أكثر من غيرها في هذه الفترة. فمثلاً إذا تضررت مراكش سيكون الوضع صعبًاquot;.

وأشار لحسن الداودي إلى أن طمأنة المواطنين من خلال الخطاب الذي يقول إن كل شيء جيد أمر طبيعي، لأنه لا يمكن أن تتأزم الأوضاع أكثر مما هي متأزمة، إلا أنه يجب أن يكون هناك تواضعquot;. وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة الرباط على quot;ضرورة تحرك الحكومة، رغم أن المشكل الأساسي يبقى في عدم استفادة المغرب كثيرًا من الثورتين في تونس ومصر، إذ إنه كان بإمكانه أن يحقق مداخيل أكثرquot;.

ورأى لحسن الداودي أن quot;السؤال الذي يطرح نفسه لابحدة هو لماذا لم يستفد المغرب من النقص الذي كان في تونس ومصر؟quot;، مشيرًا إلى أنه quot;عندما يرجع كل من تونس ومصر إلى موقعيهما، ستظهر آنذاك النتائج الحقيقيةquot;.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن quot;البلاد العربية التي لا توجد فيها الديمقراطية والشفافية لن تكون صورتها كما هي. فالمغرب كانت صورته جميلة، وإذا تقدمت مصر وتونس إلى الأمام، فإن صورة المملكة ستشوه شيئًا ماquot;.

وذكر لحسن الداودي أنه quot;يجب أن تكون هناك إصلاحات شمولية، إذ لا يمكن أن نعزل السياحة عمّا يجري في العالم العربي، كما يجب إشراك المغاربة المقيمين في الخارج في الانتخابات، حتى يكونوا مرتبطين أكثر ببلدهمquot;.

وارتفعت عائدات السياحة المغربية إلى 33.4 بليون درهم مغربي (4 بلايين دولار) في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، ما جعل صناعة السياحة تحافظ على ريادتها كأول مصدر للعملة الصعبة في المغرب، إضافة إلى تحويلات المغتربين، وصادرات الفوسفات، التي تساهم بقوة في معالجة عجز الميزان التجاري المتضرر من ارتفاع الأسعار الدولية.