ما زالت إلى اليوم وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على الثورة تسري قضية الأموال التابعة للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن على اللقاءات والحوارات في مختلف الفضاءات التي تضم نشطاء المجتمع المدني وتثير جدلا كبيرا حول مآلها وطرق استرجاعها وكيفية التصرف فيها على اعتبار أنها أموال ضخمة سرقت من الشعب يجب أن تساهم في سد حاجات بلد أنهكته الديون والاقتصاد المتعثر.


تونس: بلغت قيمة الممتلكات المصادرة التابعةللرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأصهاره وأقاربه نحو 13 مليار دولار وهي تضم قرابة 400 مؤسسة اقتصادية وحوالى 400 عقار ومجموعة من المنقولات في الداخل والخارج وذلك وفقا للتقديرات الأولية للسلطة التونسية.

مشاريع التنمية

خلال لقاء جمعه بإيلاف أكد السيد نزار بلحاج عمر خبير مالي واقتصادي ومختص في مجال تقييم المجوهرات والمصوغ أن لجنة المصادرة التي تمّ إحداثها بموجب المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14 مارس 2011 تشتغل على مصادرة جميع مكاسب الأشخاص المذكورين بالفصل 01 من المرسوم (بن علي وزوجته و112 شخصا آخر لهم علاقة قرابة أو مصاهرة) ما عدا ما انجّر لهم بموجب الإرث قبل صعود بن علي للسلطة سنة 1987، وفق الشروط المنصوصة بمرسوم آخر عدد 47 لسنة 2011 المؤرخ في 31 مايو 2011.

وقال إن هذه المداخيل ستوجه بحسب تقديرات الحكومة الموقتة إلى مشاريع التنمية المبرمجة في مختلف ولايات الجمهورية وسيتم صرفها في المخططات الوطنية والجهوية خاصة منها الموجهة لفائدة الفئات الهشة من محدودي الدخل وذوي الاحتياجات الخاصة من العائلات المعوزة وحاملي الإعاقات بانتظار كشف العديد من الأملاك والشركات خاصة أن عددا كبيرا من الممتلكات لم يتم التوصّل إليها بعدُبسبب تخفّي أصحابها وراء أسماء مستعارة أو هويات صورية إضافة إلى أرصدة بنكية ضخمة خارج تونس كشف بعضها ومازال بعضها الآخر قيد البحث والمراجعة فان لجنة المصادرة تواصل البحث في المسألة.

وقال محدثنا إن الحكومة التونسية قد دعت في وقت سابق الدول التي توجد فيها ارصدة مالية لبن علي وعائلته إلى التعاون لاسترجاعها، ولم تحدّد حتى الآن قيمة الارصدة المالية المهربة إلى الخارج، لكن منظمة الشفافية المالية التونسية وهي منظمة غير حكومية قدّرت قيمتها بحوالى 23 مليار دولار. وقال إنها أموال ضخمة إذا ما أحسن استغلالها ستساهم بصورة كبيرة في مساعدة المناطق الداخلية بالبلاد والتي تعاني الفقر والاحتياج خاصة إذا ما تم استغلالها في بناء وبعث مشاريع ضخمة فان مسألة البطالة بالجهات المحرومة ستحل ولو نسبيا وهو ما يجب التسريع بتنفيذه.

قانون صارم

من جهته أفاد الدكتور اسكندر الريحاني محلل اقتصادي أن القضية لا تكمن فحسب في مصادرة أملاك الرئيس المخلوع وعائلته التي من المتوقع أن تبلغ ما يقارب ميزانية الدولة وتوظيفها في مشاريع استثمارية وتنموية فحسب بل القضية تكمن في المحافظة على ما بقي في البلاد من ثروات وممتلكات والوقوف أمام كل محاولات استغلال السلطة والنفوذ لتكوين الثروات واستنزاف أموال الشعب وقال إن مرحلة بن علي ولت وانتهى زمنها وقد تم تكوين لجان تتابع عملية استرجاعها داخل وخارج البلاد ونحن على يقين بان الشعب التونسي لم يعد مغشي البصيرة والبصائر بل أصبح يعي جيدا ماذا يريد وأي الطرق يسلك وما بقي إلا أن يعلم الساسة الجدد ومن بعدهم القادمون ان ممتلكات تونس لشعبها فقط ولا احد يحق له استغلال مركزه للتفرد بها لنفسه أو لعائلته ومقربيه.

وقال إنه رغم ما يبدو من بطء في التصرف في الأملاكالمصادرة إلا أن مصادر من لجنة التصرف تقوم حاليا بتنظيم عمليات التفويت في مساهمات الدولة في 6 شركات مصادرة وتم الشروع في فتح عروض خلال جويلية الماضي في ما يخص 25 ٪ (حصة الدولة) في شركة تونيزيانا المشغل الثاني لخطوط الهاتف الجوال في تونس و 60 ٪ في شركة النقل للسيارات بينما يتم الإعداد لفتح عروض لبيع مساهمة الدولة في 99 ٪ من شركة laquo;سيتي كارraquo; و37 ٪ من laquo;قرطاج اسمنتraquo; و13٪ من مساهمات البنك التونسي و 100 ٪ من مساهمات المدرسة الدولية في قرطاج التابعة لزوجة بن علي وذلك قبل موفى السنة الحالية.

وختم الريحاني حديثه بأنه يجب سن قانون صارم ومحدد البنود يقطع مع كل محاولات التفرد بالتمتع بأموال الدولة والشعب وكف نزيف الأموال المهربة و صرف المليارات في أغراض شخصية مقننة بغطاء خارجي يحمل اسم المصلحة العامة وهي دعوة لشعب تونس بان يستفيق ويطالب بمتابعة ما تتوصل إليه أعمال لجان المتابعة وان يفهم كيف يفكر الساسة وحكام البلاط .ويضع خطا احمر يحجر مد الأيادي إلى ممتلكات الشعب.