تونس: أكد خبراء تونسيون ودوليون أنّ على الإقتصاد التونسي أن يعتمد على قواعد الحوكمة الرشيدة والموارد البشرية حتى يتمكن من تجاوز الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد إلى جانب تداعيات أزمة الديون الأوروبية.

الخبير الدولي في مجال الحوكمة الرشيدة كمال العيادي أكد في مداخلة حول quot; إدماج المقاربات الأخلاقية في قيادة المؤسسات : من أجل حوكمة أفضلquot; أنّ: quot;أداء المؤسسة التونسية وبنسبة 80% منه مرتبط بمدى تطبيق القيم الأخلاقية وهي قيم الحوكمة الرشيدة لقيادة المؤسسات، والوضع الذي يتميز بالجانب الأخلاقي والذي كان يسير أداء المؤسسات يقف اليوم وراء الإحتجاجات و الإضرابات و الإعتصامات التي أثرت على المناخ الإجتماعي داخل المؤسسة وهو ما ميز العلاقة بين صاحب المؤسسة و العامل بالتوتر التواصل و انعدام الثقة و غياب الشفافية، وما على أصحاب المؤسسات إلا أنّ يتحلوا بالأخلاق والنزاهة حتى يحدّوا من انتشار ظاهرة الفساد بين العمالquot;.

لقد أصبحت الحوكمة الرشيدة تحتل اليوم أهمية بالغة على المستوى العالمي في ظل ما يشهده العالم من تحوّل واضح إلى النظام الإقتصادي الرأسمالي الذي تلعب فيه المؤسسات الخاصة الدور الأكبر وهو ما يؤكد ضرورة مراقبة و تقويم دور هذه الشركات.

وفي تونس تزداد أهمية تطبيق مفهوم الحوكمة في تونس لتنامي دور المؤسسات الخاصة في الإقتصاد التونسي وهو ما يجعل عمليات المتابعة و المراقبة والتقييم ضرورية حتى يكون لأداء هذه الشركات دور كبير في النهوض بالإقتصاد الوطني.

الخبير الإقتصادي و المالي د. منجي المقدم أوضح لـquot;إيلافquot; أنّ للحوكمة ضوابط و قواعد تهدف أساسا إلى تحقيق الشفافية و العدالة الإجتماعية ومنح حق مساءلة إدارة الشركة و تحقيق الحماية و العدالة و مراعاة مصالح العمال و الحدّ من استغلال السلطة في غير مصلحة المؤسسة و العمال و المساهمين وهو ما يؤدي إلى فعلا إلى التشجيع على تدفق الإستثمارات المحلية والخارجية و بالتالي زيادة أرباح المؤسسات و توفير فرص عمل جديدة.

أما الخبير الدولي في قضايا الحوكمة و التنمية وفي تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء فقد أشار إلى أنّ quot;تطوير الحوكمة ومقاومة الفساد ينعكسان ايجابا على النمو الاقتصادي بمرور الوقتquot;.

وأشار الخبير الدولي إلى أنّ :quot; مقاومة الفساد تمكّن من تحقيق تطور ملموس و من الترفيع في دخل الفرد ودفع مجالات التشغيل والتربية والخدمات الاجتماعية quot;شريطة توفر التزام حكومي جريءquot;.

و أضاف إلى أنّ جل البلدان العربية كما هي الحال في تونس ومصر في حاجة إلى تطبيق مبادئ الحكومة الرشيدة quot;إنّ الحوكمة الرشيدة لا تقتصر على مقاومة الفساد بل تشمل جوانب أخرى كحرية التعبير والصحافةquot;. وقال quot;ليست الحكومات وحدها مدعوة الى الارتقاء بمظاهر الحوكمة الرشيدة بل الأمر يهم كذلك الهيئات المتعددة الجنسيات والممولين ومؤسسات القروض الدولية.

