أحد الأسواق في العاصمة دمشق

يعيش الاقتصاد السوري حالة يرثى لها على خلفية الأوضاع التي تعيشها البلاد منذ عدة أشهر، مع تزايد العقوبات المفروضة على الحكومة، وفي ظل إتباع سياسات مالية يثار حولها كثير من التساؤلات. ورغم الدور الذي تلعبه كل هذه العوامل، إلا أن تأثيرها على إحكام الرئيس بشار الأسد على السلطة لا يزال أمراً غير واضح المعالم.


القاهرة: أبرزت اليوم صحيفة لوس أنغلوس تايمز الأميركية حالة الكساد التي تشهدها المحلات المنتشرة في مدينة دمشق القديمة، نتيجة لغياب المشترين والزبائن الذين كانوا يترددون على المحلات التي تبيع المنتجات اليدوية والملابس والتوابل.

وأوردت الصحيفة عن شخص يدعى أبو عدنان، يعمل في إحدى المتاجر التي تبيع الأقمشة، قوله :quot; ترتكز هذه السوق على السياحquot;. وهو ما جعل الصحيفة تقول إن السياح توقفوا عن القدوم حين اندلعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في مختلف أنحاء سوريا خلال شهر آذار ( مارس ) الماضي، ما أدى إلى نشوب حملة قمعية عنيفة.

وقال أيضاً شخص يدعى أبو محمد وهو من أصحاب المتاجر :quot; كل ما يهتم به الناس الآن هو الحصول على مستلزماتهم الغذائية، ولا يقومون بشراء أي إضافاتquot;. ولفتت الصحيفة هنا إلى حدوث تزاحم من قبل المواطنين في بعض مناطق بالعاصمة لشراء زيت الطهي والتدفئة، الذي يندر وجوده، في الوقت الذي تندلع فيه مشاجرات بين الحين والآخر نتيجة تدافع الأشخاص فيما بينهم للحصول على حصتهم.

ونتيجة لتلك الأوضاع الصعبة، بدأت تظهر مخاوف من احتمالية مضي البلاد صوب حرب أهلية صريحة، وهو الواقع الذي بدأ يلقي بظلاله الثقيلة على الاقتصاد. لكن مازال من غير الواضح مدى تأثير تلك الأحداث على السلطة التي يحتفظ بها الرئيس الأسد.

ثم تحدثت الصحيفة عن تنامي مشاعر الإحباط بين النخبة المكونة من رجال أعمال وطبقة التجار ndash; الذين يدعمون الرئيس الأسد بشكل كبير منذ أن وصل إلى السلطة عام 2000 ndash; وبخاصة في دمشق وحلب، التي تعتبر ثاني أكبر المدن السورية. في حين بدأ يقدم البعض تبرعات مالية في الخفاء لجماعات المعارضة من أجل شراء احتياجاتهم من الأدوية والأغذية والبطاطين داخل الأحياء المحاصرة من جانب قوات الأمن.

ويرى مسؤولون غربيون أن المتاعب المالية التي تواجهها سوريا الآن قد تؤدي لانهيار الحكومة التي تحكم الشعب بأداة الخوف على مدار أربعة عقود تحت قيادة الأسد ومن قبله والده حافظ. بينما ينظر كثير من السوريين بطريقة أكثر استهجاناً للمستقبل.

وقال جهاد يازجي، ناشر ورئيس تحرير موقع سيريا ريبورت الإخباري باللغة الإنكليزية، وهي عبارة عن نشرة إخبارية يوجد مقرها بدمشق :quot; أعتقد أن مجتمع رجال الأعمال سيتصرف مثل أي شخص تتعرض مصالحه للخطرquot;. وبدأ يتحدث آخرون عن نموذج دولة الجوار العراق، حيث كان يعيش الرئيس صدام حسين وحاشيته الحاكمة ببذخ خلال السنوات التي سبقت الغزو عام 2003، رغم ويلات السنوات التي فُرِضت فيها على البلاد عقوبات اقتصادية وتم فيها خوض الحرب مع ايران.

ثم نوهت الصحيفة إلى أن صندوق النقد الدولي سبق له أن تكهن في نيسان ( أبريل ) الماضي بأن ينمو الاقتصاد السوري بنسبة قدرها 3 % عام 2011. وبحلول أيلول ( سبتمبر ) الماضي، قال الصندوق إن الاقتصاد سينكمش بنسبة قدرها 2%.

وأشارت أنغلوس تايمز بعدها إلى أن الاستثمارات الأجنبية بدأت تشهد أيضاً حالة من النضوب، كما فقدت عملة الليرة المحلية حوالي ثلث قيمتها في السوق السوداء، حيث تم تداولها بحوالي 70 ليرة في مقابل الدولار. وانخفض أيضاً سعر الصرف الرسمي، من 47 ليرة إلى 57.9 ليرة. وفي مطلع شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) الماضي، كان يقول مسؤولون سوريون إن البلاد تمتلك احتياطات نقد أجنبية قيمتها 18 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يكفي لتأمين الواردات على مدار عامين. لكن اقتصاديين أوضحوا أن مليارات الدولارات ربما يتم إنفاقها في محاولة لدعم الليرة.

وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن ضعف قيمة العملة المحلية وتعطل خطوط الإمداد كانا من الأسباب التي وقفت وراء ارتفاع أسعار كافة السلع بدءً من البيض وغاز الطهي وانتهاءً بالثلاجات وأجهزة التلفاز.