توسيع الدعم الذي يقدمه صندوق إنقاذ اليورو، الذي تشكل عقب أزمة أوروبية في العام الماضي، سوف يكلف ألمانيا كثيرًا، وهذا سبب خلافات داخل الائتلاف الحاكم المشكّل من الحزبين المسيحي الديمقراطي والبافاري والحزب الليبرالي. فرئيس هذا الحزب ووزير الخارجية غيدو فسترفيلي تقدم بخطة من أجل إعادة تمويل هذا الصندوق في عام 2013، ما يعني رفع سقف ما دفعته ألمانيا بحوالي 25 مليار يورو.


برلين: ستكون هذه القضية محور نقاش خلال ما يسمّى بقمة ديون بلدان اليورو المقبلة، وحتى الآن لا توجد صورة واضحة لحقيقة حجم الديون كل بلد في هذه المنطقة، لكن صحفية هادلسبلات المتخصصة في الشؤون المالية في ألمانيا نشرت بيانات استنادًا إلى بحوث طويلة أجرتها.

فحسب ما نشرته الصحفية قد يكون رئيس الوزراء الإسباني جوزي لويس رودريغس ساباتيرو قد بدأ يتحدث عن حقيقة الوضع المالي في بلاده، بعدما أقدمت وكالة التصنيف موديز على وضع بلاده في مرتبة أقل مما كانت تنشده مدريد في ما يتعلق بأزمتها المالية والديون لديها، ما سبب أزمة ثقة في إمكانية قدرات أسبانيا على انتشال نفسها من بحر الديون. فديون الدولة وحدها تعدت الـ585 مليار يورو.

الوضع ليس أفضل بالنسبة إلى اليونان، التي تحاول التخفيف من وطأة ضخامة الديون بتسريب المعلومة تلو الأخرى، كمحاولة من رئيس الوزراء جورج باباندريو لتبليغ الموطنين الحقيقة على جرعات صغيرة، حيث إن أكثر من وكالة تصنيف وضعت ثلاث علامات سيئة للحكومة في مواجهتها الأزمة، وتصل الديون المصرح بها حتى الآن إلى 282 مليار يورو. ومع أن رئيس الوزراء البلجيكي سمح خلال الأزمة المالية بتقديم قروض إلى المصارف في بلاده بقيمة 40 مليار يورو، إلا أن ذلك لم يسعف كل المصارف، كما الحكومة، التي تصل ديونها إلى 315 مليار يورو.

أما بالنسبة إلى إيطاليا فالأصفار لا تعدّ في ما يتعلق بديونها، مع ذلك يصرّ رئيس الحكومة سيلفيو برلسكوني على تجاهل حجم الأزمة، فديون الدولة وصلت إلى 1553 مليار يورو. وفي الوقت الذي تقدم فيه ألمانيا القروض إلى بلدان مثل اليونان، وتساهم في صندوق الإنقاذ، فهي نفسها تحتاج عملية انقاذ، حيث زادت الديون في عام 2010 نحو 3 %، فتعدّت بذلك الخط الأحمر منذ تأسيس الدولة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، فجبل الديون وصل إلى 1114 مليار يورو يزداد كل دقيقة بسبب الفوائد.

وبسبب تراكم الديون في فرنسا، ترى وكالات التنصيف الدولية أن النقاط التي منحت لحكومة الرئيس ساركوزي سوف تنتزع منها، حيث إن حجم الديون تجاوز الـ1255 مليار يورو.

كذلك لم تنجُ فنلدا من أزمة الديون، التي هددت أكثر من مرة حكومتها، إلا أن رئيسة الحكومة ماري كيفينيامي تظهر هدوء أعصاب، لأن وكالة التصنيف الفنلندية لم تضعها في خانة متدنية، فديونها لم تتعد الـ72 مليار يورو. ومازالت الفوضى تخيّم على أيرلندا، هذه الدولة الصغيرة، التي وقعت في مستنقع الديون، ولم تتمكن حتى الآن من التحرر منها.

ومن أجل تحجيم الديون، التي تصل إلى 93 مليار يورو، يريد رئيس الحكومة آندا كيني التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لتخفيض نسبة الفائدة على القروض، وهذا ما تريد أن تفعله اليونان أيضًا.

ومع أن مالطا حديثة العهد في النقد المود، واعتمدته في عام 2008، إلا أن ذلك لم يحمها من فيروس القروض. فحجم ديون الدولة حتى الآن وصل إلى أربعة مليار يورو، مع أن عدد سكانها لا يصل إلى نصف مليون نسمة. ومن أجل مواجهة أزمة الديون يريد رئيس الوزراء الهولندي خفض مصاريف الدولة حتى 18 مليار يورو وتحجيم الميزانية، لكنه لا يحصل على موافقة الغالبية البرلمانية، ووصلت ديون هولندا حتى الآن إلى 305 مليار يورو.

النمسا ليست أفضل وضًعا، فالمستشار فرنر فايمان يحاول خفض الديون، إذ إن العجز في الميزانية العامة تعدى الـ193 مليار يورو، لذا عليه وحكومته أن يرقصوا رقصة الفالس التي تشتهر بها فيينا عساها تفيد.

واعترضت افيتا روديغافا رئيسة وزراء سلوفاكيا على الفوائد على القروض التي منحت لبلادها من أجل مواجهة أزمة اليورو، وتصرّ على وجوب مناقشة الأمر خلال قمة القروض المتوقعة. ويترتب على هذا البلد قروض تصل إلى 26 مليار يورو. ولأن معظم المصارف في جزيرة قبرص مرتبطة بقروض الدولة اليونانية، يحاول الرئيس ديمتري خريستوفيوس إقناع صندوق إنقاذ اليورو بخفض الفوائد إذا ما لجأ إليه، فقروض الدولة تصل إلى عشرة مليارات يورو.

هذا وفقدت الحكومة السلوفاكية من مصداقيتها في مواجهة أزمة اليورو لعجزها عن وضع خطة محكمة، وزادت ديونها لتصل اليوم إلى 13 مليار يورو. أيضًا الوضع متشابه في البرتغال، فمنذ دخولها الاتحاد الأوروبي لم تسجل قروضًا بهذا الحجم الذي تسجله الآن. وأعلن رئيس وزرائها عن عزمه مواجهة العجز المالي وخفضه في عام 2013 إلى ما دون الـ 3 %. البلد الأسعد حظًا هي إيسلندا، ويمكن لرئيس الوزراء فيها التباهي بذلك، لأن بلاده لا تعاني حتى الآن مشاكل القروض، فحسب وكالة التنصيف فإن صفحتها ما زالت بيضاء.