تكثر الشائعات حول هشاشة البنوك الفرنسية وقدرتها على التكيف مع الخسائر الناجمة عن الديون اليونانية. في وقت لا تزال هذه البنوك تصرّ على أنها لا تحتاج إلى إنقاذ من الدولة، وأن الخسائر يمكن أن تُحتمل، على الرغم من أن الشركات العالمية الكبرى قد بدأت بنقل الأموال من مصارف باريس.


الشركات العالمية الكبرى بدأت بنقل الأموال من مصارف باريس

لميس فرحات: تعتبر فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، الذي يتصارع مع الدين العام، والنمو المتعثر وارتفاع معدلات البطالة. وبسبب الأوضاع الإقتصادية المتدهورة، تراجعت أسهم أكبر البنوك في ظل الحديث عن خطة جديدة لإنقاذ الدولة.

وأشارت صحيفة الـ quot;غارديانquot; البريطانية إلى أن المصارف الفرنسية مترددة حول إقراض المال، في حين تكافح الشركات لكسب ثقة المستهلكين التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ شباط/فبراير 2009، حين كانت فرنسا تعاني أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية.

وتكثر الشائعات حول هشاشة البنوك الفرنسية وقدرتها على التكيف مع الخسائر الناجمة عن الديون اليونانية، الأمر الذي يلقي الضوء على مشاكل اقتصادية أكبر.

ففقدت أسهم أكبر البنوك الفرنسية نصف قيمتها في ثلاثة أشهر فقط. وفي أي بلد آخر، يعتبر هذا إشارة ذعر في الشوارع، لكن فرنسا تعتقد انها تكافح مشاكل اقتصادية أكبر: تصاعد الدين العام، وركود النمو، وانخفاض معنويات رجال الأعمال وارتفاع معدلات البطالة.

كما لا تزال البنوك الفرنسية تصرّ على أنها لا تحتاج إلى إنقاذ من الدولة، وأن الخسائر يمكن أن تُحتمل، على الرغم من أن الشركات العالمية الكبرى قد بدأت بنقل الأموال من مصارف باريس. وأدى هذا الوضع إلى تسليط الضوء على اهتزازات مصرفية خطرة في الاقتصاد الراكد، في الوقت الذي تقول جماعات رجال الأعمال إن تضييق الخناق على العمل المالي في البلاد يعتبر مشكلة أكثر من أي وقت مضى.

فرنسا لم تقع تماماً في الحضيض مثلما وقعت بريطانيا او ايرلندا في العام 2008، فهي لا تزال تكافح لتستعيد موقعها. غير أن الدولة ذات ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو فشلت في تحقيق أي نمو على الإطلاق في الربع الثاني من العام بسبب انخفاض الإنفاق الاستهلاكي.

ونقلت صحيفة الـ quot;غارديانquot; عن الاقتصادي مارك تواتي، قوله: quot;اعتقد أن الكلام عن الوضع الخطر في القطاع المصرفي مبالغ فيه. المشكلة الحقيقية هي النمو، الذي تقترب معدلاته من الركودquot;.

وأشار تواتي إلى أن التباطؤ يمكن ان يستمر الى عام 2012، فمن دون نمو اقتصادي، سترتفع معدلات البطالة والدين العام أكثر. وأضاف: quot;من الممكن أن يؤدي الإخفاق في كبح جماح العجز العام في فرنسا إلى تهديد مصداقيتها في الخارج والتماسك الاجتماعي في الداخل. فاقتصاد فرنسا يعتمد كثيراً على السياسة والقرارات السياسيةquot;.

ويحاول الرئيس نيكولا ساركوزي الحرص على ألا تفقد فرنسا مرتبتها الاقتصادية، والتوصل إلى مقترحات ميزانية تقشفية للعام 2012 لرفع الضرائب. فالحكومة تريد التمسك بخفض العجز الى 3 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013.

ويعترف بعض السياسيين بأن اتخاذ تدابير قاسية بما فيه الكفاية لتصحيح العجز العام سيكلف القطاع الخاص الكثير من quot;الدم والدموعquot;. ويرى الاقتصاديون ان الحكومة تحاول فقط أن ترسو بالسفينة المهتزة، فالبلاد بحاجة الى الانتظار حتى حزيران 2012، بعد الانتخابات الرئاسية، لوضع خطة عمل اقتصادية ملموسة.

وقال بيار كوينو، الذي يمثل رجال الأعمال في المعاقل الصناعية القديمة في منطقة ليموزين المركزية إن الدولة مسؤولة عن هذا العجز. واضاف: quot;قواعد الدولة واللوائح الصارمة تجعل من الصعب على الشركات التكيف مع الحقائق الاقتصادية. مشكلة فرنسا أنها لا تصدِّر بما فيه الكفاية، ونحن نعيش في السوق الداخلية التي تعتمد على دعم الدولة. والآن الدولة في حاجة إلى اعتماد سياسة تقشفية سيكون لها تأثير على السوقquot;.