و أبرز جيمس كريستوفر مدير برنامج التعاون الدولي أنه اتفق مع المعهد العربي لرؤساء المؤسسات على أن يقوم البرنامج بالنهوض بعمليات حوكمة المؤسسات التونسية من أجل مساعدتها على تطوير إمكانياتها و التشجيع على جلب الإستثمار .و أوضح أنّ التأكيد على إرساء برنامج للحوكمة الرشيدة داخل المؤسسات يسهم في التقيد بالشروط الملائمة للعمل داخل المؤسسة إلى جانب تطوير عملية تسيير أداء الإدارة من خلال تطبيق الشفافية والمراقبة والتقييم وتأطير الموارد البشرية التي تمثل رأس مال الشركات وذلك من أجل مردودية أحسن لهذه المؤسسات من خلال رفع العمال من طاقة أدائهم بما يعود بالنفع على المؤسسة و يضمن مستقبلها و يزيد من ربحيتها و يشجع على مزيد الإستثمار و بالتالي على توفير فرص عمل جديدة.

الخبير الإقتصادي و المالي عبدالجليل البدوي أوضح في حديث لـquot;إيلافquot; أنّ :quot; الحوكمة الرشيدة تمثل الشفافية في الموارد و توظيفها و التشارك في ضبط البرامج و تحديد الأهداف والأولويات حتى تكون هناك تعبئة حول السياسات و الأهداف المرجوة و التزام بإنجازها و تحقيقها و التشريك يضمن كذلك تقاسم الأعمال بصفة عادلة والتضحيات تكون متقاسمة بين جميع الأطراف و تقاسم النتائج كذلك بصفة عادلة و التشريك يضمن أن تكون السياسات لطرف على حساب طرف آخر و الحوكمة الرشيدة تضمن كل هذه الإجراءاتquot;.

وعن تأثير الحوكمة الرشيدة المباشر على الجوانب الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية قال د. عبدالجليل البدوي :quot; هي في صلب المسار لأنه لا يمكن أن تضمن مسارا انتقاليا ديمقراطيا دون حوكمة رشيدة ودون ذلك هو التسلط و الإستبداد و عزوف المواطن عن السياسة و عدم الإهتمام بما يحدث على الساحة لأن الأمر أصبح محتكرا من بعض الأطراف دون أخرى و إذا أردنا فعلا إعادة الأمن والأمان و الإستقرار للبلاد فلا بد من تشريك المواطن وإعلامه بصفة دورية بما يحدث و اعتماد مبدإ الشفافية وهذا ما يبعث الطمأنينة ويعيد الثقة للمواطن في مؤسساته و مستقبله وعكس ذلك يبقى دائما ضحية عقلية الغنيمة لأن الغد غامض و بالتالي يريد الجميع أن يحصل على منابه الآن و بالتالي يجب على الحكومة أن تعتمد مبدأ الحوكمة الرشيدة في كل القطاعات و اعتبار المواطن شريكا فاعلا من خلال إعلامه و تشريكه في نحت مستقبله و بالتالي فالحوكمة هي في صلب النظام الديمقراطيquot;.

و أشار د. البدوي أنّ الحوكمة الرشيدة ضرورية دائما و لكنها أكيدة حاليا في هذه المرحلة الإنتقالية وهي مرحلة صعبة و حساسة ويكتنفها الغموض و الضبابية و فيها الإنتقال و بالتالي فهذه مرحلة التأسيس و تشريك الجميع ضرورية.

أما د. منجي المقدم فقد أكّد على أنّ الحوكمة الرشيدة تتمثل في مبدإ حسن التصرف على جميع الواجهات من حيث الموارد و القضاء على الفساد و المحافظة على ثروات البلاد ولا يمكن أن يكون الإنتقال ديمقراطيا إلا بالحوكمة الرشيدة أي التصرف بطريقة رشيدة تحكمها الشفافية في موارد البلاد الطبيعية و البشرية و في علاقات بالمحيط الخارجي.