بعد إهمال طويل تحاول بعض المؤسسات المالية الألمانية إلقاء الضوء على تداعيات الأزمة المالية العالمية، أكانت أزمة بلدان اليورو أو ديون الولايات المتحدة الأميركية، على اقتصاديات البلدان النامية والناهضة. فهذه الدول تشهد انتعاشًا اقتصاديًا يحلم به اليوم العالم الصناعي الغربي.


أزمة بلدان اليورو وديون الولايات المتحدة تؤثر على اقتصاديات البلدان النامية

اعتدال سلامه من برلين: يؤكد المحلل الاقتصادي ماركوس لوبيك من مؤسسة البحوث الاقتصادية في ميونيخ quot;في الوقت الذي نشهد فيه كيف تغرق الولايات المتحدة في بحر الديون تجلس الصين على وسادة من الريش لأنها بعيدة كل البعد عن هذه الكارثة. ولأن الكثير من البلدان الصناعية تعاني مشاكل مالية، وايضًا ألمانيا، نتيجة تداعيات أزمة بلدان اليورو عليها، لذا لا يمكن التحدث اليوم عن الدول الصناعية التقليدية الغنية، بل عن بلدان بديلة لها، مثل الصين والهند والبرازيل، التي تتوقع نموًا اقتصاديًا يصل الى 4.5 % هذا العامquot;.

فهذه الدول تشهد انتعاشًا اقتصاديًا يحلم به اليوم العالم الصناعي الغربي، حتى إن وكالات التصنيف الائتمانية رفعت تصنيف البرازيل في الفترة الاخيرة في الوقت الذي تخفض فيه تصنيف بلدان صناعية اخرى.

ويقول المحلل المالي اندريس ريس من مؤسسة اونيكريديت: quot;منذ بداية هذا العام ومؤشرات بعض اسواق البورصة في عدد من البلدان النامية في هبوط متواصل بتأثير من الازمة المالية العالمية، فبعضها تراجع حوالى خمسة في المائة، والكثير من المستثمرين على قناعة بأن هذه البلدان جذابة لكن في المدى البعيد، فهناك الكثير من العوامل تجعل الوضع فيها غير آمن.

فالوضع السياسي في شمال افريقيا مربك، والمستثمرون ليسوا على استعداد للمخاطرة بأموالهم. والخطر الأكبر يكمن في تزايد نسبة التضخم المالي واستمراره لفترة طويلة، ما يدعو الى القول إن المخاطر غير منظورة حتى الآن. وهذا قد يدفع المصارف المركزية في البلدان النامية الى رفع نسبة الفائدة الأساسية بهدف السيطرة على التخضم المالي، الا ان ذلك سوف يجعل الاستثمارات بالنسبة إلى أصحابها باهظة الثمن، ويؤدي الى بحثهم عن مكان دافئ، وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي في الدول النامية.

لكن ما هو تأثير كل ذلك على العالم النامي، وخاصة العالم العربي؟
في هذا الخصوص يقول المحلل الاقتصادي لوبيك إن العالم العربي يعاني أمرّ الأمرين، ديون الولايات المتحدة والتغيرات التي حدثت في العالم العربي، وتركت اقتصاديات البلدان التي حدث فيه تغيير في مهبّ الريح.

في ما يتعلق بالموضوع الأخير، نأخذ على سبيل المثال الوضع في مصر، حيث إن الاحداث التي وقعت قلبت الاقتصاد في مصر رأسًا على عقب، فالكثير من المستثمرين أعطوا ظهرهم لهذا البلد، ويراقبون عن بعد التطورات هناك. وأهمّ الانعكاسات الملموسة اليوم هي الركود المخيف في القطاع السياحي وارتفاع عدد العاطلين عن العمل وسط الشباب، وتحسين الوضع في القريب المنظور امر مستبعد، وهذا ينطبق على بلدان اخرى مثل سوريا وليبيا وتونس.

وما قد يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على عدد من البلدان العربية هي الاستثمارات العربية في سندات الخزينة الأميركية، ووصلت الى نحو 400 مليار دولار، وخاصة اذا ما واصل النقد الاميركي تراجعًا في سعر صرفه، فالكثير من عملات البلدان العربية، وخاصة الخليجية النفطية مرتبطة بالدولار، ولأنه خسر خلال السنوات العشر الاخيرة ما يقارب من 43 % من قيمته مقارنة مع النقد الاوروبي اليورو، فان ذلك سبب خسارة فادحة للإيرادات من النفط، ومواصلة الوضع يشكل خطرًا غير واضح المعالم.