بروكسل:يتحتم على منطقة اليورو ان تقر في الايام القليلة المقبلة خطة جديدة لانقاذ اليونان قد تفرض عليها اعادة شراء دين هذا البلد تمهيدا لعقد قادتها قمة الخميس تهدف الى منع انتشار عدوى ازمة الديون ما سيعرض المنطقة برمتها للخطر.وقال رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو في مقابلة نشرتها صحيفة (كاثيميريني) امس الاحد 'حان الوقت لتستيقظ اوروبا'. واضاف ان اليونان لن تتخلف عن سداد ديونها الهائلة مشيرا الى ان المفاوضات الجارية حاليا هدفها التوصل الى حل 'بعيد الامد' لهذه الازمة. وتابع 'في هذه المرحلة ليس هناك مكان للاصوات التي تزرع الخوف وتراهن على فشل' المحادثات بين القادة الاوروبيين حول هذه المسألة.


ويعتبر الوضع الحالي خطيرا فعلا بعدما شهدت الاسواق اسبوعا صعبا كشف عن مخاطر انتقال الازمة الى ايطاليا، ثالث اقتصادات المنطقة. واقرت روما للتو بسرعة قياسية تحت ضغط شركائها خطة تقشف بقيمة 48 مليار دولار. وبالطبع فان اهتمام الاسواق قد تحول الى حد ما الى ازمة الديون الاخرى الكبرى التي اندلعت في الولايات المتحدة مع احتمال ان يجد هذا البلد نفسه عاجزا عن سداد ديونه بحلول 2 اب/اغسطس ما لم يتم التوصل الى اتفاق سياسي يسمح برفع السقف القانوني للدين العام الاميركي. الا ان المنطقة قد تجد نفسها قريبا جدا في وضع صعب اذا لم يتم ايجاد حل للمشكلة التي كانت خلف الازمة الاخيرة، من خلال وضع خطة ثانية لمساعدة اليونان، الحلقة الاضعف في الاتحاد النقدي، تكون بمستوى الخطة الاولى التي اقرت العام الماضي وقيمتها 110 مليار يورو، غير انها لم تعد كافية.


وقال وزير المالية البلجيكي ديدييه رايندرز في مقابلة مع صحيفة (لا ليبر بلجيك) الصادرة بالفرنسية 'يتعين تجنب انتقال عدوى اليونان الى اسبانيا وايطاليا والى بقية منطقة اليورو. يجب ان نتفهم ان مساعدة اليونان هي ايضا مساعدة انفسنا عبر تفادي الحاق الاذى بكل منطقة اليورو'. وتترقب الاسواق ما ستتمخض عنه قمة قادة دول منطقة اليورو يوم الخميس. وان عدم تحقيق اي تقدم في هذا اليوم سيسبب زلزالا ماليا ولا شك. والدعوة الى هذا الاجتماع تحمل بحد ذاتها على الافتراض بان اتفاقا بات وشيكا، بعد اسابيع من المماطلة والمناقشات حول افضل وسيلة لمواجهة الازمة.


والمطلوب تحديد سبل مشاركة القطاع الخاص الدائن لليونان في خطة الانقاذ الثانية. وتطالب المانيا بهذا الصدد بان تساهم المصارف ايضا حتى يصبح الحل مقبولا من الرأي العام الذي يزداد تحفظا على دفع ثمن ازمات الاخرين. وثمة طرح بهذا الشأن يحرز تقدما منذ بضعة ايام. وهو يقضي باعطاء اليونان من خلال صندوق اغاثة منطقة اليورو، الوسائل التي تسمح لها باعادة شراء قسم من دينها العام في الاسواق. وينطوي هذا الحل على حسنة وهي ان الدين لم يعد يساوي اليوم سوى ما يزيد بقليل عن نصف قيمته الاصلية. وترى وزارة المالية الالمانية ان اثينا قد تتمكن بهذا الطريقة من خفض دينها بمقدار عشرين مليار يورو، معتبرة ان هذا السيناريو هو الذي يرجح ان يحصل على اكبر قدر من التوافق في اوروبا، بحسب ما تكتب مجلة (دير شبيغل) في عددها الصادر اليوم الاثنين.


