الحملة العسكرية في ليبيا قد تكلف بريطانيا أكثر من المتوقع

كشفت دراسة حديثة أنه من الممكن أن تصل التكلفة الحقيقية للحملة العسكرية البريطانية في ليبيا إلى ما يقارب 1.75 مليون جنيه استرليني، أي نحو سبع مرات أكثر من تقديرات الحكومة.


لندن: تناولت صحيفة الـ quot;غارديانquot; البريطانية الدراسة التي أجراها محلل دفاع بريطاني، والتي تشير إلى أن الحكومة أعطت صورة مضللة عن تكاليف دعم العملية العسكرية، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار الطلب على الإنفاق السليم في بريطانيا.

على الرغم من سقوط نظام معمّر القذافي في الأسابيع الأخيرة، استمرت الغارات الجوية ضد القوات المتبقية الموالية للعقيد بمعدلات مرتفعة بشكل استثنائي ما استنزف مخزونات وزارة الدفاع البريطانية من الأسلحة الدقيقة والمكلفة. وهذا من شأنه أن يضيف إلى الفاتورة الإجمالية، التي لا تزال ترتفع، في ظل وعود وزارة الخزانة البريطانية بتسديد هذه التكاليف من احتياطياتها الخاصة.

ويتزايد القلق بشأن التمويل، في الوقت الذي ستضطر الإدارات الحكومية، بما في ذلك وزارة الدفاع، إلى التعامل مع تخفيضات الإنفاق بسبب هشاشة الاقتصاد، وكرد فعل على التحليل الأخير، جدّد حزب العمل البريطاني أمس دعوته للوزراء إلى تقديم المزيد من التفاصيل عن التكاليف العسكرية، مطالباً بتأكيدات بأنه لن يكون هناك تأثير بالغ السوء على ميزانية وزارة الدفاع، التي تقع تحت ضغط هائل.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخزانة لم تدفع لوزارة الدفاع لتغطية تكاليف quot;الأعطال والاستخدامquot; للمعدات المستخدمة في العراق، ما يثير مخاوف أخرى داخل المؤسسة العسكرية حول الآثار الطويلة الأمد لنشر الأسلحة في ليبيا.

وتم التوصل إلى تقدير التكلفة الحقيقية لتدخل المملكة المتحدة في الثورة الليبية عبر عملية حسابية أعدها فرانسيس توسا، الخبير في شؤون الدفاع، عبر مجموعتين من الحسابات المفصلة عن تكاليف العملية العسكرية في ليبيا في الأشهر الستة الأولى.

باستخدام الأسلوب الأول، قدّر توسا التكلفة التراكمية لهذه العملية حتى نهاية آب ما بين 1.38 و1.58 مليار جنيه استرليني. أما باستخدام الأسلوب الثاني، فبلغت التكاليف المحتملة أعلى من ذلك، ما بين 850 و1.75 مليار جنيه استرليني.
واشارت الـ quot;غارديانquot; إلى أن الحسابات التي أجراها توسا لا تشمل تكلفة الطلعات الجوية الأخيرة، والتي شملت عدة طائرات من طراز تورنادو التي تحلق في مناسبات عديدة من المملكة المتحدة إلى ليبيا، أو تكاليف quot;الانطلاقquot; التي تكبدتها بريطانيا في الأسابيع الأولى من الثورة، حين استأجرت وزارة الدفاع أساطيل من الشاحنات والمقطورات لنقل المعدات من مركزها إلى قاعدة عسكرية في جيويا دل كوللي، في إيطاليا.

في هذا السياق، قال توسا: quot;عندما لم أكن واثقاً من التكلفة، كنت أعتمد على التقدير الأقل بدلاً من التقدير الكبير حتى لا أبالغ في حساباتيquot;، لكنه أضاف: quot;مع عدد البعثات في السلاح الجوي والملكي البريطاني في الأسبوعين الماضيين، أنا واثق من أن تكلفة هذه الحملة قد ارتفعت بشكل كبيرquot;.

ووفقاً لهذه الارقام، تبدو التكلفة الرسمية لدور بريطانيا العسكري في ليبيا أبعد من أن تكون عقلانية، وتشير إلى غياب الشفافية الحسابية. لكن لماذا تعتبر تكاليف مثل هذه العمليات العسكرية متشابكة وغامضة؟

في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، اعتبرت الـ quot;غارديانquot; أنه من المستحيل على أحد أن يجلس ويضع مخططاً دقيقاً لأمر متوقع حدوثه بعد سنة أو سنتين، ومن غير الواقعي وضع ميزانية للعمليات العسكرية التي قد تحصل أو لا تحصل على الإطلاق.

ما يعنيه هذا هو أن ميزانية الدفاع الأساسية لا تشمل نشر واستخدام ما يقرب 40 مقاتلة وطائرة استطلاع وأسطول صغير من السفن والغواصات. فلم يكن هناك أي بند من هذا القبيل في ميزانية وزارة الدفاع للعامين 2011 و2012.

واعتبر الاميرال كريس باري، المدير السابق للتنمية في وزارة الدفاع، أنه كان على الإدارة أن تتجنب اتهامها بـquot;التكاليف الخفيةquot; التي من شأنها أن تلحق مزيداً من الضرر بميزانيتها.

وأضاف: quot;لكل عملية عسكرية تكاليف إضافية لا تسترد، وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من تكاليف العملية العسكرية في ليبيا سيتم تغطيتها من احتياطي الخزانة، إلا أن هذا لا يأخذ في الاعتبار تكاليف quot;الأعطال والاستخدامquot; على السفن وهياكل الطائرات والمعدات التي يسببها ارتفاع وتيرة النشاط.

وفي دليل على ما اشار إليه باري، سئل رئيس وزارة الدفاع برنارد غراي عما إذا كانت وزارة الخزانة قد سددت التكاليف لوزارة الدفاع عن الحملة البريطانية في حرب العراق، فأجاب: quot;وزارة الدفاع لم يصلها شيء حتى الآنquot;.