ونقلت (دير شبيغل) عن وزير المال الالماني فولفغانغ شوبل قوله ان اليونان بامكانها خفض عجزها بمقدار 20 مليار يورو اذا ما قامت هي نفسها بشراء سنداتها. وبحسب (دير شبيغل) فان هذه العملية قد يمولها الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي والذي تأسس العام الماضي لفترة موقتة (ثلاث سنوات) لمساعدة دول في منطقة اليورو تمر بصعوبات مالية. غير انه من غير المؤكد ان يرى الجميع في هذه الصيغة 'مساهمة' كافية للمصارف في حل الازمة. لكن الاصرار على ارغام المؤسسات المالية على المساهمة قد يضع اثينا بحكم الامر الواقع في وضع التخلف عن سداد الديون، احتمال يثير هلع البنك المركزي الاوروبي، في حين لم يعد يعتبر من المحرمات في منطقة اليورو.


كما ستتابع المنطقة بقلق الاثنين رد فعل الاسواق على نتائج اختبارات المقاومة التي اجريت للمصارف الاوروبي، وقد كانت هذه النتائج التي نشرت مساء الجمعة افضل بقليل مما كان متوقعا، غير انها انطوت على ثغرة اساسية وهي ان التجارب لم تاخذ بالاعتبار مخاطر تخلف بلد ما عن سداد ديونه.وفي مقابلة اخرى نشرتها الاحد صحيفة 'تو فيما' اليونانية قال الايطالي لورينزو بيني سماغي، عضو مجلس ادارة المصرف المركزي الاوروبي ان دور الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي قد يجري تعديله للسماح بطرح سندات الخزينة اليونانية في اسواق المال.وبحسب بيني سماغي فان هذه الخطوة قد تساهم في تخفيف الديون اليونانية وكذلك ايضا في اشراك القطاع الخاص في هذه العمليات، مشيرا الى ان خيار اصدار سندات خزينة اوروبية لتغطية الديون اليونانية لا يبدو له خيارا سهلا.


وكان باباندريو وابرز المسؤولين الاشتراكيين الاوروبيين قد دعوا يوم السبت الى انشاء وكالة لاعادة هيكلة الديون وسندات اليورو.وصدرت هذه الدعوة عقب اجتماع عبر الهاتف شارك فيه الى باباندريو الفرنسية مارتين اوبري ووزير الخارجية الفنلندي الجديد ايركي تيوميوجا ونظيره الايرلندي ايمون غيلمور فضلا عن رئيس كتلة الاشتراكيين الديموقراطيين في البرلمان الاوروبي مارتن شولز. وقال ان 'الوقت حان لحكومات منطقة اليورو كي تؤكد ارجحيتها في الاسواق المالية' وتطالب الدول باتخاذ 'تدابير شجاعة وحازمة'. ومن بين هذه التدابير التي يقترحونها اقامة 'وكالة استقرار من اجل تمديد اجال التسديد لديون دول منطقة اليورو وفي الوقت عينه تأمين تصحيح وضع دولة يواجه اقتصادها خطر فقدان الاستقرار'. واوضح المسؤولون في بيانهم المشترك انه 'في هذا الصدد، يمكن لمنطقة اليورو ان تستفيد من اصدار سندات يورو'.


ودعا البيان ايضا الى 'الية فاعلة فعلا في منطقة اليورو، مع ضمانات مشتركة، معدة لمساعدة الدول التي تتعرض للمضاربات وتضمن بان مستثمري القطاع الخاص (...) ياخذون ايضا على عاتقهم تكاليف تدابير اعادة الاستقرار'. ويقترح هؤلاء ايضا فرض 'ضريبة اوروبية على المضاربة لتأمين مداخيل جديدة من دون الحاق الضرر بالمواطنين العاديين' فضلا عن اصلاح مالي 'يحد من صلاحيات وكالات التصنيف' وانشاء وكالة تصنيف اوروبية مستقلة تمولها الخزينة العامة. ونبه البيان الى انه 'اذا فشلنا مرة جديدة في السيطرة على السوق، فان اوروبا امام خطر الوقوع في الركود وخسارة سيادتها'. وهذا البيان الذي ينتقد موقف القادة المحافظين في منطقة اليورو الذين 'لا يتوصلون الى فهم دقة الوضع'، نشر عقب اسبوع اسود لمنطقة اليورو وقبل بضعة ايام من اجتماع استثنائي للقادة في الاتحاد الاوروبي.